“صفقة القرن”.. هل اكتمل النِصاب لتصفية القضية الفلسطينية؟
بقلم التهامي رزوقي
لا شك أن شوارع مدن عربية وإسلامية على موعد جديد مع احتجاجات كبيرة تنديداً بـ”صفقة القرن” التي سيطرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحلحلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي عمر طويلاً، صحيح ان بنود الصفقة لم تخرج للعلن بعد وضلت مجرد تسريبات صحفية من هنا وهناك تشير في مجملها الى صفقة كارثية على الفلسطينيين. في وقت سابق قال ترامب بأن اَي كلام عن بنود صفقة القرن هو مجرد دعاية إعلامية لا غير، لكن فلسلفة الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية يجعلنا نحكم على الصفقة قبل خروجها للعلن، حيث سيتم الإعلان عنها رسميا اليوم الثلاثاء على الساعة الخامسة مساءاً بتوقيت غرينتش.
كانت قرارات ترامب منذ توليه رئاسة البيت الأبيض كلها في صالح إسرائيل أولها دفاعه عن حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها (قتل المدنيين في قطاع غزة وباقي البقاع) ضد حركة حماس والجهاد الإسلامي وباقي الفصائل الفلسطينية، وكان اعترافه بالقدس عاصمةً لإسرائيل القشة التي قصمت ظهر البعير وبات جليًا أن ترامب هو أكثر الرؤساء الأمريكيين صداقة لإسرائيل كما صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ودعا هذا الأخير استغلال ولاية الرئيس الأمريكي الحالية لتحقيق مزيد من المكاسب والاعتراف، أما اعترافه بهضبة الجولان كجزء من إسرائيل فتقبله المجتمع الدولي ببرودة دم بعد قنبلةً الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
صحيح ان طرح الفكرة كان سنة ٢٠١٧ لكن الإعلان الرسمي عنها تأجل أكثر من مرة بسبب الأزمات السياسية التي تمر منها إسرائيل وعجزها عن تشكيل حكومة وهي في الطريق الى انتخابات ثالثة. لكن تأجيل الإعلان عن الصفقة له أسباب أكبر من ذلك وفي مقدمتها الأوضاع الجيوسياسة في منطقة الشرق الأوسط اذا أخدنا بعين الاعتبار ان الصفقة يوجد بها فاعلين اخرين في المنطقة. كان لا بد من استغلال الأزمات والتشرذم الداخلي الذي تتخبط فيه العديد من الدول العربية لإعلان الصفقة ولا يوجد افضل من الآن حيث دول الجوار الفلسطيني تعيش على وقع احتجاجات كبيرة (لبنان-العراق)، كما أن علاقة إيران بالعالم العربي أسوأ من اَي وقت مضى وهي أيضاً تعيش انفجاراً داخلية نتيجة الأحداث الأخيرة.
كما أن بذور التطبيع العربي الإسرائيلي نمت بشكل كبير في السر والعلن ويفتخر نتنياهو بأن نظرة الدول العربية لليهود تغيرت جذريًا ويحاول هنا أن يخلط الأمور لأن المشكل بالنسبة للعرب ليس مع اليهود كأصحاب ديانة لكن مع الصهيونية كتوجه سياسي استعماري، كما ان التطبيع الاقتصادي أصبح أكبر أكثر من اَي وقتٍ آخر. إن الحديث عن صفقة القرن كوساطة أمريكية للسلام بين الفلسطينين والأسرائيلين غير صحيح بتاتاً لعدم توفر شروطها وطرفيها، فالتنسيق الأمريكي كان مع إسرائيل فقط وإلا كيف يعقل أن يستدعي الرئيس الأمريكي رئيس حكومة تصريف الأعمال نتنياهو وزعيم المعارضة بيني غانتس لمناقشة الصفقة دون الطرف الفلسطيني؟ حيث رفض رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الرد على مكالمة ترامب.
بحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن صفقة القرن تضم العديد من النقاط الأساسية كلها في صالح إسرائيل وهي كالتالي:
– إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على مساحة 70 في المئة من أراضي الضفة الغربية.
– ضم المستوطنات الكبرى بالضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.
– إخلاء المستوطنات “غير القانونية” بالضفة الغربية.
– إضافة 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل.
– الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.
– نزع سلاح قطاع غزة
– تبادل أراض بين الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، بدلا من تلك التي ضمتها بالضفة.
– حرية العمل العسكري الإسرائيلي في مناطق الدولة الفلسطينية.
– إبقاء المناطق المقدسة بالقدس تحت السيادة الإسرائيلية.
– نقل بعض الأحياء الفلسطينية بالقدس للسيادة الفلسطينية.
كل هذا يعني أن الصفقة إن مرت هي في الحقيقة صفعة قوية للفلسطينيين الذين لا يرضون سوى بحل الدولتين على حدود ٦٧ وغير ذلك هو إعلان عن تصفية القضية الذي استشهد من أجلها الملايين من الفلسطينيين برعاية أمريكية وصمت عربي رهيب.
(المصدر: مدونات الجزيرة)