مقالاتمقالات مختارة

رؤية العلم ورؤية العين في السياسة المعاصرة

رؤية العلم ورؤية العين في السياسة المعاصرة

بقلم د. أسامة الملوحي

كل من تدبر القرآن وتأمل فيه ملياً وكان من المتابعين للسياسات الدولية المعاصرة، وتألم اليوم لما يجري في العالم من أحداث قاسية متسارعة تطال المسلمين الموحدين في كل مكان ،لوجد في القرآن وصفاً واقعياً دقيقاً ومنارات سياسية دالّة.
وتساْءل كثيرون في هذه الأيام عن دور العلماء والمشايخ في التوعية والتبصير والتحذير تجاه مايجري من حروب إبادة ناشطة الآن في سورية ومصر والهند وبورما وتركستان الشرقية وغيرها…وتساءل آخرون أكثر حزماًعن دور العلماء في التحريض لصد المجرمين الذين لم يرقبوا في المسلمين المسالمين إلًا أو ذمة.
والمتدبرون للقرآن أجابوا وقالوا:”إنه غياب وعجز”.
إنه غياب شبه تام للعلماء الذين هم من رتبة ورثة الأنبياء إلا من رحم ربي.
وعجزشديد مديد للفهم الحركي لآيات القرأن الكريم عند من يدعون العلم والمشيخة إلا من رحم ربي.
في سورة التكاثر يحدثنا القرآن عن رؤيتين:
رؤية علم :”كلا لو تعلمون اليقين – لترونَّ الجحيم” وكلا الفعلين في السياق القرآني هنا في الزمن الحاضر المضارع :يعني لو تعلمون الأن في الزمن الحاضر علم اليقين…لترونَّ الآن في الزمن الحاضر نفسه ماهو مغيب مقبل وهي الجحيم…رؤية علم، رؤية بالدلالات العلمية اليقينية الجازمة لما هو قادم حتمًا.
ولأنها رؤية علم فالذين هم أحق بها وأجدر أن يمتلكونها هم العلماء إن وجدوا وأينما وجدوا.

والرؤية الثانية في السياق القرآني هي رؤية العين :”ثم لترونَّنها عين اليقين” وهي رؤية متأخرة تكون بعد الحدوث وبعد فوات الأوان ومن فاتته رؤية العلم لن تنفعه رؤية العين فقد حلت أمامه جهنم حاضرة أمام ناظريه يوم يكون بصره حديد.
العلماء الحقيقيون هم الذين يرون بالعلم “علم اليقين” فيرون الحق حقاً ويدعون الناس لاتباعه ويرون الباطل باطلاً ويدعون الناس لاجتنابه؛ والناس يستبصرون برؤية العلماء ويمضون معهم واثقين مؤمنين.
فأين هم هؤلاء؟
كان في التاريخ الإسلامي على امتداده ثلة وكثرة منهم ولكن اليوم هل نرى لهم من بقية باقية.

الطغيان في العالم اليوم يتحالف مع بعضه البعض ويطال المسلمين المسالمين الموحدين بشراسة وحقد دفين عجيب في كل مكان وهذا الطغيان المعاصر يزداد ويستعر ولا يبرره مبرر ولا يسوغه مسوغ.
ولا يفسرهذا الطغيان و يشرح دافعه ويحذر منه ويدعو لمواجهته إلا القرآن الكريم…”اذهبا إلى فرعون إنه طغى.”
هل فقه من يسمون أنفسهم علماء أو طلاب علم هذا المحورالأساسي الضخم لعمل الأنبياء وأتباعهم وورثتهم…محور مواجهة الطغيان وما يدور حوله من فقه وفهم ووسائل.

في الحقيقة والحقيقة دائما هذه الأيام مرة ومريرة:
لم يفقه هذه الحقيقة إلا العاملون الحركيون الاسلاميون، إنهم أصحاب الفهم الحركي الاسلامي خرجوا من المساجد إلى كل الميادين وفعَّلوا المفاهيم الإسلامية، وواجهوا الطغيان في كل مكان ،وعبر عشرات السنين

وهم فقط من يصح عليهم القول:”إذا عمل أحدهم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرواحد” كيف لا وهم يواجهون الطغيان، والطغيان يستهدفهم ويحاول استئصالهم في كل مكان.
الثابتون العاملون المستمرون المخلصون و المتفقهون بالعمل والتفاعل والتفعيل.
هم من رحم ربي ،هم الذين لم يلينوا ولم يدهنوا ولم يتركوا ثوابت دينهم، إنهم القلة الباقية،ولن تجد أحق منهم بمرتبة العلماء العاملين الوارثين..

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى