رمضان شهر الصيام في مقالات الإسلاميين للدكتور محمد موسى الشريف ( 1_استقبال رمضان )
بقلم محمد علي الباز
يقترب منا يوماً بعد يوم شهر رمضان المبارك، ذلك الزائر العزيز الكريم الذي ينتظره المسلمون والمؤمنون كل عام، وسنحاول فى عدد من المقالات هذا أولها تقديم أبلغ واحكم ما كُتب عن شهر الصيام، مُقتبسين ذلك من كتاب الدكتور الجليل محمد موسي الشريف، مقالات الإسلاميين فى شهر رمضان الكريم(1)، متضرعين إلى الله أن يُعجل بفك أسر شيخنا الجليل.
ونحن بهذا نجمع بين عدد من الفوائد، أولها : نُذكر برمضان ونستعد له، ونفهم فلسفة الصيام ونتعلم كيف نُعظِم الاستفادة منه. ثانيها : نُذكر بشيخنا الجليل المعتقل ظلماً وقهراً، وبفضائله وكتبه المهمة. ثالثها : نُحيي تراث علمائنا الكرام من عصرنا الحديث، ونسلط الضوء على أسماءهم وكتاباتهم الثمينة .
- كتب الأستاذ حسن البنا تحت عنوان فضائل رمضان .
” إنّ الله تبارك وتعالى جعل هذا الشهر مُعظماً، فاختصه بمزايا كثيرة، وجعله مرحلة من مراحل الحياة الثمينة، ومحطة من محطات السير فيها على النهج القويم، يصرف المسلم فيه أعظم همته إلى الله، ويتجه فيه بِكُليته إلى آخرته، والسمو بروحه قبل مادته، فهو شهر الروحانية وصفاء النفس والمناجاة والإقبال على الله، والاستمداد من الله العلى الكبير، والاتصال بالملأ الأعلى، وهو شهر له خصوصيته.” ص157 - وكتب الأستاذ محمد عبد الله دِراز تحت عنوان شهر رمضان.
” أيها الصائم : إنّ العاقل لا يُقدم على أمر إلاّ إذا رسَم هدفه وحدّد غايته، وإنّ المؤمن لا يعمل عملاً إلاّ إذا صحح فيه نيّته، وتبين سداده واستقامته، فهل حدّدت هدفك من صيامك وصححت نيتك فيه؟ أم هي العادة الموسمية، والمتابعة للعرف السائد ؟” ص174.
ويقول أيضاً.
” إنّ منزلة الصيام هي أسمي مراتب التقوى وأكرمها عند الله؛ فإن فى سائر العبادات جوانب تُحبِبها إلى النفوس الكريمة، وتُقربها مِن مقتضي الطباع السليمة، ففي الصلاة – مثلاً – حلاوة المناجاة، وفي الزكاة أريحية الجُود والكرم، وفى الجهاد عزّة الحسّية وإباء الضيم، أما الصيام فإنه ليس فيه مُعاونة من الطبع، بل فيه على العكس معاندته ومقاومته، فكان أقرب الأعمال إلى الخلوص من الشوائب.” ص178. - وكتب الأستاذ محب الدين الخطيب تحت عنوان شهر الصيام.
” أنّ هداية الإسلام حرّرت المسلمين من كل ما اعتاد البشر أن يكونوا مستعبدين له فى حياتهم الفردية، والبيتية، والاجتماعية فيئِس الشيطان أن يمسهم طائفٌ منه، بعد أن سَلحهم الإسلام باليقظة من أحابيله، وبعد أن امتازوا عن الأمم الأخرى بميزة التقوى والاحتراس، فكلما اجتذبتهم الشهوة إلى باب من أبواب العبودية التي يقودهم الشيطان إليها، تَنبَهت فيهم سليقة التقوى التي غرسها الإسلام فى قلوبهم، فاحتفظوا بحريتهم، ودفعوا عن أنفسهم خطر العبودية للشهوات.”
” وشهر رمضان هو شهر الله الذي تُربي فيه سليقة التقوى والاحتراس فى نفوس المسلمين، فيتمرنون على الامتناع عما أحله الله فى غير أوقات الإمساك من مأكل ومشرب، لتكون نُفوسهم دائمةَ الانتباه لما يجب اتقاؤه والاحتراس منه فى جميع تصاريف الحياة.” ص187 . - وكتب الأستاذ أحمد حسن الزيات تحت عنوان مرحباً بربيع القلوب.
” فرمضان إذن رياضة للنفس بالتجرد، وثقافة للروح بالتأمل، وتوثيق لما وَهِيَّ بين القلب والدين، وتقريب لما بَعُدَ بين المرفّه والمسكين، ونفحة من نفحات السماء تُنَّعِم دنيا المسلمين بعبير الخلد وأنفاس الملائكة.
ورمضان ثلاثون عيداً من أعياد القلب والروح، تفيض أيامها بالسرور، وتشرق لياليها بالنور، وتفتر مجالسها بالأنس، ويغمر فيها الصائمين فيض من الشعور الديني اللطيف يجعلهم بين صحوة القلب ونشوة الجسد فى حال استغراق فى الله، يتأملون أكثر مما يعملون، ويستمعون أكثر مما يتكلمون.” ص 198 . - وكتب الأستاذ محمد الغزالي تحت عنوان شهرٌ له فلسفة.
” ورمضان يجئ، ولا نتحدث عنه طويلاً، إنما نريد أن نتحدث عن فلسفة الإسلام فى العلاقة بين الروح والجسد، لمناسبة شهر رمضان؛ فإن هذا الصيام فى حقيقته ترويض للغرائز البشرية العاتية. فليس هناك أعتى من غريزة البطن الذي تطلب الأكل باستمرار!! وليس هناك أعتى من غريزة الجنس التي تريد أن تنفس عن تطلعها باستمرار!!. ” ص 208 .
ويقول أيضاً.
” وهذا العالم تنقصه حضارة أخرى، حضارة تعترف بالروح والجسد، وتخدم الدنيا والآخرة، وتحدد حقوق الناس إلى جانب ما لرب العالمين من حقوق، هذه الحضارة هي الحضارة الإسلامية، وهي حضارة ليس لها الآن من دُعاة فى العالم، وليس لها كيان أدبيٌ محترم، وليس لها عالَمٌ تَارِز(2) إليه، وتستجمع فيه، وتقدم نماذج من تكوينها المادي والأدبي لينظر الآخرون إليه، ويوازنوا بينه وبين غيره.” ص 212 .
(1) الكتاب طباعة دار الأندلس الخضراء جدة, 1422ه – 2001 م .
(2) تَارِز إليه : تأوي إليه .
(المصدر: رسالة بوست)