رئاسيات 2022.. العداء للإسلام والمسلمين “بطاقة الترشح” لإليزيه فرنسا
إعداد يوسف أحمد
مع توالي إعلانات الترشح الرسمي للانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها في أبريل 2022، يأخذ خطاب كراهية الإسلام الموقع المركزي في حملات من اصطفوا في طابور الترشح، وأصبح السباق بينهم وكأنه تنافس حول من يحوز لقب “الأكثر كراهية للمسلمين”.
الإعلانات الرسمية للترشح من قبل الشخصيات التي تُشكّل المشهد السياسي هناك تشير إلى أيام صعبة سيعيشها مسلمو فرنسا مستقبلاً في ظل حالة العداء غير المنطقية لهم في برامج المرشحين.
ووصل الأمر للتنافس بين من يعلن أنه لن يسمح باسم “محمد” في فرنسا مستقبلاً، ومن يعلن أنه سيغلق المزيد من المساجد، ومن تعلن أنه لا مكان للمسلمين في فرنسا.
المرشحون للرئاسة يتنافسون حول وضع “قضية المسلمين” في قلب برامجهم الانتخابية، في المزايدة حول من سيكون برنامجه هو الأكثر تقييدًا لحقوقهم وحرياتهم الدينية، والأكثر هجوماً عليهم.
وبدل التنافس حول الأكثر خدمة ومواءمة لمصالح دافعي الضرائب من الفرنسيين، إلى من منهم “الأكثر كرهاً للمسلمين”.
اسم “محمد” محظور!
قبل أن يعلن ترشحه الرسمي للرئاسة، استغل الكاتب الفرنسي المثير للجدل والمدان في قضايا “التحريض على العنصرية”، إيريك زيمور، مساحة برنامج حواري على “القناة الفرنسية الثانية” للإعلان عن برنامجه “الأكثر” شراسة وتطرفاً ناحية اليمين.
وقال زيمور، وهو يهودي من أصول جزائرية ولد في فرنسا، ومعروف بمعاداته للإسلام: إنه إذا أصبح رئيساً لفرنسا سيحظر على الفرنسيين اسم “محمد”، مؤكداً أنه سيُفعّل القانون (1803) في فرنسا الذي يحظر تسمية أسماء غير فرنسية على الفرنسيين.
وزعم أن الإسلام كدين لا يتماشى مع الثقافة الفرنسية ونمط العيش بالنسبة للفرنسيين، وأنه لا يوجد فرق بين الإسلام والإسلاموية، كون الإسلام هو الإسلاموية الهادئة، والإسلاموية هي الإسلام النشط، على حد زعمه.
المرشحون يتسابقون حول لقب “الأكثر كرهاً للمسلمين”
“الإخوان” ممنوعون
ولفت زيمور إلى أنه سيحظر جماعة الإخوان المسلمين والسلفية؛ وهو ما يعني إغلاق المساجد التي يسيطرون عليها، حسب تعبيره، فيما لم يحسم زيمور بعد مسألة ترشحه للانتخابات القادمة، التي من المرجح أن يكون منافساً فيها، قائلاً: إذا كنت مرشحاً سأقول: إنني مرشح، ولكن إلى الآن لست كذلك.
وحين تحدث زيمور عن أسباب ترشحه بشكل رسمي، تحدث عن دوافع ذلك؛ وهو منع وقوع التحول الكبير لفرنسا إلى “دولة إسلامية”.
وقال، في لقاء له مع حركة “Objectif France” اليمينية، في 28 أغسطس الماضي: لو لم نمنعه الآن (أي التحول) سيصبح نصف فرنسا عام 2050 إسلامياً، وفي عام 2100 إسلامية بالكامل.
وقدم نفسه الشخص الوحيد القادر على منع ذلك، كما أنه المنافس الوحيد القادر على مجابهة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان، لأن الجميع يعرف بأن لوبان لن تفوز برئاسة فرنسا أبداً، كما قال.
وزيمور الذي يعد أكثر وجوه الساحة الإعلامية تطرفاً ناحية اليمين، يعول على متعاطفين من كارهي المهاجرين والمسلمين لدعمه للوصول إلى عرش الإليزيه.
وهو عنصري في نظر القضاء الفرنسي، الذي أدانه في أكثر من مرة بهذه التهمة، حيث يعتبر النظام النازي أفضل بالنسبة له من الإسلام، ويبرر جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر، كما يعد الكاتب الملهم لخلايا الإرهاب الأبيض الفرنسية.
وخطاب زيمور يمثل إلهاماً للجماعات اليمينية المتطرفة بخاصة المسلحة منها، والمنشورات والشعارات التي جرت مصادرتها عند اعتقال المشتبه بهم (بالانتماء إلى خلايا الإرهاب الأبيض)، أغلبها مستلهم من خطاب الصحفي المحرِّض إيريك زيمور، حسب ما أورد تحقيق سابق لموقع “Médiapart”.
استئصال الإسلاميين
خلف زيمور تأتي زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، مارين لوبان، التي أطلقت رسمياً حملتها الانتخابية الرئاسية في تجمع خطابي ضم 900 من أعضاء حزبها والمتعاطفين معه، ولم تدخر جهداً في التلويح بعدائها للمسلمين كنقطة محورية في برنامجها الرئاسي.
ووعدت لوبان بـ”استئصال الإسلاميين” من الأحياء الفرنسية، كما وعدت بـ”وضع الجانحين الفرنسيين منهم في السجن، والأجانب في الطائرة”، ووصفت المدن التي بها كثرة من المسلمين في فرسنا بأنها مدن المخدرات والمناطق التي باتت أشبه بمناطق “طالبان”، على حد وصفها.
المزايدات الماكرونية!
ولا يحتاج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لسيرة ذاتية في مهاجمته الإسلام والمسلمين، فهو صاحب قانون الجمهورية الشهير لحصار المسلمين وغلق المساجد واعتقال المئات بدعاوى التطرف ومخالفتهم قيم الجمهورية.
فقد كان يهاجم بشراسة مسلمي البلاد، بعدما أعلن قانونه المناهض لـ”الانفصالية الإسلاموية”، وأججها بتأييد الرسومات المسيئة للنبي محمد.
فيما نجد المزايدات الماكرونية في العداء للمسلمين تبلغ مداها ووزير داخليّته جيرالد دارمانان يعتبر لوبان ليست صلبة كفاية لمواجهة الإسلاميين.
بالمقابل، يجد ماكرون دعماً له في هذا الطرح من تركيبة أغلبيته الحزبية ومن داخل حزبه “فرنسا إلى الأمام”، على رأسها رئيس الوزراء السابق مانويل فالس الذي يعتبر أن القضية الأهم في فرنسا اليوم هي الحرب ضد الإسلاميين.
ولم يخلُ جانب “الحزب الجمهوري” من مرشحين بنوا برامجهم على معاداة المسلمين والمهاجرين على رأسهم ميشيل بارنييه، الذي وعد بـ”الإيقاف المؤقت” للهجرة إلى حين إصلاح جميع الإجراءات المتعلقة بها.
وتعهد بتعزيز مكافحة التيار الجهادي في كل مكان، وزيادة الإنفاق على الدفاع والبحث إلى ما نسبته 3% من الناتج المحلّي الإجمالي.
المصدر: مجلة المجتمع