مقالاتمقالات المنتدى

رسالة تهنئة يمانية لإخواننا في سوريا بمناسبة انتصار ثورتهم المباركة

رسالة تهنئة يمانية لإخواننا في سوريا بمناسبة انتصار ثورتهم المباركة

بقلم الدكتور: علي فتيني (خاص بالمنتدى)

“فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد!

هذه أيام من أيام الله، يُشرق فيها الحق والعدل وينجلي فيها الباطل والظلم، فهنيئًا لكم يا أبطال سوريا الأحرار، يا علماءها ومفكريها، ويا شعبها العظيم.
في هذه الجمعة التاريخية، التي أطلقتم عليها اسم “جمعة النصر”، تمر عليكم كأول جمعة حرية بعد أكثر من نصف قرن من الاستبداد والقهر، نزف لكم أحرّ التهاني وأخلص التبريكات باسمي وباسم إخوانكم الأحرار في اليمن. كلماتنا لا تفي حقكم، ولا تعبّر عن فرحتنا الغامرة بإنجازكم التاريخي، لكن ماهي إلا مجرد مشاركة متواضعة في هذه اللحظة الخالدة .
بارك الله جمعتكم، وبارك الله نصركم.
بارك الله أياديكم التي صنعت المجد، وخطواتكم التي مزقت قيود الطغاة.
لله دركم لله دركم شباب سوريا ،
أفلحت وجوهكم، أفلحت وجوهكم، أفلحت وجوهكم!
لقد أبليتم بلاءً حسنًا، لا يبليه إلا شعب عظيم كشعبكم. تمنيت لو كنت بينكم لأقبل جبين كل واحد فيكم، فأنتم إخوتنا الذين نفخر بكم ونتغنى ببطولاتكم ونقول:
“أولئك إخواني فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جليس المجامع.”
وإنجازكم هو إنجازنا:
“يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.”

هنيئا لنا ولكم هذه الملحمة التاريخية ،
وهذا النصر الذي يُسجل في صفحات التاريخ المشرقة ، ليكون مجدًا جديدًا يُضاف إلى سفر أمتنا العظيم الخالد .
ويحق لنا أن نستحضر كلمات أبي الأحرار اليمنيين، محمد محمود الزبيري، بعد انتصار الثورة اليمنية عام 1962:

سجِّلْ مكانَكَ في التاريخِ يا قلمُ
فها هنا تُبْعَثُ الأجيالُ والأُمَمُ

هنا البَراكينُ هبَّتْ من مضاجِعِها
تَطغى وتَكتسحُ الطاغي وتَلتهمُ

شَعبٌ تَفَلَّتَ من أغلالِ قاهِرِهِ
حُرًّا فأَجفَلَ عنهُ الظُّلْمُ والظُّلَمُ

نَبَا عن السجنِ ثمَّ ارْتَدَّ يَهْدِمُهُ
كي لا تُكَبَّلَ فيهِ بعدَهُ قَدَمُ

إنَّ الأنينَ الذي كنَّا نُردِّدُهُ
سِرًّا غَدا صَيحةً تُصغي لها الأُمَمُ

والحقُّ يبدأ في آهاتِ مكتئبٍ
ويَنْتهي بزئيرٍ مِلْؤهُ النَّقَمُ

لم يَبقَ للظالمينَ اليومَ من وِزَرٍ
إلاَّ أنوفٌ ذَليلاتٌ سَتَنْحَطِمُ

إنَّ الغُزاةَ وإنْ كانوا جبابرةً
لهم قُلوبٌ من الأطفالِ تَنهزِمُ

يا أحرار الشام وثوارها الأبرار :
مع هذه التهاني المليئة بالفخر والاعتزاز بكم ، والأفراح العارمة بانتصاركم العظيم على نظام آل الأسد المجرم، ونحن نُشارككم هذه اللحظة التاريخية التي أضاءت سماء الحرية بعد عقود من الظلم والاستبداد. نرفع إليكم خالص الشكر والعرفان لأنكم بعثتم الأمل من جديد ، بعد أن حاصرنا اليأس من كل جهة ، فجزاكم الله عنا وعن الأمة خيرا :

يا فِتْيَةَ الشَّامِ شُكْرًا لا انْقِضَاءَ لَهُ
لَوْ أَنَّ إِحْسَانَكُمْ يُجْزِيهِ شُكْرَانُ

مَا فَوْقَ رَاحَاتِكُمْ يَوْمَ السَّمَاحِ يَدٌ
وَلَا كَأَوْطَانِكُمْ فِي البَشَرِ أَوْطَانُ

كما نرفع إليكم رجاءً نعلم جميعًا أنه رجاء شعبكم وأمتكم وكل أحرار العالم:
أن تحافظوا على هذا الإنجاز العظيم
إن القضاء على نظام الاستبداد والوحشية لم يكن إلا بفضل الله أولًا، ثم بفضل تضحياتكم الجسيمة التي سطرتموها بدمائكم ودموعكم وآلامكم. ولذلك، نرجوكم بكل إخلاص وإخاء:
لا تُفرّطوا في هذا الإنجاز العظيم الذي تحقق بعد كل تلك التضحيات.
لا تُساوموا على كرامة رجالكم ونسائكم وأطفالكم الذين دفعوا أثمانًا باهظة لنيل هذه الحرية.
لا تتهاونوا في الحفاظ على هذا الميلاد الجديد لسوريا الأبية العظيمة، التي تستحق منكم يقظةً دائمة وجهودًا مضاعفة.
كونوا كالأُسد، ينام بعينٍ واحدة، يحرس عرينه من المتربصين به.
احموا ثورتكم وعرينكم، واحفظوا ثغوركم، وحصّنوا قلاعكم.
اثبتوا في أماكنكم ولا تبرحوا حتى تستقر ثورتكم ويشتد عودها وتستوي على سوقها ،
تذكّروا أن المتربصين كثيرون، وأن أعداء الحرية سيحاولون الاستفزاز، فلا تلتفتوا لهم وامضوا قدمًا في مشروع بناء سوريا الجديدة.
لقد رأيتم بأعينكم مصير ثورات الربيع العربي التي تعرضت للثورات المضادة، ولصوص الشعوب .
وتعلمون أن أخطر ما يُهدد أي ثورة هو التنازع والتفرق. فتذكروا دائمًا قول الله تعالى:
“ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.
اجعلوا هذه الآية نصب أعينكم ونبراسًا في قلوبكم ودستورًا في خططكم، فالتفرق هو الثغرة التي يلج منها أعداؤكم، كما قالوا : “فرّق تسُد.”
وتعلمون أيضا أهمية مبدأ الشورى في الإسلام لتأسيس حكم رشيد ، كما قال تعالى: ‘وأمرهم شورى بينهم ، فهو يحمل في بركاته البصيرة والحكمة والرأي الأصوب ، وبمشاركة العلماء والمفكرين والمثقفين والأكاديميين تُصاغ الرؤى لبناء سوريا الجديدة. فثورتكم المباركة تحتاج عقول الصفوة من رجال وحكماء سوريا للحفاظ على مكتسباتها وصياغة مشروع وطني عادل ومستدام .

أيها الأبطال الأحرار،
الثقة فيكم لا تهتز، والأمل بكم لا يخيب. قلوب الأمة وعيونها معكم، ودعواتها ترافقكم في كل خطوة. لقد كانت فرحتنا لا تُوصف بنصركم، ولكن أي انتكاسة قد تصيبكم ستكون صدمة لا تُحتمل، ليس لكم وحدكم، بل للأمة بأسرها. لذلك، كونوا على حذر، واعملوا بيقظة وحكمة.
استذكروا كلمات الشاعر اليمني عبد الله البردوني حين قال:

“الأُباة الذين بالأمس ثاروا
أيقظوا حولنا الذئاب وناموا
حين قلنا قاموا بثورة شعبٍ
قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا
رُبما أحسنوا البداياتِ لكن
هل يَحسّون كيف ساء الختامُ؟”

ونذكّركم نحن إخوانكم في اليمن بأننا وأنتم قد خَصَّنا رسول الله ﷺ بالدعاء في قوله:
“اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا.”
وقد تحقق لكم النصر أولًا بفضل دعاء النبي ﷺ وبركاته ، فألهمتمونا بثباتكم، وأصبحتم قدوة لنا، وأنتم السابقون ونحن بكم لاحقون بإذن الله.

وكما يقول المثل العربي:
“إذا استوى بلح الشام، نضج عنب اليمن.”

سلام من صنعاء التاريخ إلى دمشق الحضارة،
سلام من عدن، وتعز، والحديدة، ومأرب، وحضرموت، وكل مدينة يمنية، إلى حلب، وحماة، وحمص، وكل مدينة سورية حرة.
سلام من كل ربوع اليمن إلى كل ربوع سوريا والشام المباركة.

قبلات أحرار اليمن نرسمها على جباهكم أيها الأحرار في سوريا والشام
ونتمنى لسوريا الجديدةالحبيبة أمنًا وسلامًا، واستقرارًا وازدهارًا، وتطورًا ونماءً.

حفظكم الله وحماكم من كيد الأشرار.
وفقكم الله وسدد خطاكم وثبت أقدامكم.
والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
عاشت سوريا حرة أبية .

أخوكم د / علي فتيني
جمعة النصر 12 جمادى الآخر 1446 هـ
الموافق ١٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى