بقلم د. يوسف السند
الحمد لله، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مدح الله خُلقه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {4}) (القلم)، وزكى بصره: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى {17}) (النجم)، وحفظ نطقه ولسانه: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4}) (النجم)، وأقسم الله بعمره المبارك: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ {72}) (الحجر).
وأقسم الله بحياة رسوله الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، وما أقسم بحياة أحد غيره؛ تمجيداً له وتعظيماً وتشريفاً له وتكريماً. (محمد كريّم راجح، قبس من القرآن الكريم).
وكم حاول الطغاة تشويه سمعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فارتدت سهام مكرهم إلى نحورهم فباؤوا بالخسارة والبوار؛ (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً {9}) (الفرقان).
وبعد أن استخدم الكفار التعذيب والضرب والسجن والنفي والقتل، تحولوا بعد ذلك لاستخدام الآلة الإعلامية المتاحة في عصرهم، وذلك بعد أن ظهرت للمسلمين دولة وقوة وحضور اجتماعي واقتصادي وسياسي، فكانت الآلة الإعلامية بالتالي:
– الإفك والكذب.
– الإشاعة والتحريض.
– والتوهين والتثبيط.
– السخرية والضحك.
– الشعر.
– التجريح والتشكيك.
– الطعن والافتراء.
ثم قوي إعلام الكفار والمنافقين بانضمام إعلام اليهود؛ فكان الإرجاف وخلخلة الثوابت لدى المسلمين، حتى نزل القرآن الكريم كالصواعق الحارقة على الكافرين والمنافقين واليهود (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً {60} مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً {61} سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً {62}) (الأحزاب).
ومن وسائلهم إثارة الشبهات حول الدعوة ورسولها صلى الله عليه وسلم ورموزها ورجالاتها ودعاتها، ومن ذلك ما كانوا يثيرونه ضده – صلى الله عليه وسلم – وهو يعرض الإسلام على القبائل، ويبلغهم رسالة ربه، فقد رُوي أن أبا لهب كان يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الناس بعكاظ، وهو يقول: يا أيها الناس، إن هذا قد غوى فلا يغوينكم عن آلهة آبائكم. (مسند الإمام أحمد).
وسيظل الطغاة والظلمة ينهشون في أعراض العلماء والدعاة لعداوة الظلمة للإسلام، ظانين أنهم بتشويه سمعة الدعاة سينالون من الإسلام العظيم فيعملون الآتي:
– التشويه المعلن والمتعمد في الصحف المقروءة العادية والإلكترونية.
– إنتاج المسلسلات الهابطة والكاذبة، وتسخير بعض الممثلين والمخرجين وتسييرهم بالمال وإغرائهم لحرب الدعاة في وقت لا يستطيع الدعاة أن يدافعوا عن أنفسهم وسمعتهم ودينهم!
– تخوين الدعاة المصلحين وتكذيبهم.
وهذا ما حدّث عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ، قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ” (حسن بشواهده).
– إلصاق التهم بالدعاة المصلحين؛ “إن أحبكم إليَّ أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضكم إليَّ المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة؛ الملتمسون للبرآء العيب” (حسن لغيره).
وهذا هو منهج الظلمة في كل زمان ومكان؛ منهج عقيم، وتبذل سقيم، واتهام باطل، وتخوين كاذب، وهذا كله زبدٌ يعرفه الناس عبر التاريخ (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {17}) (الرعد).
ويظل الدعاة صادقين مع ربهم واثقين بأنفسهم ومنهجهم محبين لإخوانهم ودعوتهم، وإن سمعة الدعاة تتحدى الطغاة طال الزمان أم قصر، ولله در حسن البنا حين خاطب الدعاة: لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد، ومازال في الوقت متسع، ومازالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد، والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته.
والحمد لله رب العالمين.
*المصدر : المجتمع الكويتي