بقلم عبدالعزيز صباح الفضلي – بوابة الشرق
يعتبر الدكتور ” سلمان العودة ” من أكثر دعاة ومفكري العصر الحديث ، الذين بذلوا ما في وسعهم من أجل نُصرة أمتهم ، وتوعية أبنائها وبناتها ، ورجالها ونسائها لما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم .
الشيخ “سلمان العودة ” مرّ بالعديد من التجارب في حياته ، مما ساعد على صقل شخصيته ، وتوسيع مداركه ، وإكسابه قدراً كافيا من العلم والخبرة مما جعله قِبلة للكثير من طالبي الحق والمدافعين عنه .
ابتُلي الشيخ ” العودة ” بعدة ابتلاءات ، فكان يخرج بعدها أصلب عوداً ، وأكثر ثباتاً ، وأكبر همّة في الدعوة إلى الله .
ومن الابتلاءات التي مرّت في حياة الشيخ – وقد تكون من أصعبها – فَقْدُ أقرب الناس إليه ، وأحبهم إلى قلبه .
الشيخ سلمان فقد ولده ” عبدالرحمن ” ذا الثماني سنين ، قبل سنوات في حادث أليم ، وكان الشيخ وقتها خلف القضبان ، وزادت المرارة أنه لم يتمكن من الصلاة عليه ، أو حتى إلقاء نظرة الوداع على جثمان الصغير قبل أن يضمّه اللحد .
ثم جاءت الفاجعة الأخرى والتي فقد فيها – قبل أيام – إحدى زوجاته ومعها ولدهما ” هشام ” وأيضا في حادث أليم .
ومن الواضح أن للفقيدة – رحمها الله تعالى – مكانة وتقديرا كبيرا في قلب الشيخ ” العودة ” حيث كتب عبر حسابه في التويتر تغريدة عبّر فيها عن حزنه الشديد على رحيلها حيث قال ” هيا السياري .. حين رحلتِ أدركت أنّي لا أستحقك ، اللهم في ضيافتك وجوارك ” .
إن فقد الأحبة ابتلاء أصاب خير البشر وفي مقدمتهم محمد صلى الله عليه وسلم ، والذي فقد خلال حياته زوجته خديجة ، وأولاده الذكور وبعض بناته .
وهو قدوتنا ومعلمنا ولم يكن يزيد في ذلك الابتلاء عن قول ” إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ” .
الرحيل عن الأحبة سُنّة ماضية قالها جبريل عليه السلام لنبينا عليه الصلاة والسلام ” يا محمد .. أحبب من شئت فإنك مفارقه ” .
لذلك من تحبهم إما سترحل عنهم ، أو أنهم سيرحلون عنّك ، فاعتنى بهم .
العديد من الشخصيات الدعوية والسياسية التي حملت همّ الأمة ، تنشغل كثيرا عن أُسَرِها بسبب الشعور بروح المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، ولذلك تجدهم يُعبّرون – خلال المقابلات التي تتم معهم في وسائل الإعلام – عن اعتذارهم لزوجاتهم وأولادهم ، بسبب انشغالهم عنهم ، وفي نفس الوقت يشكرونهم على صبرهم ، والتماسهم الأعذار لهم .
وأقول للأخوات الفاضلات زوجات الدعاة والسياسيين المخلصين : ” احتسبوا الأجر من الله ، فإن أزواجكن على ثغر عظيم في الدفاع عن حياض الأمة ، وأعلموا أن كل خير يقدمه الزوج لنصرة الأمة ، يُكتب فيه الأجر لكُنّ إذا نوت إحداكن مشاركة الزوج فيه ، عند حفظها لبيته عند غيابه ” .
وأما فرسان الميدان من الدعاة والمصلحين ، فإننا نذكرهم بأن واجبهم تجاه الأمة لا يُسقط واجبهم عن رعاية أهلهم ” فخيركم خيركم لأهله ” .
نسأل الله تعالى أن يتغمد زوجة الشيخ سلمان وولده بواسع رحمته ، وأن يسكنهم فسيح جنّاته ، وأن يُلهم الدكتور الفاضل ، والداعية المخلص ، الشيخ ” سلمان العودة ” الصبر والسلوان ، وأن يعينه على إكمال الرسالة التي نذر حياته لأجلها .