مقالاتمقالات مختارة

رسائل إلى أهل السنة (15)

رسائل إلى أهل السنة (15)

بقلم أسامة شحادة

على أعتاب شهر رمضان المبارك كم يحسن بنا أن نتذكر قوله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلّم: «وأنذر عشيرتك الأقربين»، فكما أن شهر رمضان هو شهر القرآن وشهر الاستغفار وشهر الخير، فإن أنفع الخير هو الدعوة إلى الله عز وجل وهداية الناس لهداه جلّ وعلا، وخير من يستحق هذا الخير هم عشيرة المسلم وأقاربه.

وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على دعوة أقاربه وعشيرته حرصا بالغا وكرر لهم الدعوة مرارا كثيرة، قبل أن يدعو بقية الناس والقبائل في موسم الحج أو عبر ذهابه للطائف وهجرته للمدينة المنورة، ثم إرسال الرسائل والسفراء لملوك الأمم والشعوب الأخرى.

وقد رتب الله أجورا عظيمة على هداية الناس لعبادته، ولكن ذلك يتضاعف بإذن الله عز وجل إذا كان على الأقارب، لأن في ذلك دعوة للخير وصلة للقريب، كحال الصدقة على ذوي الأرحام فإنها صدقة وصلة.

فلنحرص جميعا على دعوة أقاربنا وأرحامنا للخير والهدى في هذا الشهر خصوصا، وسائر الشهور عموما، وقد كانت دعوة الأقارب نهج السلف، وعليه تأسس الإسلام، فأول من آمن من النساء خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الصبيان عليٌّ ابن عمه، ومن الرجال أبو بكر صديقه ورفيقه، ثم آمن عدد من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وعدد من أقارب أبي بكر، وكلما دخل شخص في الإسلام كان يدعو أقاربه للهداية والخير، ولم تمضِ سوى مدة يسيرة حتى أسلم جمع من أهل مكة.

وكذلك الحال عند الأنصار، فبعدما أسلم ١٢ رجلا منهم في بيعة العقبة الأولى دعوا أقاربهم للإسلام فلما جاؤوه بعد سنة كان عددهم قد تضاعف فأصبح ٧٠ رجلا وامرأتين.

وهذه البركة للدعوة إلى الله عز وجل هي سبب انتشار الإسلام عبر القرون برغم كل الصعاب والمحن والتحديات التي تعترض مسيرة الحق والهدى والخير.

وذلك أن الدعوة إلى الله عز وجل ليست مناطة بجهة أو أشخاص محددين بل هي نعمة وفضل مبذول لكل مسلم ليتزود منه فمستقل ومستكثر.

وتأثير الدعوة في الناس تأثير عجيب ويتضاعف بطريقة مهولة غير متصورة، وهي أقرب ما تكون للزيادة “الأسية” بلغة الرياضيات والتي تعني زيادة عظيمة فوق التخيل مع مرور الزمن، ومما يقرب هذه الزيادة الخيالية للذهن تصور ما يلي: رقعة لعبة الشطرنج تحتوي على ٦٤ مربعا، فلو وضعت حبة قمح في المربع الأول وضاعفت ذلك في المربع الثاني ثم ضاعفت الثاني في الثالث وهكذا ٨،٤،٢،١  فلن تصل للمربع الأخير إلا وتعجز حقول الأرض ربما عن توفير مجموع هذه الأعداد من حبات القمح!!

وهذه الزيادة الكبيرة في عدد المسلمين وقوتهم بفضل الدعوة إلى الله عز وجل والدعوة إلى التوحيد والسنة والتي قام بها سلفنا الصالح هي التي جعلت نابليون يلخص ذلك في جملته الشهيرة: «فتح العرب المسلمون نصف الدنيا في نصف قرن»، فسنة ٩٦ للهجرة كان الإسلام يمتد من الصين شرقا إلى طنجة على المحيط الأطلسي غربا.

فيا أهل السنة شمروا عن ساعد الجد في شهر رمضان في طاعة الرحمن ومن ذلك امتثال أمره «وأنذر عشيرتك الأقربين».

المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى