مقالاتمقالات المنتدى

رؤية في ثريد ١٨ تغريدة في مآلات الكيد الاستعماري

رؤية في ثريد ١٨ تغريدة في مآلات الكيد الاستعماري

 

بقلم د. محمد يسري ابراهيم (خاص بالمنتدى)

‏١/ من أشد المكر وأخبثه ما كان سببا في تمزيق الدولة العثمانية إلى دويلات ودول وذلك تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية عديدة، ‏غير أن التركيز هنا على إسقاط الدولة الجامعة عبر القومية الطورانية ثم القومية العربية، وهو من أكبر أسباب ومظاهر المؤامرة التي توجت بإعلان سقوط الخلافة!

٢/ وما من شك في ضلوع يهود الدونمه وغيرهم في الترويج للقومية التركية، كما كان لنصارى بلاد الشام الجهد الأكبر في التسويق لفكرة القومية العربية؛ خداعا لبعض الساسة الذين أوهمهم الغرب بأنهم سيتوجون ملوكا أو خلفاء على أمة العرب،فما لقوا في نهاية المطاف إلا جزاء سنمار مشفوعا بالخزي والعار!

٣/ وبإعمال سكين التقسيم في المنطقة العربية مشرقا ومغربا فقد وجدت تلك الدول التي رسم الأعداء المستعمرون خرائط حدودها، وبنوها على الخضوع لمؤسسات أممية مهمتها السيطرة الاقتصادية بعد السياسية،وذلك من خلال صندوق النقد والبنك الدولي، والأمم المتحدة، وما انبثق عنها جميعا من مؤسسات ومقررات.

٤/ وبعد التقسيم تلاشت أوهام الوحدة العربية وفشلت محاولاتها، وأفلست القومية بجامعتها العربية، وسعت القوى الاستعمارية للقضاء على أي أيديولوجية يمكنها أن تدير أي دولة في المنطقة!

‏فأخفقت القومية كما أخفقت الشيوعية والاشتراكية وغيرها، ومنيت بهزائم سياسية وعسكرية بعد الانحرافات الفكرية!

٥/ وجرى الترويج بالترغيب والترهيب في ظل النظام العالمي ذي القطب الواحد لعولمة النموذج الاقتصادي السياسي الفكري الغربي: الرأسمالي الديموقراطي الليبرالي العلماني وتفاوتت استجابات الدول له في أول الأمر، لكن بعد عدة عقود تكاد المآلات أن تتشابه بين قبول عامة الدول له اليوم بشكل عملي

٦/ ومن أهم دلائل تنامي ضعف الدول ومن أظهر مقاييسه: الموقف من القضية الفلسطينية، ومناصرتها عمليا، ورفض التطبيع بمختلف أشكاله، وعدم القبول بحل الدولتين، والمحافظة على القدس عاصمة لفلسطين، ودعم المقاومة!
‏فقد انقلبت وتبدلت مواقف معظم الدول العربية في تلك القضايا بشكل لا يخفى على متابع!

٧/ ومهما تكن من أسباب وملابسات لما وقع في البلاد العربية قبل عشر سنوات ومهما وقع فيها من أحداث وتفاعلات إيجابية وسلبية؛ فإن المحصلة التي سعت إليها القوى الاستعمارية كانت مزدوجة، فإضعاف قوى المجتمعات العربية كافة، سواء منها الدينية والسياسية والاقتصادية، وابتزاز الدول وإضعاف قدراتها.

٨/ ومن أظهر الأمثلة: ما آل إليه أمر اليمن الذي لا يقارن حاله اليوم بما كان عليه قبل عقد الزمان!

وقريبا منه في النتائج الأليمة السودان!

فقد كان كلا البلدين في وضع ديني وسياسي واقتصادي وحقوقي أفضل مائة مرة مما هما عليه الآن من ضعف سيادة الدولة، والتدخلات الاجنبية، والتدهور الاقتصادي

٩/ وقد علم القاصي والداني أن من جملة ما ساومت به القوى الاستعمارية تلك الدول هو:التطبيع مع المحتل وذلك في مقابل الاستقرار السياسي والاقتصادي والتمكين في الحكم لبعض الأجنحة العسكرية والسياسية المتصارعة!

وبالرغم من تحقق التطبيع السودانى إلا أن الاستقرار والرخاء الموعودين تحقق عكسهما!

١٠/ وبناء عليه؛ فلا يتصور حصول تطبيع مستقر مع دول عربية قوية اقتصاديا أو مستقرة سياسيا!

فإضعاف القوي، وزعزعة المستقر منها لتطبع، ثم إن التطبيع بذاته يضعفها!

فكأن النتيجة الحتمية لهذا الطريق هو تركيع تلك الدول كافة وإضعاف سيادتها!

فالتطبيع سبب ونتيجة للضعف والاستضعاف في وقت واحد!

١١/ وكما تحالف المشروع الرافضي الصفوي الإيراني مع المشاريع الصليبية والصهيونية في تدمير قوة العراق وسوريا واليمن والسيطرة على لبنان وإضعاف الدول والقوى المجتمعية على حد سواء-فلا ينتظر منه أن يقوي مشروع المقاومة الفلسطينية إلا بما يخدم مصالحه، ويقوي موقفه في مفاوضاته النووية مع الغرب.

١٢/ وقد عمل أعداء الأمة على إضعافها دولا ومجتمعات عبر طرائق مختلفة، وفي مجالات متعددة، بحيث كان الكيد والغزو الفكري متزامنا مع العبث بمناهج التعليم، ومقررات الهوية، وانحرافات الإعلام مترافقة مع حماية المنكرات، واستباحة المحرمات، ‏واستغواء الساسة والنخبة على التوازي مع خداع عامةالشعوب!

١٣/ كما عملوا على إغراق دول المنطقة في محن حدودية وحروب عبثية تستنزف الموارد، ولا تنتهي إلى نتائج، وأغروا الحكومات بالقوى الإسلامية تارة والوطنية أخرى، ولعبوا بورقة الطائفية، مما أذكى الاحتراب الداخلي، وهدد أمن المجتمعات، وأشاعوا أجواء من الكراهية والخصومة بين مكونات المجتمع الواحد!

١٤/ كما اتخذوا عملاء من المسئولين في مختلف القطاعات وعلى كل المستويات!
‏بحيث أصبح هدم الدول وتدهور مستوى الخدمات وتجريف الموارد عملا يوميا تنسب فيه الخيانة إلى سوء الإدارة!

‏مع إضعاف قوى المجتمعات والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني، وتشويه كل مبادرة إصلاح، ووأد كل فكرة مصالحة مجتمعية!

١٥/ فإذا تبين أن أعداء الأمة قاصدون لإضعاف الدول وقوى المجتمعات كافة، فقد تعين على عقلاء الساسة وقادة الرأي في المجتمع أن يواجهوا هذا الكيد المدمر للأمة بدولها ومؤسسات المجتمع فيها، وعليهم أن يفوتوا فرص الوقيعة بين الحكومات والشعوب، وأن يسعوا لتحقيق مصالحة تحقق المصلحة على أسس واضحة.

١٦/ وليدرك الساسة وقادة الدول الكبرى في المنطقة أنهم يدفعون دفعا للادولة!

‏كما هو الحال الآن في لبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها!

‏وأن تنامي الضغوط الاقتصادية والاجتماعية سينتهي إلى ضعف قبضة الدولة إن لم يفض إلى سقوطها!

‏والكل يحتاج الدولة لحفظ الأمن والسلم

‏وأخيرا فإن الصلح خير

١٧/ وعلى القوى الإسلامية أن تدرك أن هجمة إلحادية عاتية قد هبت على المنطقة العربية، وهي تحمل معها موجة من الإباحية والفواحش الجنسية، وسعي حثيث لتبديل الدين وفتنة الجماهير، ولا بديل عن التصدي لهذه الحملات لحفظ أصول الدين،والرد على تلك الهجمات يتطلب عملا دؤوبا في بيئة مستقرة، والصلح خير

١٨/ وعلى القوى والقيادات الوطنية في منطقتنا مسئولية كبرى في التواصل مع الدولة لإصلاح الخلل ومقاومة الفساد، والتصدي للعملاء، ومواجهة كل أسباب ضعف الدولة، وحملها على إحداث مصالحة مجتمعية حقيقية، يعمل بموجبها الجميع لحماية وحفظ ما بقي من الأوطان قوية متحدة ومتماسكة.

‏والله من وراء القصد.

 

#فقه_النوازل‬⁩

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى