شروط الاعتكاف بالمنزل
أكّد علماء وأساتذة في الفقه أن اعتكاف الرجل بمسجد بيته في البلاد المغلقة مساجدها بسبب تفشي وباء كورونا جائز شرعاً. وشدد العلماء على ضرورة أن يلتزم الراغب في الاعتكاف بالمنزل بشروط وضوابط الاعتكاف الظاهرة بنص القرآن الكريم وبفعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، والصحابة، كأن يكون بالمنزل مكان مخصص للصلاة يأخذ حكم المسجد وليست غرفة تم تحويلها كمصلى بسبب الظروف الراهنة وسيتم إعادتها إلى أصلها بعد زوال هذه الأزمة، بالإضافة إلى الانقطاع التام عن الأهل وكل ما يشغل العبد عن الطاعة والعبادة وعدم ترك معتكفه إلا لقضاء حاجته أو لضرورة قصوى.
من جانبه أفتى فضيلة د.علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأنه بناء على عدم إمكانية الاعتكاف في الجوامع والمساجد بسبب تفشي وباء كورونا واتفاق المؤسسات الدينية على ذلك، وبناء على التوجيهات الصحية، وبناء على خطورة هذا الوباء وتأكيد المتخصصين (أهل الذكر) تأكيداً قاطعاً على أنه مرض معدٍ خطير ينتقل بسبب التجمعات، وغير ذلك مما ذكرته الجهات المتخصصة الإقليمية والدولية.
وبناءً على الخلاف بشأن اعتكاف الرجل بمصلى بيته ظهر لنا ما يأتي: أولاً: جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، واحتساب أجر الاعتكاف لها بإذن الله تعالى، وبخاصة في ظل عدم فتح المساجد والجوامع للمعتكفين.
ثانياً: جواز اعتكاف الرجل في مسجد بيته في البلاد التي تكون الجوامع والمساجد كلها غير مفتوحة للمصلين والمعتكفين، ويحسب له أجر الاعتكاف بإذن الله تعالى.
أما إذا كانت مفتوحة كما في بعض البلاد فلا يجوز اعتكافه في غير المساجد العامة، بل الأفضل هو أن يعتكف في المسجد الجامع الذي تصلى فيه الجمعة.
وقال د. سلطان الهاشمي العميد المساعد للبحوث والدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر: إن الاعتكاف سنة ولا داعي للتضييق على الناس في هذا الأمر لاسيما ونحن في حالة ضرورة وهي تفشي فيروس كورونا والناس تريد تحصيل الثواب ولكن يتعيّن الالتزام بشروط الاعتكاف ومنها ألا يكون هناك ما يقطع هذا الاعتكاف إلا اذا كان أمراً ضرورياً وينعزل عن أهل بيته ويجلس في مصلاه وينشغل بالذكر وقراءة القرآن والتهجد ولا بأس في أن يتناول طعام الإفطار مع أولاده ثم يعود لمكان الاعتكاف.
الحجر الصحي
وأوضح د. محمود عبدالعزيز يوسف أستاذ الفقه المقارن أن بقاء الناس في بيوتهم، والتزام الحجر الصحي الذي يعيشه الناس، يرجح رأي بعض المالكية بجواز الاعتكاف في مسجد البيت، وذلك بشروط منها : أن يكون ذلك في مسجد البيت، وليس كل البيت، بمعنى أنه لابد من وجود مسجد أو مكان خاص بالصلاة، لا يستعمل إلا للصلاة ، أن يلتزم المعتكف مسجد بيته، لا يخرج منه إلا لضرورة، كقضاء الحاجة ونحوها، فيمكث فيه طوال فترة الاعتكاف، أما أن يبقى فيه بضع ساعات ثم يعيش حياته الاعتيادية، فليس باعتكاف، وأن ينشغل المسلم بعبادات الاعتكاف في مسجد بيته، من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، وبذلك يتحقق مقصود الاعتكاف، وإن هذا الاختيار مبني على مراعاة الظروف التي يعيشها الناس، فإن زال العذر؛ عاد الحكم إلى أصله، وهو اشتراط المسجد للاعتكاف، ويبقى الاعتكاف في مسجد البيت للمرأة، على ما ذهب إليه الحنفية والشافعي في القديم.
الاعتكاف المندوب
واعتبر د. عبدالحكيم السعدي أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر أن الاعتكاف المندوب إليه هو الاعتكاف في المسجد وله شروطه وسننه ومبطلاته ومحرماته وأما المصلى في البيت إن خصصه صاحب البيت مسجداً كما يفعل البعض بجعل ملحق من الملاحق مسجداً فهذا يأخذ حكم المسجد الموقوف لأنه أصبح وقفاً وبالتالي فإن الاعتكاف فيه هو اعتكاف بمسجد ويأخذ أحكامه كاملة.
وأضاف: أما المصلى أو الغرفة التي تخصصها الأسرة في البيت للصلاة ولم تُنذر مسجداً فإنها لا تأخذ حكم المسجد لأنها غير موقوفة لهذا الغرض فقد يحتاجون هذه الغرفة لغرض آخر غير الصلاة ويلغون الصلاة فيها وربما يستبدلونها بغرفة أخرى فهذه لا تأخذ حكم المسجد فيجوز للجنب أن يمكث فيها وللحائض أن تدخلها وهكذا بقية الأحكام.
وأكد أن الاعتكاف فيها لا يعد اعتكافاً بمسجد بل هو اعتكاف لغوي فلا يأخذ حكم الاعتكاف في المسجد مثل عدم جواز الخروج من الغرفة إلا لحاجة وعدم مقاربة الزوجة وما إلى ذاك من أحكام الاعتكاف.
ونوّه بأنه من حيث الثواب والأجر فإننا نرجو الله أن ينال المعتكف في مصلى البيت ثواب المعتكف في المسجد إذا كان اعتكافه فيه بعذر كما هو الحال بسبب انتشار وباء كورونا وعدم وجود مساجد يعتكف فيها فإن المعتاد على الاعتكاف في المسجد وقد حرم منه لهذه الظروف لكن لا يعد معتكفاً إلا من الناحية اللغوية.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين نقلاً عن صحيفة الراية)