سلسلة من معاناة قومية الإيغور وسط صراع الحضارات 4
بقلم أنور قدير توراني
الصحف العالمية: نساء الإيغور المحتجزات في الصين يتعرضن للاغتصاب والتعذيب والاعتداء الجنسي
مزيدًا من الانتهاكات لحقوق الإنسان ومسلمي الإيغور واعتداءات على المسلمات
تحقيق لبي بي سي يكشف عن اغتصاب جماعي وتعذيب لنساء
أصدرت وكالة الأنباء البريطانية (BBC) منذ ثلاثة أسابيع تقريراً حصلت عليه بالتعاون مع شركة محاماة بريطانية (Essex Court Chambers) بعد مقابلات مع نسوة كانوا محتجزات في معسكرات “إعادة التثقيف والتأهيل” الصينية لقومية الإيغور، والتي تشير إلى تعرضهن للاغتصاب الجماعي.
وقَصت الوكالة مقابلة أجرتها مع إحدى الحبيسات تدعى (تورسوناي زياودون) والتي قالت إنها قضت قرابة تسعة أشهر في شبكة معسكرات الاحتجاز الصينية.
تسرد تورسوناي قصتها قبل أزمة وباء كورونا، أن رجالاً كانوا يرتدون الكمامات الواقية طوال الوقت والملابس المدنية (وليست ملابس الأمن الصيني)، تتزامن زياراتهم في أوقات بعد منتصف الليل بقليل إذ يبحث الرجال على نساءٍ ويقتادوهن من خلال ممرات إلى “غرف سوداء” بعيدةٌ عن أجهزة الرقابة. تسرد الوكالة أقوال بعض الذين خرجوا من مراكز “إعادة التثقيف” والذين تعرضوا للاغتصاب الجماعي والتعذيب الممنهج.
معظم وكالات الأنباء العالمية تسابقت وفي اليوم الأول من نشر وكالة الأنباء البريطانية (BBC) قصة السيدة/ تورسوناي ومنها الوكالات العربية.
لنتعرف على القصة كاملة.
- بادئ ذي بدء : من هي تورسوناي زياودون؟
هي واحدة من عدد قليل من اللواتي اعتقلنا وأطلق سراحهن بعد فترة قضوها في المعتقلات أو (مدارس إعادة التثقيف والتأهيل على حد الرواية الرسمية للسلطات الصينية)، كما هي واحدة من القليلات اللواتي تحدثن بصراحة وعلناً عن التجارب التي مارسها عناصر السلطات الصينية في المعتقلات. وينبغي أن ندرك أن المسؤولين الصينيين طلبوا صراحةً من المفرج عنهم التزام الصمت، نظراً لأن الحكومة الصينية تقيد وبشدة تحركات ووصول الصحفيين المسقتلين في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية). وعليه تواجه وسائل الإعلام الدولية صعوبة في استقصاء الظروف التي يتعرض فيها نزلاء المعتقلات. وقصة السيدة/ تورسوناي تتطابق وبشكل وثيق مع روايات الناجين الآخرين من المخيم في نفس المقاطعة الذين قبالتهم وكالة الانباء الأمريكية (BuzzFeed News).
تزوجت السيدة/ تورسوناي وهي من مواطني الصين المسلمين من شاب مسلم يحمل الجنسية الكازاخستانية (وهي دولة مجاورة لمقاطعة تركستان الشرقية)، ولديها طفل يقيم مع زوجها في كازاخستان. وفي الصين خلال انتظارها الإجراءات القانونية للم شمل العائلة في كازاخستان، اعتُقِلَت وقادتها السلطات الصينية لمدة تسعة أشهر إلى “مراكز التأهيل” دون توجيه أي تهمة لها ولكي تدلي بأي معلومات عن غيرها من المواطنين. أطلق سراحها وتمكنت من الفرار الى كازاخستان والوصول إلى زوجها، إلا أن الحكومة الكازاخية طالبتها بالرحيل عن البلاد لحين إتمام إجراءات الإقامة لاحقاً، من المؤكد، لو أن السيدة تورسوناي عادت للصين سوف تواجه الاعتقال مرة أخرى، لكنها تمكنت من اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتقيم حالياً كلاجئة بأمان، ومنها تواصلت مع وسائل الإعلام وسردت قصة التعذيب الممنهج، وتداولت قصتها معظم وكالات الأنباء الدولية.
البقاء على الحياة داخل المعتقلات:
تتعرض النساء في المعتقلات إلى الإجبار على العمل (لكسب الأموال اللازمة لإقامتهم داخل المراكز)، إضافةً إلى الإذلال ومنعهم من ممارسة الشعائر الدينية مثل الصلاة والصيام وحتى كيفية التحية (بالسلام عليكم)، يرغم نزلاء المراكز على حضور مدارس “تثقيفية وإعادة تأهيل”، وهي عبارة على دروس في القومية الصينية وإطاعة الحزب الشيوعي والعمل والولاء للقيادة العليا للدولة، كما يقوم الحراس بمراقبة كافة النزلاء، والتركيز على أي شخص يعتقد أنه يصلي ويتلو القرآن بالباطن، أو يصلي وهو في سريره، ويمنع السجناء من إطالة اللحى، كما يمنع النساء من إطالة شعورهن أو ارتداء الحجاب. يتعرض بعض السجينات إلى الاغتصاب من قبل حراس المراكز، كما خضع كافة النزلاء إلى الاستجواب والتحقيق الدوري. والتقت وكالة أنباء (بي بي سي) بأربعة نساء من نفس إقليم (تركستان الشرقية) كانت إحداهن قد احتجزت لمدة 18 شهرا في المعسكرات، وقالت هذه إنها أجبرت للعمل على تجريد نساء إيغوريات من ملابسهن وتقييد أياديهن قبل أن تتركهن مع رجال من السلطات الصينية. وعقب الانتهاء من تلك النسوة، قامت هي بتنظيف الغرف. وأنه في العادة يجري إخراج النساء من زنازينهن بشكل دوري ويتم اغتصابهن من رجال ملثمين (لكيلا يميزهن المغتصبات ويلاحقوا قانونياً بوقتٍ لاحق).
حرص الحكومة الصينية على منع تسرب المعلومات للإعلام:
تحاول السلطات الصينية التكتم على ما يدور في مقاطعة (تركستان الشرقية)، وتمنع كافة الأجانب من الدخول الى المقاطعة الكبيرة إلا بإذن مسبق من مكتب الأجانب (فرع تابع لوزارة الخارجية مرتبط بوزارة الداخلية الصينية)، ومن الصعب على الأجانب الغربيين الحصول على اذن. إضافةً، تقيم الصين قيود شديدة وتفرضها على الصحفيين الأجانب الذين يحاولون نقل الحقيقة حول المنطقة، بينما يصنف الإعلام الصيني ما يدور في الإعلام الغربي على أنه “أخبار مزيفة”.
فإذا حصل بعض الصحفيين على إذن إلى الذهاب إلى مقاطعة الشينجان، فلسوف يلاحظ تعقب السيارات الغير رسمية طوال الطريق الصحراوي، وتلاحق تلك السيارات كافة التنقلات التي يقوم بها الصحفيون، بالإضافة لقيام بعض تلك السيارات بمضايقة السيارات التي تقل الصحفيين دوماً. وقد أجبر الصحفيين في بعض الأحيان على مغادرة بعض المدن وطردهم من بعض المطاعم او المتاجر وطلب أولئك الحكوميون من المواطنون، عدم خدمة الصحفيين.
من الغريب بهذه القصة أن كافة وكالات الأنباء العالمية والمهتمة بحقوق الإنسان، تركز على المعاناة التي يتعرض لها مسلمو الصين، إلا أنه ومن الغريب أن تغطية الأحداث التي يعانيها المسلمون في العديد من الدول بالإضافة إلى الصين. فهل بدأ العد التنازلي، والاستعداد النفسي لمحاربة الصين، وتجيش الآراء والصحفيين المسلمين لكي يوجهوا كتاباتهم ضد الصين فقط دون غيرها من الدول التي تضطهد المسلمين في ماينمار مثلاً، أو الحملات العدائية ضد المسلمين والدين الإسلامي في فرنسا؟
جاء رد فعل الحكومة الصينية بإصدار إعلان وزارة الخارجية وبثه على قناة (CGTN) الصينية في بريطانيا، ومفاده أن وكالة أنباء (BBC) البريطانية معروفة ببثها الأكاذيب والأخبار الملفقة. ردت الحكومة البريطانية، بسحب ترخيص بث المحطة الصينية على أراضيها، وسرعان ما سحبت الصين تراخيص بث الوكالة البريطانية BBC في كلٍ من الصين وهونغ كونغ. من المعروف أن كلاً من الصين والمملكة المتحدة، اتفقتا في عام 1988 بمعاهدة (Sino-British) وقبل انسحاب بريطانيا من هونغ كونغ بأن يتبادل كلا الدولتين حقوق البث الإعلامي لكلا وكالتا الإعلام.
أنصح أعزائي بمراجعة هذا الرابط، كما أنصح بقراءة كتاب بعنوان (لمحة عن جغرافية تركستان الشرقية) تأليف: رحمة الله أحمد رحمتي