سيناريو تتبير علو الشرذمة اليهودية
بقلم أحمد طوطح
إن الناظر والمتأمل في مسار الاحتلال الإسرائيلي الظالم وتاريخه، ليدرك تمام الإدراك أن هذه الدولة تأسست على البطش، والظلم، واغتصاب الحقوق، من أول يومٍ لها على هذه الأرض، وهي دولةٌ زائلةٌ لا محالة، وعلى الرغم من المدد والدعم الذي يصل إليها. يقول الشيخ القائد أحمد ياسين: «إن إسرائيل قامت على ظلم وكل كيان يقوم على الظلم مصيره الدمار». أما متى سيكون ذلك؟! فقد تحدث عنه الكثير، وخاصة الشيخ باسم جرار في كتابة «زوال إسرائيل 2022». إذ تحدث جرار في كتابه عن الإعجاز العددي في القرآن، بطرح المواضيع بطريقة علمية وتاريخية، وكيف أنه توصل بطريقة الحساب إلى تاريخ زوال إسرائيل من خلال سورة الإسراء. نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن موعد الزوال، فزوال دولة الاحتلال وتتبيرها أمر حتمي لا يعتريه شك؛ لأن السنن الربانية التي جاء بها الوحي القرآني، وما يستنبط من دراسة التاريخ، أو متابعة الوقائع، وما يستأنس به في واقعنا من إرهاصات لتعطينا الكثير من الإشارات التي تؤكد لنا حقيقة زوال تلك الدولة بزوال المؤسسين لها وهزيمتهم. فلا ينبغي أن يشغل بال المسلم كثيرًا؛ لأن هذا أمر متحقق، ولا بد من وقوعه، لقول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَقُومُ السَاعَةُ حَتَى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَهِ هَذَا يَهُودِيٌ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَا الْغَرْقَدَ فَإِنَهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم).
ما السيناريو الذي ستنتهي به دولة الاحتلال؟! الحقيقة أنه لم يرد أحاديث نبوية صحيحة في كيفية زوال إسرائيل، ولا يوجد سيناريو واضح لزوالها، لكن لا شك أن معركة التتبير التي ستدور في آخر الزمان بين معسكر المسلمين ومعسكر اليهود ستمر بعدة مراحل، وهذه المراحل سيكون لها تأثير قوي في الساحة العالمية والدولية.
المرحلة الأولى: زوال الأنظمة العربية الظالمة
إن هنالك مفاهيم ودوافع متعددة للشعوب العربية المتعطشة للانتقال من حالة التهميش إلى التأثير، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بثورة على الأنظمة العربية وحكامها بدءًا بمصر ووصولًا إلى لبنان، بإسقاط جميع الكيانات السياسية التي حَرَمت شعوبها من أطلال الحضارة العربية التي دُمِرت بطريقةٍ ممنهجة، على يد أنظمةٍ أخطأت تقدير الشعوب، وراهنت على الأمريكي الذي خطط لسياساتٍ تجمع في أهدافها، بين العولمة الاقتصادية القائمة على نهب الأسواق، وعولمة الدين، التي تقودها مجموعاتٌ تكفيرية، تتاجر بالدين لتحقيق أوهام الخلافة الإسلامية. يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي: «إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، وقبل أن ينال من شرفها غريب، إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد، وينتقص من قدرتها على المقاومة الرائعة، كفساد النفوس والأوضاع، وضياع مظاهر العدالة، واختلال موازين الاقتصاد، وانقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مُضيع منهوك، وأقلها يمرح في نعيم الملوك».
المرحلة الثانية: محاولة تطبيق فكرة دولة إسرائيل الكبرى
يوجد لدى اليهود عقائد قد كتبوها في كتبهم المقدسة بأيديهم، هي أقرب إلى الأساطير منها إلى الحقيقة، بل هي من الأساطير، وعلى الرغم من ذلك فإنهم يريدون تحقيقها على أرض الواقع بوصفها عقائد نزلت من عند الرب اختص بها بني إسرائيل، ولقلة عددهم وضعفهم عبر التاريخ بالنسبة لبقية سكان الأرض، فإنهم احتاروا في كيفية تطبيقها، فكان مشروع تطبيقها عبارة عن العقدة اليهودية التي يخشون عدم القدرة على تطبيقها على أرض الواقع، وبالتالي يخشون من التشكيك في مصداقية كتبهم المقدسة. حينها ستبدأ إسرائيل بتطبيق أخطر وأقدم خطة خطط لها منذ آلاف السنين، وهي تطبيق فكرة «دولة إسرائيل الكبرى» من النيل إلى الفرات عن طريق مخطط «صفقة القرن»، مستغلة التخبط الذي سيعيشه المسلمون. عندما ستبدأ إسرائيل الحرب مع الدول المجاورة لها بحجة الخلافة، ستشكل خطرًا عليها وعلى أمنها، ستبدأ إسرائيل بضرب التجمعات الإسلامية بمصر، والأردن، وسوريا، والعراق، وبعض الدول الأخرى، وعلى إثر ذلك ستدخل إسرائيل حربًا ما بين الحروب، مع بعض الأحزاب العسكرية، خاصة في فلسطين، ولبنان، وسوريا، وإيران. هذه المرحلة قد تسبق المرحلة الأولى.
المرحلة الثالثة: تضاعف الأزمات الداخلية الإسرائيلية
إن من يقرأ ويتقصى الحقائق ويتعمق في الداخل الإسرائيلي ويطلع على التناقضات والمشاكل الاقتصادية والداخلية، يدرك ضعف هذا المجتمع وفراغه من الداخل، بل يدرك كمًّا كبيرًا من الصراعات والمشكلات، والفساد، والشذوذ. ما بين التصدع القومي والتصدع الديني، والطائفي، والطبقي، تشكل عوامل انهيار دولة إسرائيل في المستقبل القريب، أو على أقل تقدير دخولها في دوامات الصراع الداخلي وخاصة في التجنيد العسكري الذي بات أقرب للتصدع من غيره. وهنا يتجلى قول الله – عز وجل- «بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ».
المرحلة الرابعة: الزحف الإسلامي الكبير
إسرائيل بترسانتها ستضرب بقوة وتدافع بعنفٍ يُولِد إصرارًا أكبر للحشد الموحد من المسلمين في شتى بقاع الأرض، فيما الأب الأمريكي مشغول بأزماته، تزداد الأمور سخونة باشتعال الجبهة الجنوبية «سيناء وغزة»، وتدور ملحمة من أروع ملاحم التاريخ يُدرِك فيها العرب أن تلك الجيوش التي بناها حكامهم لعشرات السنوات وأنفقوا عليها الغالي والنفيس، لم يكن لها ذكر في أهم معركة في تاريخهم المعاصر، وسيكون للإعلام دور بارز في هذه المرحلة، وأن تحرير بيت المقدس يمر عبر دماء وأشلاء عشرات الآلاف من المجاهدين المخلصين، الذين أقاموا العدل في شتى بقاع الأرض، فلم تربطهم هويات، ولم تمنعهم لا حدود ولا مفاوضات زعماء فاسدين من هذا الزحف المبين، بملحمة تتغير معها النظريات العسكرية، ويضاف لها تكتيك جديد، فلا شيء يستطيع أن يوقف هذه الترسانة الصاروخية، وعرمرم الجيوش الزاحفة، عندما يشعر الاحتلال أنه أمام حتمية تهديد البقاء يرحل من يرحل، فيما الآخر يهدم بيته بنفسه، فما أشبه الليلة بالبارحة؟! فاليهود هم اليهود، وهذه هي صفاتهم وطبائعهم يقول الله –عز وجل- «مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُوا أَنَهُم مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِنَ اللَهِ فَأَتَاهُمُ اللَهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار».
وختامًا، نعدك يا سيدي يا رسول الله، أن نكون كما أنت، أن نجعل الشمس رايتنا والأرض خيمتنا، وأن يرتجف العالم من عظيم ما سنصنع. وأسأل الله العلي القدير أن يكتب لي أجرين باجتهادي، فهذه حسابات بشر والبشر يخطئون حينًا ويصيبون حينًا آخر، فالنصر نصر لا محال وأن تعددت حساباته، من حيث لا نحتسب ولا يحتسبون لقوله «فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا».
(المصدر: ساسة بوست)