الدعاة إِلَى الله فِي ربوع الأرض من أكثر الناس ابتلاء، تركوا أهليهم وأوطانهم لنشر الخير والفضل بين الناس، منهم من أوذي بالقول والعمل، ومنهم من دفع حياته ثمناً لكلمة الحق والتوحيد.
فبالأمس القريب اغتالت يد الإرْهَاب والتطرف اثْنَيْنِ من خيرة الدعاة الكُوِيتِيّن فِي بوركينا فاسو، واليوم تكررت المأساة حيث اغتال الإرْهَابيون المتطرفون الشيخ عبدالعزيز التويجري حيث كان فِي رحلة دعوية فِي غرب إفريقيا على حدود دولة مالي وَهُوَ يدعو إِلَى الله.
اغتيال شيخين كُوِيتِيّين
وبالعودة إِلَى قصة اغتيال الشيخين الكُوِيتِيّن وليد العلي وفهد الحسيني، وقع الحادث الأليم غرب إفريقيا قرب مالي، منتصف أغسطس الماضي، وراح ضحيته الشيخ الكُوِيتِيّ وليد العلي، إمام وخطيب المسجد الكبير فِي بلاده، وأستاذ الشريعة فِي جامعة الكويت، الذي كان فِي رحلة دعوية مع زميله فهد الحسيني، بالقارة الإفريقية، عندما فتح مسلّحون مجهولون النار على مطعم تركي فِي العاصمة واغادوغو، الواقعة غربي إفريقيا، أثناء وجودهما فيه، وقُتلا عَلَى الْفَوْرِ.
وأرسل أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، طائرة خَاصَّة لنقل جثامين الشيخين، اللذين لقيا مَقْتَلهما تعاطفاً من كُوِيتِيّين وعرب؛ لما تركوه من أثر فِي مجال الدعوة والأَعْمَال الإِنْسَانية، حَسْبَ قولهم.
– من هو الشيخ وليد العلي؟
الدكتور وليد العلي هو إمام وخطيب المسجد الكبير فِي الكويت، وأستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية، حفظ القُرْآن الكريم أثناء احتلال العراق للكويت، والتحق بكلية القُرْآن الكريم فِي المَدِينَة الْمُنَوَّرَة، وكان أول كُوِيتِيّ يتخرج فِي هذه الكلية، ودرس علوم القراءات والتفسير، وأكمل الماجستير والدكتوراه فِي قسم العقيدة.
وقرأ الشيخ العلي القُرْآن على مجموعة من المشايخ والعلماء؛ منهم الشيخ يوسف محمد شفيع، وكذلك الشيخ عبدالحكيم خاطر، عضو لجنة مراجعة المصحف فِي مجمع الملك فهد، ثم قرأ على الشيخ عبدالعزيز الزيات، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وكان صاحب خطب مشهورة، وخَاصَّة فِي المناسبات والمواقف، التي كان دَائِماً مَا يشدد فيها على طاعة الله ورسوله، والعمل على حفظ الوطن من كل المخاطر، والدعوة إِلَى الوحدة الوطنية.
وعلق حينها على الحادث الأليم وزير الأَوْقَاف والشؤون الإسلامية، وزير الدولة للشؤون البَلَدِيَّة فِي الكويت، محمد ناصر الجبري، حيث قال: ‘‘إن “الداعية وليد العلي كانت تستعين به الوَزَارَة ولجنة تعزيز الوسطية فِي نشر سماحة الإسلام بين أبنائنا فِي الكويت وفي ربوع الأرض”.
وأَضَافَ أن للداعيتين الكُوِيتِيّين مآثر عظيمة وجهود مباركة فِي الدعوة داخل الكويت وخارجها، بِحَسَبِ مَا نقلت عنه صَحِيفَة الأنباء الكُوِيتِيّة.
وَتَابَعَ الشيخ الجبري أن الداعية وليد العلي “من أبرز دعاة الكويت علماً وجهداً فِي الدعوة داخل الكويت وخارجها، فقد خرج الفقيدان إِلَى أقْصَى الغرب الإفريقي لنشر العلم الشرعي، وما أخرجهما إلَّا الدعوة إِلَى الله تعالى ونشر دينه الصحيح فِي ربوع الأرض”.
ويُعرف الشيخ العلي، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي مِنْطَقَة الخليج، والكويت خُصُوصاً، بمنهجه الوسطي وغزارة علمه، الذي استفاد منه الكثير من طلبة العلوم الشَّرْعِيَّة ومدارس وَزَارَة التربية والمنتديات العلمية والندوات والمحاضرات.
ويقول دعاة كُوِيتِيّون عن الشيخ العلي بأنه كان متميزاً فِي دعوته، ومتفرداً فِي جهوده، معروفاً بوسطيته وفكره.
مركز إسلامي باسم الشيخين
ووفاءً لخدمته القارة السمراء، ورحلته فِي مجال الدعوة ونشر الخير والفضيلة بين الناس، أَعْلَنَت جمعية إحياء التراث الإسلامي، من أشهر الجمعيات الإسلامية والخَيْرِيَّة فِي دولة الكويت، والتي تعمل تحت رعاية وَزَارَة الشؤون الاجْتِمَاعِيّة، أنها “ستقوم ببناء مركز إسلامي باسم الفقيدين، وذلك عبر موقعها الإِلِكْتُرُونِيّ”.
آخر أَعْمَاله الشيخ العلي
وقبل وفاة الشيخ العلي رَحِمَهُ اللَّهُ، أسلَم على يديه إفريقي أثناء وجوده فِي غينيا، وقال: “الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. قد شرح الله تعالى صدر أحد الإخوة للإسلام؛ وذلك بعد صلاة الْجُمُعَة فِي مسجد عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي كوناكري عاصمة غينيا، فأسأل الله جل جلاله أن يثبته بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا وفي الآخرة”.
مَقْتَل الداعية التويجري
واليوم تكررت مأساة استهداف دعاة الإسلامي فِي القارة السمراء، باغتيال الشيخ الداعية عبدالعزيز بن صالح التويجري.
وفي التفاصيل قُتل الشيخ التويجري أثناء خروجه من قرية وثنية فِي غرب إفريقيا برصاص مسلحين مجهولين، واتهم طلابه وتلاميذه أهل الخرافة والبدعة والتآمر على الحق بأنهم وراء اغتيال الشيخ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ولم تُعرف بعد تفاصيل مَقْتَله ولا مكان ووقت الحادث بالضبط.
قتله أهل الضلال
ودشن الدعاة وطلاب العلم والنشطاء على “تويتر” هشتاقاً بِعُنْوَان: #استشهاد_الشيخ_عبدالعزيز_التويجري، ونعى الدكتور محمد السعيدي أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى، الداعية عبدالعزيز بن صالح التويجري، وقال: “قتلته أصابع الخرافة والبدعة والتآمر على الحق إِثْر خروجه من قرية وثنية فِي غرب إفريقيا، كان يدعوهم إِلَى دعوة التوحيد دعوة الرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام”، وقال “السعيدي: “نحتسب شهيداً فِي سبيل الله”، واختتم بالآية الكريمة: (وما نقموا منهم إِلَّا أَنَّ يؤمنوا بالله العزيز الحميد).
وأَضَافَ “السعيدي”: دعاة البدع والخرافة يرون دعوة التوحيد الصافي، أعظم خَطَراً على وجودهم فلا يستطيعون دفعهم إلَّا بالإرْهَاب، هكذا فعلوا بالشهيدين بِإِذْنِ اللهِ: وليد العلي، وفهد الحسين، وقبل ذلك عدوانهم فِي الفلبين على الشيخ عائض القرني (وسيعلم الذين ظلموا أَي منقلب ينقلبون) ولم يكشف “السعيدي” أية تفاصيل عن مَقْتَل الداعية عبدالعزيز بن صالح التويجري، ولا متى، أو مكان حدوث الواقعة.
مطالب بحماية الدعاة
وقال الدكتور محمد بن إبراهيم أستاذ أصول الفقه: “استشهاد الشيخ عبدالعزيز التويجري، (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنَّ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، دعوة للسفارات لتوفير الأمن الكافي لهؤلاء الدعاة والمشايخ.
أما الدكتور خالد التويجري فنعى الداعية الفقيد وقال: “إنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون اللهم اغفر له وارحمه، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، واجعله من الشُهَدَاء.”
قتل متعمد وليس عارضاً
وعلق المُغَرِد حيي منير قَائِلاً: “اقرن هذا الحادث بالحادث الَّذِي جرى فِي مطعم فِي بوركينا فاسو وأَوْدَى بحياة داعيتين كُوِيتِيّين، وحادث محاولة قتل الشيخ عائض القرني بالفلبين”، وتساءل: “هل الشيعة وراء ذلك، هل الصهاينة هل.. وهل….؟ الأطراف متعددة، مطلوب تجميع الصورة ومتابعة الأمر، فما يحدث ليس أمراً عارضاً فِي ظني‘‘.
بهذه الأَعْمَال ختم الشيخ التويجري حياته
وقال الأكاديمي ياسر المشوح: “حج العام الماضي بوالدته وبناته، أسأل الله أن يرفع درجاته فِي عليين، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان، إنَّا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون”.
وقال عبدالعزيز الحسين: “استشهاد الشيخ عبدالعزيز التويجري، على حدود دولة مالي عقب إِقَامَة دورة علمية عن مبادئ الإسلام وقيمه وأَخْلَاقه، الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ صاحب سمت وخلق وديانة، وحب للخير ونفع للخلق، له منا صادق الدعوات بأن يرفعه الله إِلَى منازل النبيين والصديقين والشُهَدَاء، وأن يرزق أهله وذويه الصبر والسلوان‘‘.
وفي الختام، نؤكد أن اغتيال العلماء والدعاة، فِي إفريقيا أو فِي أَي بقعة من بقاع الأرض، لن يُسكت صوت الحق والخير والفضيلة، فالحق والخير باقيان إِلَى قيام الساعة.
(المصدر: موقع تواصل)