مقالاتمقالات المنتدى

شجاعة عالم من فلسطين

شجاعة عالم من فلسطين

 

بقلم أ.د. محمد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

أظهرت الدولة العبيدية بدعها الكفرية حين أمرت بلعن أمهات المؤمنين والصحابة الميامين علی رؤوس الأشهاد في المساجد على المنابر وفي كل ناد في أرجاء البلاد؟! وحاربت السنن النبوية ونشرت البدع القرامطية فقام الإمام الرباني: (أبو بكر النابلسي) -رحمه اللّه- بواجبه في الدعوة إلی اللّه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يخف في اللّه لومة لائم! وأصدر فتواه الشهيرة بوجوب جهاد كل المرتدين عن هذا الدين فقبض عليه الوالي الدمشقي وأرسله مقيداً في القفص الخشبي إلى الحاكم المصري! كان بإمكان هذا العالم النحرير أن يلتمس لنفسه المعاذير فيقوم بسحب فتواه لأن طاغية مصر سيعذبه العذاب الأكبر! لكن إمامنا العالم العامل المجاهد الصالح المصلح العابد قد جاد بنفسه في سبيل اللّه ولسان حاله يردد قول نبي اللّه محمد ﷺ: {إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ حقّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ} قال حاكم مصر العبيدي لأبي بكر النابلسي: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع المسلم عشرة أسهم فيجب عليه أن يرمي في الرومان تسعاً وفينا سهماً؟! فماذا كان رد شبيه حمزة سيد الشهداء رضوان اللّه عليه؟ قال: ما قلت ذلك! حينئذ فرح الطاغية الأشر فرعون مصر في ذلك العصر وظن أن إمامنا من علماء السلاطين المنافقين وأنه سيتراجع عن فتواه بفلسطين لكن النابلسي قال بصوت عال وقد استشعر عظمة اللّه ذي الجلال لقد قلت: من كان معه عشرة أسهم وجب عليه أن يرميكم بتسعة وأن يرمي العاشر -الأخير- فيكم لأنكم غيرتم الدين وقتلتم دعاة ربانيين اللّه أكبر! إنها كلمة الحق أمام السلطان الجائر وإنه العهد الذي أخذه رب الأرض والسماء على كل العلماء: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ وهنا اشتد غضب الحاكم اللعين وزمجر غاضباً يصيح كالمجانين بحثالة السجانين: شهروا به قبل موته! بمعنی طوفوا به وهو مقيد في الأسواق أول يوم ثم اضربوه بالسياط في اليوم الثاني واسلخوه في اليوم الثالث! هكذا صدر هذا الحكم الجائر من هذا السلطان الكافر الذي أمر يهودياً -من أهل الذمة- أن يسلخ جلده عن لحمه وعظمه: زيادة في التنكيل بإمامنا العالم الجليل! وحين سلخه الجزار من رأسه لنحره كان يذكر ربه! وقد رحمه الجزار فطعنه في فؤاده ليريحه بعد أن تأكد من عدم وجود أحد يخبر الوالي بقتله بدل سلخه! وبعد موت هذا الإمام سمع من جسده تلاوة القرآن والعجيب إخوة الإيمان: أن لحم الإمام كان يقطع وهو يذكر اللّه تعالی بدون أن يتزعزع!! (يجود بالنفس إن ضن البخيل بها: والجود بالنفس أقصی غاية الجود)! سيظل علماء فلسطين نبراساً للمؤمنين!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى