أكد عضو مجلس امناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الداعية الإسلامي البارز سلمان العودة أن إفشال المحاولة الانقلابية جنب تركيا الدخول في صدامات قد تصل إلى “حرب أهلية”، معتبرًا أن نجاح الانقلاب كان سيدخل تركيا إلى المجهول ويعيدها إلى الوراء عشرات السنين.
وأشاد “العودة”، بما حدث في تركيا وقال إن “تركيا نموذج ديمقراطي لا مثيل له في المنطقة، لذلك كانت عملية الانقلاب (الفاشلة) أسوأ ما يكون، وكانت بمثابة انقضاض على إنجازات ومشاريع كثيرة، ولو نجح الانقلاب، لا قدر الله، لرجعت البلاد عشرات السنين إلى الوراء”.
ووصف العودة ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة، منتصف الشهر الماضي، بأنها “كانت تاريخية بامتياز، وكانت الحد الفاصل بين حالة الإحباط والأمل، لأن تركيا لم تعد دولة للأتراك (فقط)، بسبب أنها آوت الملايين من اللاجئين المسلمين”.
وأضاف في حوار مع وكالة الأناضول: “تركيا نموذج ملهم، بسبب أننا نواجه التوغل الإيراني والاستحواذ الصهيوني في المنطقة العربية، كما أن تركيا تشكل مرحلة التفاؤل والأمل، وهي تحتفظ بعلاقات مميزة مع الدول العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص، وتسعى لتجميل هذه العلاقات”.
وبيّن “العودة” أن “الناس الذين رحبوا بالانقلاب، هم أنفسهم الذين نسمع منهم كلمات رومانسية فيما يتعلق بالأمن الصهيوني، لكننا في الوقت ذاته نسمع منهم كلمات القوة والانفعال إذا كان الأمر يتعلق بدولة عربية أو إسلامية، والعالم عبًّر عن دعمه للشرعية بصوت خفيض”.وأكمل: “هذا يوحي أن ساسة الغرب ما زالوا يتصرفون وفق أحقاد الحملات الصليبية، وثبت بوضوح أن أوروبا وأمريكا عندهم الخوف الحقيقي من الإسلام، وأنه تبعاً لذلك ليس لديهم مشكلة أن تنزلق تركيا مثل مصر أو سوريا أو العراق، وحتى لو أدى ذلك إلى أن تتضاعف العمليات الإرهابية في الغرب، لكنهم يرون أنهم يدفعون شراً أعظم عن أنفسهم وهو القوة الإسلامية المتصاعدة والنامية في تركيا بحسب رأيهم”.
وضرب “العودة” مثلا بأن “أمريكا أبدت أكثر من مرة قلقها من قانون إعلان الطوارئ والتوقيفات التي تجري (بتركيا)، وأنا أتذكر أحداث سبتمبر (أيلول 2001) في أمريكا، ولم يكن وقتها حدث يختطف الدولة، بل إنما عملا إرهابياً في منطقة معينة، وهو عمل بكل حال مدان”.
وتابع قائلًا: “لكن أمريكا بعد هذه الحالات غيّرت كل سياساتها، وحتى في حقوق الإنسان لسنوات طويلة، واعتقلت الكثيرين، وأنشأت سجون بعيدة عن الرقابة، وشنّت حربا على أفغانستان واحتلت دولا عربية، ثم دمرت العمل الخيري في العالم كله، ولاحقت الملايين من الناس حول العالم، ومعيب أن يكون الإنسان ينتقد على دول شيئا وهو عمل عشرات أضعافه بمناسبات أقل أهمية”، بالإشارة إلى الموقف الأمريكي تجاه تركيا.
وخلال الأسبوع الماضي، أعرب كل من مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية (سي أي أيه)، جيمس كلابر، وقائد عمليات المنطقة الأمريكية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل، في ندوة بمنتدى أسبن الأمني، بولاية كولورادو، عن قلقهما من “إبعاد وإقالة عدد كبير من المسؤولين العسكريين الأتراك”، ممن تورطوا في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز الماضي، بدعوى أن ذلك “قد يعرقل التعاون التركي-الأمريكي في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي”.
وأوضح قائلا: “المحاولة التي قامت بها جماعة فتح الله غولن، هي افتئات على الشعب التركي كله، وحتى على الحكومة وأحزاب المعارضة، والحقيقة نجد أن سمعة الإسلام اليوم في خطر، من خلال الأعمال الإرهابية والقتل وأشياء كثيرة جدا، وكانت هذه الجماعة تقدم نفسها في العالم على أساس الحب والتعايش والسلام، ثم نجدها الآن تقتل المئات وتصيب الآلاف من أبناء الشعب التركي”.
ورأي “العودة”، أنه، “لو نجح الانقلاب، لكان من الطبيعي حينها أن نجد مصادمات داخل الشعب التركي، وقد تتحول إلى حرب أهلية، وستفتح تركيا إلى المجهول، فأين العقلانية ومبادئ التعايش التي يتبنوها (منظمة غولن)”.
وتساءل “ما هو المسوّغ من توريط الآلاف من العسكر في المواجهة مع شعبهم، وهذا الشئ سيصنع إشكالات كبيرة جداً، وهنالك مسألة التغرير بالناس التي تقوم بها الجماعة، حتى أن هنالك الكثير من الجنود الذين خرجوا لم يكونوا يعرفون أنهم يقوموا بانقلاب”.
وقال “العرب كانوا ينظرون إلى تجربة جماعة غولن على أنها تجربة اجتماعية واقتصادية وتعليمية، لذلك تحول هذه الجماعة إلى كيان موازٍ أعطى دروس من الصعب أن تنسى باسم الإسلام والسلام”.
ولفت “العودة”، حول التقارب السعودي التركي، إلى أن “هناك مصلحة للعرب والمسلمين من وراء تقارب البلدين، لأن السعودية بلد الحرمين وهي بلد محوري إسلامي، وتركيا أيضاً بلد تاريخي وإسلامي عريق، وكلاهما يحتاج إلى الآخر، ومتانة هذه العلاقة ورسوخها هو مصدر أمل للعرب والمسلمين”.
*المصدر : موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين