شيخ الأزهر ومعركة الخطاب الديني (1)
بقلم د. إبراهيم أبو محمد (مفتي أستراليا)
البعض يتعامل مع الأزهر وشيوخه على أنهم وزن معرفي عظيم القيمة كبير القامة، وأنا لست من هذا الفريق بالمناسبة، لأن الأزهر في نظري غير ذلك.
• فمنذ الطفولة وسنوات الوعي الأولى في حياتي ومع أول مراحل السعي لطلب العلم حين اختار لي أبى – رحمة الله عليه-أن أكون واحدا من الأزاهرة ورأيي في الأزهر – معهدا علميا وجامعا وجامعة ومؤسسة وقيادات ورجالا لم يتغير.
• فإذا أضيف إلى ذلك الوعي المعرفي والثقافي وتجارب الأيام وخبرات السنين، فإن يقيني يزداد بأن الأزهر لا يمثل القوة الناعمة بالنسبة لمصر وحدها، وإنما يمثل الرافد الحي والنهر المتدفق بالمعرفة الأصيلة لنا كمسلمين في أنحاء العالم المختلفة.
• وأؤكد أنه إذا كان البعض يرى الأزهر وإمامه وشيوخه على أنهم وزن معرفي عظيم القيمة كبير القامة، فأنا لست من هذا الفريق بالمناسبة، لأن الأزهر في نظري غير ذلك.
• الأزهر في نظري ميزان ترجع إليه وتحيل عليه ، وفرق بين أن تتحدث عن الوزن حجما ومقدارا وقيمة ومكانة ، وبين أن تتحدث عن الميزان الذى يحدد حجم الموزون، ويحدد قيمته ويحدد مقداره ، ويحدد معدنه ، ويحدد المفيد منه والضار، والمقبول منه والمرفوض.
• الأزهر ليس وزنا معرفيا وإنما هو ميزان يزدان العقل بمعرفته، ويعتدل الفكر بالدراسة فيه والانتساب إليه، ويتحصن القلب فيه بالاعتقاد الصحيح، كما يصان به الوجدان من التشوه العاطفي واختلال التوازن في الحب والكراهية.
• وأنا أدرك ذلك جيدا ويدركه عقل ووجدان من تربى في الأزهر وعاش في أروقته ودرس على أيدي شيوخه العمالقة الأطهار الأبرار، الذين حفظوا للدنيا أعلى وأغلي وأبقي وأخلد ما عرفته الدنيا من قيم حضارية وإنسانية.
• والبعض قد غره صمت الأزهر حين يترفع ويسمو عن مهاترات الصغار… فظن أن الأزهر أصابه الكِبَرُ وله ذرية ضعفاء، وأن قواه قد تلاشت أمام هجمات السياسة وصيحات أهل الهوى يا ليل، فَهَمَّ بالانقضاض، ظنا منه أنه يوجه الضربة القاضية للأسد في عرينه. فجاءه الرد صاعقا، يجرح عن علم، ويؤلم عن خبرة بمواضع الوجع لكن رده – رغم قوته – كان ممزوجا “بعطف طيب” يمسح مواضع الألم بود ويهذب النفس المتعالية بأدب ، ويحمي العقل المغرور من شرود. ويسد باب السمسرة والمتاجرة بالسخافات الثقافية.
(المصدر: قناة د. وصفي أبو زيد على التيليجرام)