رسائل لأهل السنة (2)
بقلم أسامة شحادة
انزعج بعض الإخوة من تشخيص حالنا اليوم وظن أن ذلك نهاية الإسلام واضمحلال وجود السنة وأهلها. وهذا شعور غير صحيح فالعداء للإسلام والعدوان على المسلمين لم يتوقفا منذ أول لحظة، فقد كذبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم وتطاول عليه شقيّهم وقال له تبا لك.
وتعرض أصحابه للتعذيب، بل طاردت قريش أصحابه المهاجرين للحبشة كما يحدث اليوم لبعض الدعاة حيث يطاردهم الكفار في مشارق الأرض ومغاربها كالدكتور ذاكر نايك الذي ينصر التوحيد ويبطل الشرك والوثنية .وتكالب الكفار والمشركون واليهود يوم الأحزاب على دولة الإسلام، وتآمر المنافقون مرارا.
وعقب غزوة تبوك، أرسل ملك الروم إلى كعب بن مالك في المدينة يدعوه للقدوم إليه بعد أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقاطعته لتخلفه عن الغزوة، وهذا يدل على تعاون استخباراتي قديم بين الفرقاء ضد المسلمين!
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتد غالب العرب وظهر مدعو النبوة!
ثم تسلل الخبثاء بين المسلمين فقتلوا الفاروق، وتمالؤوا على ذي النورين وحشدوا الغوغاء من عدة بلاد بمؤامرات وأكاذيب وخيانات متعددة.
ثم ظهر أهل البدع فتصدى لهم أئمة التابعين وأبطلوا شبهاتهم، لكنهم لم يتوقفوا بل نجحوا بالتسلل لبطانة الخليفة حتى صار منهم! وعندها أعمل سيف الخلافة لنشر بدعة خلق القرآن بالجبر والإكراه فقتل وضرب وعذب وسجن الكثيرين من العلماء وعلى رأسهم الإمام المبجل أحمد بن حنبل.
ثم جاءت دولة الفاطميين التي قتلت العلماء وحاربت أهل الإسلام ورفعت شأن اليهود والنصارى وفرطت ببيت المقدس.
وعلى غرار أحمد بن حنبل سُجن أحمد بن تيمية ظلما عدوان من أهل بدعة الحلول والاتحاد بتواطؤ خفي مع المغول!
وقد تعرضت أمة الإسلام لجحافل التتار والمغول والصليبيين الذين جاسوا خلال البلاد وقتلوا العباد.
وفي الأندلس أقيمت محاكم التفتيش حتى أجبروا من بقي على التنصر وترك الإسلام.
جاءت دولة الصفويين التي احتلت بلاد السنة وأجبرتهم على التشيع بالقتل والإرهاب وأعلنت سب الصحابة وأمهات المؤمنين.
وفي البلاد التي تعرضت للحكم الشيوعي قُتل من المسلمين مئات الملايين وحتى الآن لا يعرف ذلك غالب المسلمين، ولا يزال القتل قائما ضدهم في الصين وبورما والشيشان منذ عقد وهكذا.
وأيضا أجبروا على ترك شعائر الإسلام وحوربت المساجد والمصاحف كما هو قائم لليوم في الصين، حتى خافتوا بإسلامهم تحت الأرض.
ومرت على المسلمين فترات شهدت جهلا كبيرا بالإسلام، وألْحد كثير من الناس بسبب الفكر الشيوعي والملحد فخلت المساجد من المصلين حتى أن صلاة التراويح في الحرم المكي قبل عقود قليلة كان المصلون فيها بحدود ٣- ٤ صفوف فقط بينما اليوم قبل جائحة كورونا العدد يصل لملايين!
الخلاصة إخواني الكرام: إن ما نواجهه اليوم من ضغط وتحديات ومصاعب وفتن وابتلاءات ليس أمرا حادثا ولا جديدا.
وهو أيضا ليس هزيمة لا نصر بعدها، ولا ضعفا يعقبه موت، بل هو كما يُنسب للشيخ ابن باز رحمه الله: أمة الإسلام تضعف ولا تموت.
وكما اجتاز الإسلام وأهل السنة تلك المحن العظيمة والكوارث الجسيمة فستتجاوز أمتنا وأهل السنة هذه المرحلة، وعلينا القيام بواجبنا من التزام الحق والصبر.
نعم؛ قد نجد في هذه المرحلة تزامنا بين الفتن بسبب العولمة وأدوات الاتصال والتواصل بخلاف المراحل السابقة، لكن سنة الله عز وجل بحفظ الدين ونصرة المؤمنين الصادقين الصابرين ثابتة لا تتغير.
ولذلك كان من بديع كلام السلف ما يُنقل عن ابن مسعود رضي الله عنه: (لا تنظر إلى الهالك كيف هلك، ولكن انظر إلى الناجي كيف نجا).
وما نجا من نجا إلا بدوام الاستقامة والصبر، فعليك بهما، وهما لا يصحان إلا مع العلم السليم فتنبّه.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)