شكوك الطلبة… ومناهج التربية والتعليم!
بقلم د. محمد العوضي
استكمالاً لما طرحناه في مقالين سابقين، إليكم هذه النماذج من التساؤلات الشبابية وشكوكهم التي صادفتها في حواراتي معهم خلال السنين الأخيرة، والتي ألحظ أنها آخذة بالتزايد حتى في مجالسهم الخاصة.
بل هي أسئلة باتت تتقاذف على المسلم المعاصر من كل صوب، وربما طرحها بينه وبين نفسه، وهي أسئلة طبيعية وسهلة عند المسلم المثقف ولكن عامة الناس يستحقون من يجيبهم عن هذه الاستشكالات العابرة على الأذهان أو المستقرة في عقول البعض، وهذه نماذج سريعة لبعضها:
1- لماذا يريدنا الله أن نعبده، وهو مستغنٍ عنا وعن عبادتنا؟
2- ماذا نفعل إذا تعارض الدين مع العلم؟! أليست هذه ورطة المسلم المعاصر؟
3- كيف لدين وتشريع نزل في ظروف زمانية ومكانية وثقافة خاصة ومتواضعة، أن يستوعب واقعنا المعاصر المعقد؟
بتعبير آخر كيف يصلح دين ثابت قديم لواقع متغير جديد؟!
4- إذا كان المسلمون على الدين الحق؛ فلماذا هم في ذيل الأمم اقتصادياً، واجتماعياً، وعلمياً، ويغرقون في التخلف ويعانون الهزائم؟
5- أيهما أفضل: إنسان لم يعرف الإسلام، بل لم يؤمن بالأديان، لكنه مسالم، طيب، ويقوم بأعمال إنسانية…
أم مسلم ولكنه سيئ الأخلاق، مرتشٍ، يسطو على حقوق الناس، وربما يقتل الأبرياء بدم بارد؟
6- تقولون العلم يدعو إلى الإيمان، بينما نرى أن أكثر علماء الطبيعيات ملاحدة، أو متشككين، أو بلا أي دين؟
7- ألا ترى أن من أحكام الشريعة ما لا يتناسب مع العصر، خصوصاً أحكام العقوبات والحدود؟!
8- لماذا يكون فهم النصوص الدينية القرآن والسنة حكراً على أناس معينين، ولماذا نعطّل عقولنا، ونستسلم لاجتهادات فقهاء قدماء، ماتوا من قرون؟!
9- هل أنت مقتنع وراض بمكانة المرأة، وحقوقها في الإسلام؟
ألا تشعر بأن الشريعة متحيزة للذكور على حساب الإناث؟
10- بماذا ترد على الذين يقولون إن قصص القرآن وأحداثه مستنسخة من أديان سابقة، وأن أحكام الشريعة منقولة من حضارات قديمة؟!
11- لماذا لا نكتفي بالقرآن عن الحديث والسنة النبوية التي كثر الكلام حول ثبوتها، وثارت إشكالات عديدة حول عقلانيتها؟
لهذه الأسئلة ومثيلاتها ولطبيعة المرحلة الزمنية التي نعيش فيها حيث أخذت اللادينية الماركسية والاشتراكية بالتراجع والضمور وانتصر النموذج الليبرالي بالنفس الأميركي، صار للإلحاد وعموم الفكر اللاديني والعلماني سمات تخصه رغم بعض القواسم المادية المشتركة.
مع الأخذ بالاعتبار أن هذا النموذج في الإلحاد الجديد وروافده الفكرية يأتي ضمن استراتيجية غربية معلنة وأجندة تغريبية آخذة في التنفيذ كما شرحنا ذلك بمقالنا (الليبراليون الجدد… عمالة تحت الطلب).
لكل هذا كان لا بد من مراجعة مناهج التربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم وتطويرها، وكذلك مقررات الثقافة الإسلامية في الكليات الشرعية وغير الشرعية لكونها مقررات عامة وتجديدها بتدريس (نظرية المعرفة) و(قواعد العقائد) وغير ذلك مما يعرفه المختصون.
كما أدعو الوالدين والمدرسين والمهتمين بحوار أصول الأفكار لدى الأبناء واعتماد طريقة الإصغاء المركز للطلبة وتشجيعهم على البوح بما في عقولهم من استشكالات وأن يكون شعارنا التربوي (اسأل ولا تخف)!
لأن الشبهات والتشكيكات وصراع الأفكار الذي كان يدور سابقاً في الأروقة العلمية وبين النخب الثقافية وصلت اليوم إلى ما دون طلبة الثانوية وبشكل فوضوي ومكثف ومغرٍ ومقصود عبر وسائل التواصل الحديثة التي توافرت لدى الصغار أحياناً قبل الكبار بهدف خلق جيل ملحد أو متشكك من أبناء المسلمين، لهذا كان الواجب أن تتضافر الجهود لكسر موجات التشكيك والحفاظ على الأمن المجتمعي بتقوية الإيمان «عقلياً» و«منهجياً» عبر الالتفات لهذه المعضلة والتصدي لها.
(المصدر: صحيفة الراي الالكترونية)