«زواج التجربة».. حينما أصبحنا بلا مرجعية!!
بقلم السيد أبو داود
لن تكون الدعوة إلى «زواج التجربة»، التي فجرها أحد المحامين، هي آخر الدعوات الشاذة التي تملأ مجتمعنا، فقد أصبح هذا المجتمع مفتوحًا للأفكار الشاذة المخالفة للدين والعرف والأخلاق، وإذا اعترضنا على مثل تلك الدعوات ـ التي تضمن لها وسائل الإعلام الشهرة والتداول على أوسع نطاق ـ قيل لنا إن الأمر لا يعدو أن يكون حرية رأي وحرية تعبير وحرية فكر!!
والذي أعرفه أن الدول المحترمة تحمي شعوبها ومواطنيها، من هذه الأفكار والدعوات الضارة، تحميهم بالقانون وبما يضمن موت واختفاء وعدم تداول وانتشار مثل هذا الشذوذ الفكري والأخلاقي والديني.
وإذا كان المشرّع الفرنسي قد اعتبر إنكار محارق اليهود عملاً مجرمًا قانونًا، رغم إنه يدخل ضمن أعمال النوايا والضمائر، كما اعتبر هذا المشرّع الزي الإسلامي من نقاب وحجاب خطرًا على العلمانية الفرنسية.. الخ، فإن من حقنا أن ندعو إلى قوانين تردع الاعتداء على ثوابتنا الدينية والأخلاقية.
إن المشرّع المصري في كثير من المواد الدستورية والقانونية، يتحدث عن قضية «الخروج على ثوابت المجتمع».. وهذا أمر جيد، ولكن السيئ فيه أن الدولة توظف ذلك توظيفًا سياسيًا في اتجاه واحد، أي حينما تريد الإيقاع بمعارضيها السياسيين.
وإذا كان القانون قد أعطى للأزهر سلطة الرقابة على الإصدارات والمطبوعات التي تحتوي على أخطاء دينية أو تسيء للإسلام والمسلمين، فإن العلمانيين والشيوعيين قد مارسوا إرهابًا على الأزهر ووصفوه بأنه مؤسسة تمارس الإرهاب الفكري وتصادر حرية الفكر والتعبير.. حينما يصادر بعض أعمالهم، وهذا أخاف الأزهر ومنعه من القيام بدوره، خاصة وأنه يعلم أن الدولة تحمي الاتجاهات العلمانية وتفتح أمامها وسائل الإعلام، في الوقت الذي تحاصر فيه الأزهر إعلاميًا وفكريًا. ثم إذا كان الأزهر لديه هذه السلطة الرقابية على المطبوعات.. فلا ندري لماذا نُزعت منه هذه السلطة الرقابية عن المواد المسموعة والمرئية؟
المشكلة لدينا أن هناك رقابة على كل مجال من المجالات، ففي السياسة لا يسمح بممارسة العمل السياسي إلا لحزب حصل على التراخيص المطلوبة، وفي الإعلام لا يسمح لصحيفة أو مجلة أو إذاعة أو قناة تليفزيونية بالعمل إلا بتراخيص وضوابط معينة، ولا يسمح لطبيب أو مهندس أو محام بممارسة مهنته إلا بعد الحصول على التراخيص المسبقة.. أما في الدين والثقافة والفكر، فيسمح بالعمل بدون ترخيص.. لأن في هذه المجالات المحددة، تجند الدولة شخصيات مختارة لخلخلة ثوابت معينة، ولإشاعة نمط معين من الثقافة والفكر.. يخدم أفكارها وبرامجها.
وإذا كانت الدولة تشجع أشخاصًا معينين للقيام بوظيفة دينية محددة، إذًا فهي قد أعلنت عن رأيها وحددت موقفها مسبقًا.. لذلك فلن ننتظر منها دعم الأزهر وتفعيل دوره الرقابي على حياتنا الدينية، وتمكينه وجعله المرجعية الدينية العليا (قولاً وفعلاً) لحمايتنا من الأفكار والدعوات الفاسدة، التي تلّبس على الناس وتخدعهم وتفسد عليهم دينهم ودنياهم.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)