مقالاتمقالات مختارة

زواج مسلمة بنصراني من المورمون؟! | د. صلاح الصاوي

زواج مسلمة بنصراني من المورمون؟! | د. صلاح الصاوي

سئلتُ..

عندنا حالة أخت مسلمة لها بنت صبية تنوي الزواج بشاب مسيحي (المورمون) والوالدة معارضة بشدة ولكن الوالد موافق، ويقول إن الشاب موحد فيجوز الزواج منه والأم في ضيق شديد لأنها ترفض الموضوع بشدة وتفكر بالطلاق ولكن هذا لن يغير من قرار البنّت او الوالد فما  الحكم في هدا الأمر وبما تنصح الأم لو سمحت.

أجبت:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا على عدم جواز ارتباط المسلمة بغير المسلم، وعلى بطلان هذه العقد إن وقع، وأن أصحابه لا يزالان زانيين، ولا نعرف خلافا بين أحد من أهل العلم في ذلك، وكل من لم يدن بدين الإسلام فهو كافر سواء أكان كفره عنادا أم جهلا، كما قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) وقال تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)

الدليل من القرآن الكريم

ومن أظهر الأدلة على حرمة زواج المسلمة بغير المسلم قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ}

وقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء:141]. والزوج له ولاية وقوامة على زوجته، وهما ممتنعان من الكافر على المسلمة.

الدليل من السنة المطهرة

ومن السنة المطهرة قد استفاضت النصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق بين جميع المسلمات وأزواجهن الذين لم يسلموا، ومنهم ابنته زينب زوج أبي العاص بن الربيع، فلما وقع في الأسرى يوم بدر أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يبعث ابنته إليه، فوفي له بذلك، ثم أسلم بعدها فردَّها عليه.

وروى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: [… إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح، وإذا جاء زوجها قبل أن تنكح ردت إليه].

وأخرج مالك في الموطأ وابن سعد في الطبقات عن ابن شهاب قال: لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجراً قبل أن تنقضي عدتها”.

إجماع أهل العلم سلفا وخلفا

وأما الإجماع: فقد انعقد إجماع أهل العلم سلفا وخلفا على أن زواج الكافر بالمسلمة باطل لا ينعقد أصلاً؛ لمخالفته صريح القرآن الكريم؛ وقد نقل الإجماع كثير من أهل العلم منهم ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن قدامة، والشوكاني، وغيرهم.

فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم وليا وقواما على زوجته الكتابية، بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم وليا أو قواما على المسلمة، لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}. [ سورة النساء: 141 ].

جاء في قرار (المجمع الفقهي الإسلامي)

إن تزويج الكافر بالمسلمة حرام لا يجوز باتفاق أهل العلم، ولا شك في ذلك ؛ لما تقتضيه نصوص الشريعة

وجاء في فتوى (المجلس الإسلامي لبيت المقدس)

زواج المسلمة من غير المسلم دون استثناء كتابي كان أو غير ذلك فإنه حرام وهو زواج باطل شرعاً وقانوناً، لما تقدم من أقوال العلماء والفقهاء قديماً وحديثاً، وإن وجد يجب فسخ هذا الزواج في الحال.

الزواج منكر بإجماع المسلمين

والخلاصة أن هذا الزواج منكر بإجماع المسلمين، إلا إذا أسلم هذا الشاب، وعلى الأم أن تنكره بكل ما تستطيع، وتستعين في ذلك بأهل العلم، وبالجالية المسلمة من حولها، فإن عجزت فكل نفس بما كسبت رهينة، تبرأ إلى الله من هذا المنكر، ومن كل من تلبس به أو أعان عليه، عليهم ما حملوا وعليها ما حملت، وقد قال تعالى {فإن عصوك فقل إنبي بريء مما تعملون} وقال تعالى {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}

ولا يبقى إلا الدعاء بالهداية، والاجتهاد في هداية هذا الشاب إلى الإسلام، والله تعالى أعلى وأعلم.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى