عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفطَرَ الحاجمُ والمحجوم))؛ رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وصححه الأئمة: أحمد، وابن المديني، وابن راهويه، والبخاري، والعُقيلي، وابن خزيمة، والحاكم، وغيرهم[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: الحجامة هي إخراجُ الدم من البَدَن بآلةٍ خاصة تسمى المِحْجَمَ، أو المِحْجَمة، ودل الحديث على أن من المفطِّرات إخراجَ الدم بالحجامة، وهذا مذهب الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، واللجنة الدائمة للإفتاء، وشيخنا ابن باز، والعلامة ابن عثيمين رحمهم الله[2].
الفائدة الثانية: الدم الخارج من البدن بغيرِ الحجامة نوعان:
النوع الأول: ما يلحَقُ بالحجامة في الحُكْم، وهو الدم الكثير المؤثِّر على البدن؛ مثل: سحب الدم الكثير للتبرع به، فلا يجوز للصائم ذلك، وإذا فعله للضرورة فقد أفطر، ووجب عليه القضاء.
النوع الثاني: ما لا يلحَقُ بالحجامة في الحكم، وهو الدم اليسير الخارج من أي جزء من أجزاء البدن، وهذا لا يفسد الصيام؛ مثل: خروج الدم بالرعاف، أو قلع السن، أو الجرح، أو سحب الدم القليل للتحليل، أو خروجه من اللِّثة باستعمال السواك أو فرشاة الأسنان؛ فلا يفطر الصائم بذلك؛ إذ لا يؤثر في البدن كتأثير الحجامة، والأصل صحةُ الصوم إلا بدليل، ولا يُفطِر الإنسان بخروج الدم الكثير بغير اختياره، كما لو كان بسبب حادثِ سيارة أو غيره، لكنه إذا احتاج إلى الفطر لضعفه أفطر وقضى.
الفائدة الثالثة: من المفطِّرات التقيُّؤ عمدًا، وهو إخراج ما في المَعِدَة من طعام أو شراب عن طريق الفم، قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدًا[3].
(المصدر: شبكة الألوكة)