سلسلة من معاناة قومية الإيغور وسط صراع الحضارات 5
بقلم أنور قدير توراني
إيغوريون للبيع والعمل القسري! !
مهلت السلطات الصينية الطريق لمواطني الإيغور والأقليات العرقية المسلمة للذهاب من مناطقهم في مقاطعة شينغ جان (تركستان الشرقية) الواقعة غرب الصين إلى المصانع والمعامل التي تعاقدت معها في أرجاء الصين. وتأتي هذه التسهيلات في ظل ظروف توحي بالممارسات العنيفة التي تقوم بها الحكومة والتي تصل إلى العمل القسري. ويعمل هؤلاء الإيغور في مصانع وداخل سلسلة من سير الإنتاج أو سلسلة الإنتاج المعروف بـ (Supply Chain) والتي تمول إنتاجاتها لما يقارب 80 علامة تجارية عالمية كبرى في شتى القطاعات التقنية ومنتوجات الملابس والسيارات، ويتم ذلك بالاتفاق بين المدراء التجاريين وممثلين عن الحكومة التي تتفقاوض على أجور العمال في صفقات مالية.
التفاصيل
تم تقدير أعداد الذين غادروا مناطقهم في مقاطعة شينغ جان بأكثر من 80 ألف مسلم للعمل في أماكن متعددة في الصين بين الأعوام 2017 و2019، هذا و(يقول تقرير من مركز الأبحاث في واشنطن للسياسيات العالمية، أنه وبعد سنوات من التحقيقات أجراها نشطاء حقوق الإنسان، تظهر أن تقديرات الإيغور في عام 2018 بلغت 517 ألف شخص أُجبروا على قطف القطن كجزء من المخطط)، كما وتم إرسال العديد منهم إلى المعتقلات القسرية التي تسميها السلطات الصينية (مدارس التثقيف والتأهيل المهني)، ولكن الأرقام الفعلية للذين غادروا أعلى بكثير من التي تقر بها السلطات في الصين.
يقول التقرير أن الذي يرأسه وواضع خططته هوسكرتير الحزب الشيوعي في إقليم شينغ جان (Chen Quanguo)، وهو نفس الشخص الذي أنشأ دولة بوليسية واعتقالات جماعية وزج الإيغور في السجون. وسجل الباحث في حقوق الإنسان السيد/ (Adrian Zenz) العديد من الوثائق التي تكشف عن الأساليب التبعة لإذابة قومية الإيغور. (رابط لأحد التحقيقات مرفق بالأسفل*)
يعيش معظم العمال في مهاجع منفصلة عن باقي المواطنون الصينيون، كما ويخضعون لمدارس تعليم اللغة الصينية (الماندرين)، كما تعمل السلطات على تغيير معتقداتهم وتكريس الأفكار الشيوعية والأيديولوجية بعد ساعات العمل التي يقضونها.
يتم إخضاع كافة العمال لرقابة شديدة شبيهة بالسجون السياسية في بعض البلدان العربية، كما وتفرض عليهم قيود في حركتهم بعد ساعات العمل، ويلازمهم في نقلهم لمهاجعهم مراقبين يسمون “مرافقين”.
بدأت جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية تتابع تحركات الحكومة الصينية وتراقب مباني المعتقلات خلال الأقمار الصناعية، وكشفت التقارير عنن مرحلة جديدة من حملة إعادة الهندسة الاجتماعية في الصين، والتي تستهدف المواطنين من الأقليات -غير عرق الهان الذي يشكل أكثر من 75% من كافة سكان الصين- كما كشفت منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها على أدلة جديدة على أن بعض المصانع في أنحاء الصين تستخدم العمالة الإيغورية القسرية بموجب اتفاقية تفاهم مع الشركات وتحت رعاها الدولة، لما تتميز الصفقات بتكلفة أقل وساعات عمل كثيرة.
ما هو الحل؟
اقتراحات لحل أو التخفيف على معاناة الإيغور:
- حث الحكومة الصينية على التمسك بالحقوق المدنية والثقافية والعمالية التي ينص عليها الدستور الصيني والقوانين المحلية والتجارية المعمل بها،
- إنهاء احتجاز العمال خارج نطاق القضاء للقومية الإيغورية والأقليات المسلمة الأخرى
- ضمان أن يتمكن كافة المواطنين من تحديد شروط عملهم وتنقلهم بحرية.
- العمل على طريقة تحظر على الشركات استخدم عمالة الإيغور القسرية في سلسلة التوريد الخاصة بهم.
- ارغام الشركات المدرجة أعلاه العناية بواجبات حقوق العمال وحقوق الإنسان على عمال المصانع في الصين، بما في ذلك عمليات التدقيق الأمني، والتفتيش الاجتماعية الصارمة، وعدم نقل العمالة الغير تطوعية.
- العمل مع الحكومات الأجنبية والشركات والمنظمات الاجتماعية والمدنية على الضغط على الحكومة الصينية لإنهاء استغلال مواطني الإيغور في العمل القسري والاعتقالات خارج نطاق القضاء.
- كما وينبغي أن يشمل ذلك الضغط على الحكومة للتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية (ILO) برقم 1930 (29) والمعدلة في عام 2014 المتعلقة بالعمالة القسرية.
نتائج التهجير:
- اختفاء ما يزيد عن مليون من مواطني الإيغور والأقليات المسلمة الأخرة من إقليم شينغ جان منذ بدأ التوثيق في عام 2017م، والسلطات الصينية هي المسؤول الأكبر على هذه المنهجية القسرية.
- تعرض المحتجزون للتلقين السياسي، مع إجبار المسلمون على نبذ ديانتهم وتقاليدهم وثقافتهم وحتى لغتهم، وتأتي هذه الممارسات باستخدام التعذيب الممنهج، وتستخدم الحكومة التعليل، أنها تعمل تحت ذريعة “مكافحة التطرف الديني”.
- يزعم المسؤولون الحكوميون، أن حملة “إعادة التعليم” هي مرحلة جديدة، وأن كافة المتخرجون منها يعملون الآن في مصالح متعددة. إلا أنهم لم يذكروا أن هؤلاء العمال القسريون كانوا قد أجبروا على العمل خارج إقليم الشينغ جانغ، وأنهم خضعوا إلى مخطط نقل العمالة الاستغلالي الذي تقوده الحكومة من بعد مرورهم في معتقلات إعادة التأهيل المهني.
يكشف هذا تقرير وضعه معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي (ASPA) أن ما يفوق عن 27 مصنعاً منتشرون على تسعة مقاطعات صينية تستخدم العمالة الإيغورية المنقولة أو المهجرة قسرياً من إقليمهم الأم، ويدعي مدراء المصانع أن تشغيل هؤلاء العمال هو جزء من “سير الإنتاج” لأكثر من 82 علامة تجارية عالمية، كما أن التقرير أوضح أنه تم نقل العمال تحت برنامج خطة عمل سميت “مساعدة الشينغ جان” أو (Xinjiang Aid 援疆).
من الصعب على العمال أن يرفضوا أو يهربوا من مهام عملهم، كون أن هذا البرنامج مرتبط مع جهاز الاحتجاز والتلقين السياسي داخل وخارج إقليم شينغ جان الحكومي.
والجدير بالذكر أن الحكومات المحلية والمنظمون المحليون في القطاع الخاص يتناولون أموالاً مقدرة على عدد الأفراد التي يتم جلبها، مع تنظيم الخدمات الملحقة للعمل، كجزء مرتبط مع عملية “التثقيف والتأهيل المهني”.
وينص تقرير علم الحكومة على أنه، يتم تجهيز كل دفعة [من العمال] تدريبها، وتأهيلها في مراكز التأهيل، كما ويتم تأهيل كل دفعة عقائدياً أو أيدولوجياً، ومن ثم يتم نقل كل دفعة على حدا للمعامل التي يناسبون بها. تتعاون الحكومة مع المعامل والشركات على إنشاء المعامل في بيئة محاطة بالحراسة الشديدة، ومسورة، مع أبراج للمراقبة (تم التقاطها بالأقمار الصناعية)، ويمنع العمال من الاجازات السنوية لقضائها مع ذويهم في موطنهم.
تحاول الحكومة الصينية أن تبقي الإيغوريون مشغولين ومنشغلين لكيلا يفكرون بتوحيد صفوفهم والذهاب إلى المساجد وتقييدهم من المشاركة في الأنشطة الدينية أو المجتمعية التقليدية.
وتظهر الأدلة أن فرق العمل الحكومية، مسؤولة عن جلب العمال من قرى ومدن صغيرة، وتجميعهم لقطف القطن في الحقول، وتساهم الحكومة في جمع أكبر عدد كافٍ من العمال وأخذهم من منازلهم، وتتراوح أعمارهم من كافة الأعمار حتى المسنين، بينما تقتاد الحكومة الشباب منهم إلى معسكرات التثقيف وإعادة التأهيل.
ردود فعل دولية:
أظهرت الدراسات اليابانية كذلك تورط بعض الشركات اليابانية العاملة في الصين، وعليه وضعت الحكومة اليابانية خطط لوقف الصفقات التجارية مع الشركات الصينية التي تبين أنها تستفيد من العمل القسري لأقلية الإيغور المسلمة، وأدت الضغوط السياسية من الحكومة اليابانية إلى سحب 12 شركة يابانية عقودها في التعامل مع وسطاء ومنظمين يجلبون العمال الشنغ جان. وأما باقي الشركات الـ 12 التي تورطت، أعلنت جميعها على أنهم سوف يتوقفون عن استخدام العمالة القسرية.
إلا أن شركة (Panasonic) للإليكترونيات، والتي رفضت التعليق، كانت قد رفضت التعامل مع كافة الشركات الوسيطة، وأعلنت على أنها غير قادرة على التحقيق في المطالب ضد مورديها، كما أعلنت شركة (Toshiba) والتي لديها عقد ترخيص مع شركة يشتبه في استخدامها للعمل القسري، أنها لا تستطيع التأكد من الادعاءات لكنها قررت إنهاء العمل معها بحلول نهاية العام الحالي. وتضمنت قائمة الشركات الـ 12 كلٍ من (Fast Retailing Co لتجارة التجزئة وUniqlo للملابس وSony وHitachi الإلكترونيتان).
ندد وزارة الخارجية البريطانية، أعمال الصين بحق المواطنين الإيغور، كما أعلنت كندا على أن ممارسة الحكومة الصيني هي ممارسات قمعية، كما أن حكومة ترودوا تدرس اعتبار معاملة المواطنين الإيغور بالإبادة الجماعية، وأكدت إدارة الرئيس الأمريكي الجديدة أن ممارسة الصين لقمع الإيغور هي ممارسات إبادة جماعية، وعلى الصين أن تدفع ثمن انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
هذه بعض الشركات التي تم تسجيل تورطها بتشغيل عمال إيغور قسرياً.
Nike, BMW, INDITEX, Adidas, Uniqlo, Samsung, Gap, Marks & Spencer, Puma, H&M, North Face, Apple, Fila, A&F, Amazon.com وغيرها من الماركات العالمية.
أحد الروابط المهمة في البحث:
*رابط للباحث (Dr. Adrian Zenz) في حقوق الانسان بالصين
أنصح بمراجعة هذا الرابط، كما أنصح بقراءة كتيب بعنوان (أبعاد السياسة التعليمية في تركستان المحتلة) تأليف: مجلة تركستان شرقية