رؤيةٌ شرعيةٌ لمصطلح “قَبول الآخر”
بقلم فضيلة الشيخ أ. د. حسام الدين عفاتة
يقول السائل: ما الحكمُ الشرعيُّ في مصطلحِ “قَبول الآخر” الذي شاع في وسائل الإعلام، وما الآثارُ المترتبةُ على قبولهِ والعملِ بمقتضاه، أفيدونا؟
الجواب:أولاً: مصطلحُ قَبولِ الآخر هو مصطلح غربي من إنتاج الثقافة الغربية، فهو أحد قيم الليبرالية في النظام الرأسمالي، وهو من حقوق المواطنة عندهم، ويستند لفكرة التعددية،
وهو مصطلحٌ وافدٌ، فهو غربي المولد والنشأة، وهو مصطلحٌ فضفاضٌ مائعٌ كما أراده صانعوه لتمييع المفاهيم.
ويريدون “بالآخر” في الغالب الكافر نصرانياً أو يهودياً، وأحياناً يريدون به المخالف مطلقاً بغض النظر عن دينه ومذهبه وفكره.
ومصطلح قبول الآخر كثر استعماله بل وفرضه على المسلمين، وانبهر به بعض المضبوعين بالثقافة الغربية، بما فيهم بعض مشايخ السلطان وبعض الدعاة الجدد!
وهؤلاء يسوقون لمصطلح قبول الآخر دون تحديد المراد منه عند أصحابه الذين أنتجوه، فقبول الآخر عندهم يعني أن تتقبل عقائد الآخرين وآرائهم وتتقبل عاداتهم وتصرفاتهم وتقاليدهم، ولو لم تتفق مع دينك وعقيدتك وأخلاقك وعاداتك.
ومصطلح قبول الآخر يحمل معانٍ فضفاضةٍ، وكلها تتعلق بما تصدره الثقافة الغربية، لذلك لا بد من فهم المراد منه، قبل أن يزعم الزاعمون أن القرآن الكريم والسنة النبوية ودين الإسلام قد دعا لقبول الآخر كما يحاول بعض من أشرت إليهم لتسويقه في بلاد المسلمين.
ولا بدَّ من تحديد المراد بمصطلح “الآخر” واستعمالاته عند مستعمليه، حتى تتضح الصورةُ من جميع زواياها، ولكشف خباياه، ولتحذير المسلمين من هذه السموم الوافدة، والتي يرددها الببغاوت المستغربون وأشباههم، الذين يرفعون شعارات محاربة التشدد والتطرف والعنف والإرهاب كما زعموا. والسؤالُ المهم هو مَنْ هو الآخر المقصود بهذا المصطلح؟
الآخرُ قد يكون عدونا الذي احتل أرضنا وشرَّد أهلنا وهدم بيوتنا وقتل وذبح، فيستعملُ بعضهم مصطلح “الآخر” كبديل لمصطلح ” العدو “.
والآخر قد يكون يهودياً أو نصرانيـاً أو بوذيـاً أو هندوسياً أو شيعيـاً أو علمانياً أو ليبرالياً … إلخ.
يقول د. محمد شاكر الشريف فرَّج الله كربه:[أنواع «الآخر»: «الآخر» قد يكون كافراً، وقد يكون مسلماً، والكافر أنواع: فمنه الكافر الحربي، والكافر الذمي، والكافر المعاهَد.
والمسلم أنواع: فمنه المسلم الذي هو من أهل السنة والجماعة، ومنه من هو من أهل البدعة والضلالة. وأهل السنة توجد بينهم خلافات في الفقه على تعدد درجات الاختلاف، كما أن البدع منها الغليظة المكفِّرة ومنها دون ذلك؛ وإزاء هذا التباين الشديد؛ فإن سَوْق الكلام عن «الآخر» سَوْقاً واحداً فيه ظلمٌ كبيرٌ، وتجاوزٌ للصواب بيقين، وهو موقعٌ في أحد الأطراف:
إما الإفراط، وإما التفريط، وقديماً قالوا: كِلا طرَفَيْ قصدِ الأمور ذميمُ.] www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/59.htm
ويقول الدكتور لطف الله خوجه:[قبول الآخر” مصطلح رائج هذا اليوم يرادفه: الرأي الآخر عدم إقصاء الآخر عدم إلغاء الآخر والتعايش مع الآخر…ثم ما معنى كلمة قبول ؟قبول ماذا في الآخر ؟أقبول السماع منه ومحاورته؟أم قبول التعامل معه ؟أم قبول التعايش بسلام؟ أم التزاوج والمساكنة؟أم قبول التآخي والتحاب؟أم قبول التساوي ؟.
وهل يعني قبول دينه، وأفكاره، وأخلاقه، مهما كانت، وعلى أية صفة، واحترامها واعتقاد صحتها ؟!!وهل يعني هذا المصطلح قبول دين اليهود والنصارى، بمعنى اعتقاد صحتهما، كونهما دينان سماويان في أصل الأمر، لهما كتابان، وأنبياء؟! وهل يعني الرضا بدين اليهود والنصارى، وتصحيحه، ورفعه ليتساوى مع الإسلام؟!
كل ما سبق هو داخل تحت مصطلح قبول الآخر في الثقافة الغربية، وعند عبيدها من الذين أعماهم الله على بصيرة! http://www.saaid.net › Doat › khojah
إذا فهمنا مصطلح قبول الآخر على حقيقته، نجزم بأن قبول الآخر فكرةٌ تغريبيةٌ دخيلةٌ على دين المسلمين وثقافتهم، وأن الهدف من تسويقه هو تضليلُ عامة المسلمين وتشكيكهم بدين الإسلام، كما سأبين لاحقاً.
وبناءً على ما سبق فنحن لا نقبلُ الآخر كما يريد واضعو المصطلح من سدنة الثقافة الغربية، بل نضبط التعامل مع هذا المصطلح الوافد، بأننا نقبل الآخر وفق ما قررته شريعتنا الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية.
وقررت شريعتنا الغراء كيفية التعامل مع الآخر إذا كان كافراً خارجاً عن دائرة الإسلام، كما قررت كيفية التعامل مع الآخر إذا كان ضمن دائرة الإسلام.
ثانياً: بناءً على ما يريده واضعو مصطلح قبول الآخر، لا بدَّ أن ننظر لآثار قبول الآخر في مختلف الجوانب: (1) في جانب العقيدة، فهم يريدون أن نقبل الكفار بكفرهم، وأن نكف عن استعمال كلمة الكفر في حقهم بحجة أنهم أهل كتاب، وهذا يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية، فقد ثبت إطلاق وصف الكفر عليهم في كتاب الله عز وجل وفي السنة النبوية، وهو ما اتفق عليه العلماء، وهو من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، بل هو محل إجماعٍ بين العلماء كافةً، وأن اليهود والنصارى كفارٌ كفراً مطلقاً، فأهل الكتاب الذين أشركوا مع الله غيرَه، ولم يؤمنوا برسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وكذا الذين أنكروا البعث والنشور وأنكروا اليوم الآخر، لا شك في كفرهم.
وقد قامت الأدلة على كفرهم من القرآن والسنة وانعقد الإجماع على ذلك: قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ
بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}سورة النساء الآيتان150-151.
وقال تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} سورة آل عمران الآية 70.
وقال تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} سورة آل عمران الآية 98.
وقال تعالى:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}سورة المائدة الآية72.
وقال تعالى:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}سورة المائدة الآية 73.
وقال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} سورة التوبة الآيتان30 -31.
وقال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}سورة آل عمران الآية 19.
وقال تعالى:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}سورة آل عمران الآية 85.
وثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار) رواه مسلم.
قال ابن حزم:[واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً] مراتب الإجماع ص119.
وقال القاضي عياض:[ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل أو توقف فيهم أو شك أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك] الشفا في أحوال المصطفى 2/610.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[قد ثبت في الكتاب والسنَّة والإجماع أن من بلغته رسالته صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن به فهو كافر، لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد، لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة] مجموع الفتاوى12/496.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً:[إن اليهود والنصارى كفارٌ كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام] مجموع الفتاوى 35/201.
وقال إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:[اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة: الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له، والدليل قوله تعالى:{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ }سورة النساء الآية 48. ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب.
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفرَ إجماعاً.
الثالث:من لم يُكفِّرْ المشركين أو شكَّ في كفرهم أو صحح مذهبهم، كفَرَ إجْماعاً].
وسئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز، ما حكم مَن لم يُكفِّرْ اليهود والنصارى؟ فأجاب:[هو مثلهم، مَنْ لم يُكفِّرْ الكفار فهو مثلهم، الإيمان بالله هو تكفير من كفر به، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من وحَّد الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرَّم ماله ودمه وحسابه على الله) ويقول جل وعلا:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فلا بد من الإيمان بالله، وتوحيده والإخلاص له، والإيمان بإيمان المؤمنين، ولا بد من تكفير الكافرين، الذين بلغتهم الشريعة ولم يؤمنوا، كاليهود والنصارى والمجوس والشيوعيين وغيرهم، ممن يوجد اليوم وقبل اليوم ممن بلغتهم رسالة الله ولم يؤمنوا، فهم من أهل النار كفار] فتاوى الشيخ ابن باز 28/46، 47.
وكل ما سبق يؤكد أن لا يجوز بحالٍ من الأحوال الإقرار بقبول الآخر الكافر، على الرغم من الدعوات الباطلة لذلك، كما فعلت دولة الإمارات فيما سمي”الاتفاق الإبراهيمي” وهو الاسم الذي اختير عنواناً لاتفاقية التطبيع بين الإماراتِ ودولة يهود، رضوخاً لرغبات أسيادهم لإزالة حالة العداء العقدي بين المسلمين وبين اليهود والنصارى.
وقد زعم مشايخ السلطان الإماراتي أن “البيت الإبراهيمي” يجمع الإخوة من صلب آدم !؟ وهو دعوةٌ صريحةٌ لما يسمَّى وحدةَ الأديان، وقد أعظموا الفرية على الله عز وجل، إذ يقول تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} سورة آل عمران الآية 67.
وإن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدِّين بالضرورة، التي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دينٌ حقٌ سوى دين الإسلام، وأنه خاتمةُ الأديان، وناسخٌ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبقَ على وجه الأرض دينٌ يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}آل عمران: 85. والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاءُ الفوارق بين الإسلام والكفر، والحقِّ والباطل، والمعروفِ والمنكر، وكسرِ حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاءَ ولا براءَ، ولا جهادَ ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} سورة التوبة الآية 29. ويقول جل وعلا:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} سورة التوبة الآية 36.
(2) تدمير القيم والأخلاق الإسلامية كما في فرض ثقافة الشذوذ الجنسي على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر، وهنالك جمعياتٌ في فلسطين وغيرها تعملُ على نشرِ الشذوذِ الجنسي تحت مُسمَّى “المثلية الجنسية والتعدُّديَّة الجنسيّة والجندريَّة”، وتهدف هذه الجمعيات
إلى إشاعة الفاحشة والمنكر، وإلى نشرِ الثقافة الجنسية الممسوخة لمسخ البقية الباقية من قيمنا الأخلاقية.
ولا شك أن الشذوذَ الجنسي انتكاسٌ للفطرة الانسانية، وانحرافٌ خطيرٌ عن سنن الله عز وجل، قال تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}سورة الذاريات الآية 49. والمراد بالآية أن الله تعالى خلق من جميع الكائنات زوجين، أي: صنفين متقابلين، ومن ضمن ذلك خلق الذكر والأنثى، قال القرطبي في تفسير الآية:[أَيْ صِنْفَيْنِ وَنَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَحُلْوًا وَحَامِضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وقال مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالنُّورَ وَالظَّلَامَ، وَالسَّهْلَ وَالْجَبَلَ، وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالْبُكْرَةَ وَالْعَشِيَّ، وَكَالْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الألوان مِنَ الطُّعُومِ وَالْأَرَايِيحِ وَالْأَصْوَاتِ] تفسير القرطبي 17/53.
وقد نعى اللهُ عزَّ وجل على قومِ لوط عليه الصلاة والسلام انحرافَ فطرتهم وسقوطهم في مستنقع الشذوذ الجنسي، فقال تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} سورة الأعراف الآية 81. وقال تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}سورة الشعراء الآيات 160-166.
وقال تعالى:{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ}سورة الأنبياء الآية 74.
وقال تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} سورة العنكبوت الآيتان 28-29.
وقال تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} سورة النمل الآيات 54-58.
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ على أُمَّتي عَملُ قومِ لوطٍ) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه العلامة الألباني في “صحيح الجامع”.
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لعن اللهُ مَن ذبح لغيرِ اللهِ، لعن اللهُ مَن غَيَّرَ تُخُومَ الأرضِ، لعن اللهُ من كَمَّهَ الأعمَى عن السَّبيلِ -أي أضله عنه أو دلَّه على غير مقصده-، لعن اللهُ مَن سَبَّ والدَيه، لعن اللهُ مَن تولَّى غيرَ مَواليه، لعن اللهُ مَن وقع على بهيمةٍ، لعن اللهُ من عمِل عملَ قومِ لوطٍ، لعن اللهُ من عمِلَ عملَ قومِ لوطٍ، لعن اللهُ
مَن عملَ عملَ قومِ لُوطٍ) رواه أحمد والطبراني في المعجم الأوسط، وصححه العلامة الألباني في “صحيح الجامع”.
وعن واثلة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(السِّحَاقُ زِنَا النِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ) رواه الطبرانى وأبو يعلى. وفي سنده بعض كلامُ.
وجاء في بيان لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: [في ظل حملاتٍ ممنهجةٍ لقوى ومنظماتٍ عالميةٍ بما تملكه من وسائل إعلام، وبرامج ترويحية وغنائية، ومنصات إلكترونية، وتوظيف لشخصيات شهيرة، وغير ذلك من الأساليب؛ بهدف الترويج لفاحشة الشذوذ الجنسي، وتقنين انتشارها بين الراغبين في ممارسة هذا الانحراف في مختلف المجتمعات حول العالم، بما فيها المجتمعات العربية والإسلامية.
في ظل هذه الكارثة اللاأخلاقية الجديدة؛ يعربُ مركزُ الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن استنكاره الشديد لتلك الحملات غير الإنسانية، والمخططات الشيطانية، وما تهدف إليه من هدم منظومة القيم الخلقية والاجتماعية لمؤسسة الأسرة، ومسخ هوية أفرادها، والعبث بأمن المجتمعات واستقرارها.
ويؤكد المركزُ رفضه القاطع لكل محاولات ترويج الشذوذ الجنسي وما يسمى بـ«زواج المثليين»؛ سيما في العالم الإسلامي، كما يعلن رفضه القاطع تسمية هذا الشذوذ زواجاً، فالزواج في الأديان، بل وفي عوالم الكائنات الحية؛ لا يكون إلا بين ذكر وأنثى، وفق ضوابط محددة.
كما يؤكد أن الشذوذَ الجنسي فاحشةٌ منكرةٌ، مخالفةٌ للفطرة الإنسانية، وهادمةٌ للقيم الأخلاقية، وسلوكٌ عدواني، يعتدي به فاعلهُ على حقِّ الإنسانية في حفظ جنسها البشري، وميولها الطبيعية بين نوعيها، وعلى حقِّ النشء في التربية السوية بين آباء وأمهات…ويشير المركز إلى أن محاولاتِ فرضِ ثقافة الشذوذ الجنسي على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحرياتِ، هو من قبيل التلاعب بالألفاظ، والتنكر للدِّين والفطرة والقيم الإنسانية، والعودة إلى عهود التسلط الفكري في أزمنة الاستعمار وفرض الوصاية على الشعوب والأمم؛ مشدداً على ضرورة احترام ثقافات الدول والمجتمعات، وأهمية تمسك المجتمعات الإسلامية والعربية بهويتها، وقيمها، وتعاليم دينها الحنيف. فليس كل ما تراه الكيانات المنحرفة عن ركب الفطرة والقيم الإنسانية قيمةً من القيم، هو كذلك في واقع الأمر!!فقد ترى هذه الكيانات بعض السلوكيات حسناً وهو في ميزان الأديان، والقيم الشرقية الحضارية، في منتهى السوء والقبح.] https://paltoday.ps/ar
(3) وبدعوى قبول الآخر تشنُّ الحربُ الشرسة على المساجد، فهنالك جهاتٌ عديدةٌ في العالم العربي تساوقت مع ظاهرة التخويف من الإسلام “الإسلام فوبيا” كالعلمانيين والليبراليّين واليساريّين، وكالطغاة وأعوانهم، فهؤلاء يُغذُّون ظاهرة “الإسلام فوبيا” في مواقفهم وكتبهم وأقوالهم كتحذيرهم من المسلمين في أوروبا، وتخويف الأوروبيين من
المساجد. ولم يكتفوا بذلك، بل نقلوا ظاهرة “الإسلام فوبيا” إلى بلاد المسلمين، تحت حُجة محاربة ما يسمونه “حركات الإسلام السياسي” فحاربوا المساجد وضيقوا على الدعاةِ، وعلى دروس العلم الشرعي، وحلقاتِ تحفيظ القرآن الكريم وغيرها. وما هذه الإجراءات إلا تطبيقٌ عمليُ لما ورد في تقرير” مؤسسة راند الأمريكية لسنة 2007م، وهي مؤسسةٌ بحثيةٌ تابعةٌ للقوات الجوية الأمريكية، حيث ركَّز التقريرُ على ما يعتبره “خطورة دور المسجد “باعتبار أن المسجد الساحة الوحيدة للمعارضة على أساس الشريعة الإسلامية للأنظمة القائمة.
(4) وبدعوى قبولِ الآخر تُشنُّ الحربُ الشرسةُ على مناهج التعليم، فقام عبيد الفكر الغربي من الطغاة بتغيير مناهج التعليم، لاسيما مناهج التربية الإسلامية التي حُذف منها كثيرٌ من آياتِ الجهادِ والآياتِ التي تبينُ كفرَ اليهود والنصارى طبقاً لسياسة تجفيف المنابع الدينية عند المسلمين بإقصاء الإسلام من مناهج التعليم أو تقليص وجوده للحدود الدنيا.
(5) وبدعوى قبولِ الآخر تُشنُّ حربٌ شرسةٌ على الحجاب، وخاصةً في البلاد الأوروبية كفرنسا التي أعلنت الحربَ على المحجبات، وقد سبق لرئيس فرنسا ساركوزي عندما كان وزيراً لداخلية فرنسا أن أصدر تشريعاً قانونياً حظر فيه الحجاب في المدارس، وكان ذلك بمباركة شيخ الأزهر محمد طنطاوي الذي قال:[أنا ليس لي شأنٌ بقرار الرئيس الفرنسي بمنع ارتداء (النقاب) في بلاده لأن لكل دولة قوانينها التي تحكمها وهذا أمرٌ داخلي تنظمه كل دولة كيفما تشاء].
وها هو الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون يعلن توسيع الحظر على الحجاب، ليشمل جميع مقدمي الخدمات العامة في فرنسا. وقد صوت البرلمان الفرنسي مؤخراً، على تعديلاتٍ جديدةٍ ضمن ما يسمى “قانون مكافحة الانفصالية” تم بموجبها إضافةُ بندٍ إلى مشروع القانون المثير للجدل يقضي بمنع ارتداء الحجاب لمن هن أقل من 18 سنة في الأماكن العامة، ومنع ارتداء الحجاب لمرافقات التلاميذ خلال الرحلات المدرسية.
(6) ومن أخطر آثار دعوى قبول الآخر، إبطالُ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أوجبها الله عز وجل بقوله تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}سورة آل عمران الآية 104.
وقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} سورة آل عمران الآية 110.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(مُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجابُ لكم) رواه أحمد وابن ماجة، وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسُ محمدٍ بيده، لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يدي الظالم، ولتأطرنَّه على الحقِّ أطراً، أو ليضربنَّ اللهُ قلوب بعضكم على بعضٍ، ثم ليلعننَّكم كما لعنهم) رواه الطبراني وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.
وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ اللهُ أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) رواه أحمد والترمذي، وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله ليسألُ العبدَ يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكرَ أن تُنكره؟ فإذا لقنَ اللهُ عبداً حجته قال: يا رب رجوتك وفَرِقتُ من الناس) رواه ابن ماجة، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:(بايعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصحِ لكل مسلمٍ) رواه البخاري. وغير ذلك النصوص.
وإن دعاةَ قبولِ الآخر لا يقبلون فريضة النهي عن المنكر، حيث إن كثيراً من أفكارهم تقع ضمن دائرة المنكرات، فالنهيُ عن المنكر يتصادمُ تصادماً مباشراً مع دعواهم قبولَ الآخر بعُجَرَهِ وبُجَرَهِ!؟
ثالثاً: لا بدَّ أن نسأل سؤالاً مهماً، هل دعاةُ قبول الآخر من الغربيين وعبيدهم في ديارنا يقبلون الآخرَ منا، وأقصد المسلمين، وما هو موقف النصارى واليهود من دين الإسلام بشكلٍ عام؟ وما موقف الدول الغربية وأذنابها من التوجهات الإسلامية المعاصرة بجميع أطيافها؟
لنجيب على ذلك فلننظر إلى مواقف اليهود والنصارى من دين الإسلام ومن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.
هل يعترفُ اليهود والنصارى بدين الإسلام أصلاً؟ وهل يقرون بأن محمداً صلى الله عليه وسلم نبيٌ مرسلٌ من الله عز وجل؟
إنهم لا يقرون بذلك كله! بينما يقرُّ الإسلامُ بأنَّ موسى عليه السلام نبيٌّ مُرْسلٌ، ويقرُّ الإسلامُ أن عيسى عليه السلام نبيٌّ مُرْسلٌ، كما أن الإسلامَ اعترف بكتبهم الأصلية -التوراة والإنجيل- التي أنزلها الله عز وجل، ولكن اليهود والنَّصارى قالوا كذب محمَّدٌ فلم ينزل عليه القرآن!؟ولا يتسع المقام للتفصيل.
وأما الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا تسعى بكل الوسائل لفرْضَ ثقافتِها وتوجهاتها الفكريَّة على المسلمين، وما قامت به فرنسا في حربها على المحجبات وعلى مساجد المسلمين وفرضها الثقافة الفرنسية على ملايين المسلمين المهاجرين إليها لدليلٌ واضحٌ على عدم قبول الآخر؟
وأما موقفُ سدنة الثقافة الغربية من الليبراليَّين والعلمانيين وأمثالهم في بلاد المسلمين من الآخر وهو التيارات الإسلامية، فهو الرفضُ المطلق والمحاربة بشتى الأساليب، وانظر إلى الأوصاف التي يطلقونها على الآخر المسلم، بأنهم ظلاميون ورجعيون ومتخلفون وإرهابيون وتكفيريون إلى غير ذلك من الأوصاف.
وهكذا هو موقفُ الطغاة من أذناب المستعمرين فهم يشنون حرباً لا هوادة فيها على الإسلام وأهله، كما يجري في كثيرٍ من دويلات المسلمين!
وإن المتمعن في مواقف الدول الغربية التي تروج لفكرة قبول الآخر في بلاد المسلمين وكذا مواقف أذنابهم في ديار المسلمين ليؤكد على حقيقة رفضهم جميعاً للآخر المسلم.
ولا بدَّ أن أذكر أن مشايخ السلطان كأسيادهم لا يقبلون الآخر المخالف، ويصفونهم بأسوأ بما في معاجم اللغة العربية من أوصافٍ بذيئةٍ والشواهد على ذلك أكثر من أن تُحصى!
إن الهدف الحقيقي لدعاة قبول الآخر لهم هو سلخُ المسلمين عن ثوابت دينهم، وإنتاجُ إسلامٍ متوافقٍ مع قيمهم الغربية، فهم يريدون إسلاماً على الطريقة الأمريكية أو الفرنسية!
رابعاً: إذا تقرر الحكمُ الشرعيُّ في رفضِ مصطلحِ قبولِ الآخر كما وضعه أصحابه، فهل الإسلامُ لا يقبلُ الآخر؟
الحقيقةُ المستمدةُ من النصوص الشرعية تؤكدُ أن الإسلام قد نظر للناس كافةً بغض النظر عن اختلاف عقائدهم على أنهم يشتركون في الانسانية، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} سورة الإسراء الآية 70، وأن الاختلاف بين بني البشر أمرٌ طبعيٌ كما قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} سورة الروم الآية 22، والاختلافُ بين بني البشر من أسبابِ التعارفِ، وأن التفاضلَ بينهم قائمٌ على أساسِ التقوى كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} سورة الحجرات الآية 13.
ومن المعالمِ الواضحةِ التي قررها دينُ الإسلام المجادلةُ مع أهل الكتاب بالتي هي أحسنُ كما قال تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} سورة العنكبوت الآية 46.
وقد نهانا الله عز وجل عن سبِّ آلهةِ الكفارِ كما قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} سورة الأنعام الآية 108، وأمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم باحترامِ النفسِ الانسانيةِ مطلقاً حالَ الموتِ وحالِ الحياةِ كما ورد عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال:(مرَّت جنازةٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لها واقفاً، فقيل له:يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال أليست نفساً) رواه البخاري ومسلم.
وينبغي التأكيد على أن عدم قبولنا دعوى قبول الآخر كما هو بعقيدته وأخلاقه الفاسدة، لا يعني أن الإسلامَ يكرهُ الناسَ على اتباعه، فالإسلامُ ضمن حريةَ الاعتقاد، ومنع إكراههم، قال تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}سورة البقرة الآية 256.
كما أن الإسلامَ أعطى الحريةَ لأهلِ الكتابِ في إقامة شعائرهم في كنسهم وكنائسهم، تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها “شمسُ العربِ تسطعُ على الغربِ” ص 364: [العرب-أي المسلمون- لم يَفرِضوا على الشعوب المغلوبة الدخولَ في الإسلام؛ فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قَبْل الإسلام أبشعَ أمثلةِ للتعصب الديني وأفظعها، سُمِح لهم جميعاً دون أي عائق يَمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترَكَ المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يَمسُّوهم بأدنى أذى، أوَ ليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مِثل تلك الأعمال ومتى؟ ومَن ذا الذي لم يتنفَّس الصُّعداء بعد الاضطهاد البيزنطي الصارخ، وبعد فظائع الإسبان واضطهاد اليهود؟ إن السادة والحكام المسلمين الجُدد لم يزجوا أنفسهم في شؤون تلك الشعوب الداخلية، فبطريرك بيت المقدس يكتب في القرن التاسع لأخيه بطريرك القسطنطينية عن العرب: إنهم يمتازون بالعدل ولا يَظلِموننا ألبتَّة، وهم لا يستخدمون معنا أي عنف]
وقرر الإسلامُ قواعدَ التعامل مع الآخر المخالفِ، فأمر بالعدل المطلق، وهو إعطاءُ كل أحدٍ ما يستحقه، قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}سورة النساء الآية 58.
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} سورة المائدة الآية 8.
وقال تعالى:{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} سورة الأعراف الآية 29.
وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} سورة النحل الآية 90.
وقال تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}سورة الممتحنة الآيتان 8-9.
هذا في باب المعاملات مع الآخر، وأما في مجال العقيدة فالقولُ الفَصلُ في ذلك ما قررهُ القرآن الكريمُ والسنةُ النبوية من المفاصلةِ الواضحةِ بيننا وبين الآخر، وذلك بتطبيقِ عقيدةِ الولاء والبراء، فالمسلمُ يوالي أهلَ الإيمان، ويتبرأُ من أهلِّ النفاق والكفران، يقول تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}سورة الكافرون.
خامساً: ختاماً المطلوبُ من المسلم التمسكُ بالكتاب والسنة، وأن يحتكم لهما في كل قضاياه، وأن يحذرَ من التنازلِ عن شيءٍ من عقيدته وثوابتِ دينه، مهما كانت الهجمةُ شرسةً، وقد
حثَّنا الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلم على التمسك بديننا، فقال:(فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/871.
وقال النبي صلى الله عليه وسـلـم:( إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي) رواه ابن ماجة والحاكم وصححه العلامة الألباني.
وينبغي أن يُعلم أن عِزةَ الأمةِ المسلمةِ وعُلوَ شأنها، إنما يكون بالتمسك بكتاب ربها وبسنة نبيها صلى الله عليه وسلم والعمل بمقتضاهما، ولا عزةَ للأمة بالرضوخ لأعداء الأمة، وقبول تمييع الأحكام الشرعية لإرضاء الدول الغربية والمنظمات الغربية، من أجل الحصول على الأموال وللحصول على شهادة حسن السلوك، كما فعلت بعض الحركات الإسلامية في تونس والمغرب ومصر وغيرها، ومثلما فعل بعضُ الطغاة من إقرار التطبيع مع كيان يهود وفرضه على شعوبهم بالحديد والنار.
وعلى الأمة المسلمة أن تُوقنَ أن خلاصها من الذلِّ والهوانِ والاحتلالِ، لا يكون إلا بالتمسكِ بالإسلام، وأن هذا هو طريقُ الخلاص الوحيد للمسلمين، وإذا تخلت الأمةُ المسلمة عن دينها، فستعيشُ أبداً تحت أقدامِ أعداءها من الغربيين وعبيدهم.
وخلاصة الأمر أن مصطلحَ قَبولِ الآخر هو مصطلحٌ غربيٌ من إنتاج الثقافة الغربية، فهو أحدُ قيم الليبرالية في النظام الرأسمالي.
وأن مصطلحَ قبول الآخر يحملُ معانٍ فضفاضةٍ، وكلها تتعلق بما تصدره الثقافة الغربية، لذلك لا بد من فهم المراد منه.
وأن قَبولَ الآخر عندهم يعني أن تتقبلَ عقائد الآخرين وآرائهم وتتقبلَ عاداتهم وتصرفاتهم وتقاليدهم، ولو لم تتفق مع دينك وعقيدتك وأخلاقك وعاداتك.
وأننا إذا فهمنا مصطلح قبول الآخر على حقيقته، نجزمُ بأن قبولَ الآخر فكرةٌ تغريبيةٌ دخيلةٌ على دين المسلمين وثقافتهم، وأن الهدفَ من تسويقه هو تضليلُ عامة المسلمين وتشكيكهم بدين الإسلام.
وأننا لا نقبلُ الآخرَ كما يريد واضعو المصطلح من سدنةِ الثقافة الغربية، بل نضبطُ التعامل مع هذا المصطلح الوافد، بأننا نقبلُ الآخرَ وفق ما قررتهُ شريعتُنا الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية.
وأن قبولَ الآخر له آثارٌ خطيرةٌ فهم يريدون أن نقبل الكفار بكفرهم، وأن نكف عن استعمال كلمة الكفر في حقهم بحجة أنهم أهل كتاب، وهذا يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية، فقد ثبت إطلاقُ وصفِ الكفر عليهم في كتاب الله عز وجل وفي السنة النبوية، وهو ما اتفق عليه العلماء، وهو من الأمور المعلومة من الدِّين بالضرورة.
وأن من آثار قبول الآخر تدميرُ القيم والأخلاق الإسلامية كما في فرض ثقافة الشذوذ الجنسي على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر.
وأنه بدعوى قبول الآخر تُشنُّ حربٌ شرسةٌ على المساجد، فهنالك جهاتٌ عديدةٌ في العالم العربي تساوقت مع ظاهرة التخويف من الإسلام “الإسلام فوبيا” كالعلمانيين والليبراليّين واليساريّين، وكالطغاة وأعوانهم.
وأنه بدعوى قبولِ الآخر تُشنُّ الحربُ الشرسةُ على مناهج التعليم، فقام عبيد الفكر الغربي من الطغاة بتغيير مناهج التعليم، لاسيما مناهج التربية الإسلامية التي حُذف منها كثيرٌ من آياتِ الجهادِ والآياتِ التي تبينُ كفرَ اليهود والنصارى طبقاً لسياسة تجفيف المنابع الدينية عند المسلمين بإقصاء الإسلام من مناهج التعليم أو تقليص وجوده للحدود الدنيا.
وأنه بدعوى قبولِ الآخر تُشنُّ حربٌ شرسةٌ على الحجاب، وخاصةً في البلاد الأوروبية كفرنسا.
وأن من أخطر آثار دعوى قبول الآخر إبطالُ فريضةِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أوجبها الله عز وجل.
وأن دعاةَ قبولِ الآخر لا يقبلونَ فريضةَ النهي عن المنكر، حيث إن كثيراً من أفكارهم تقع ضمن دائرة المنكرات، فالنهيُ عن المنكر يتصادمُ تصادماً مباشراً مع دعواهم قبولَ الآخر بعُجَرَهِ وبُجَرَهِ!؟
وأن المتمعن في مواقف الدول الغربية التي تُروج لفكرة قبول الآخر في بلاد المسلمين وكذا مواقف أذنابهم في ديار المسلمين ليؤكد على حقيقة رفضهم جميعاً للآخر المسلم.
وأن الحقيقةَ المستمدةَ من النصوص الشرعية تؤكدُ أن الإسلام قد نظر للناس كافةً بغض النظر عن اختلاف عقائدهم على أنهم يشتركون في الانسانية.
وأن الاختلافَ بين بني البشر من أسبابِ التعارفِ، وأن التفاضلَ بينهم قائمٌ على أساسِ التقوى.
وأن من المعالمِ الواضحةِ التي قررها دينُ الإسلام المجادلةُ مع أهلِّ الكتابِ بالتي هي أحسنُ.
وأنه ينبغي التأكيدُ على أن عدم قبولنا دعوى قبول الآخر كما هو بعقيدته وأخلاقه الفاسدة، لا يعني أن الإسلامَ يكرهُ الناسَ على اتِّباعه، فالإسلامُ ضمن حريةَ الاعتقاد والعبادة، وأذن لهم في إقامة شعائرهم في كنسهم وكنائسهم.
وأن الإسلامَ قرر قواعدَ التعامل مع الآخر المخالفِ، فأمر بالعدل المطلق، وهو إعطاءُ كل أحدٍ ما يستحقه في باب المعاملات مع الآخر.
وأما في مجال العقيدة فالقولُ الفَصلُ في ذلك ما قررهُ القرآن الكريمُ والسنةُ النبوية من المفاصلةِ الواضحةِ بيننا وبين الآخر، وذلك بتطبيقِ عقيدةِ الولاء والبراء، فالمسلمُ يوالي أهلَ الإيمان، ويتبرأُ من أهلِّ النفاق والكفران، كما قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
وأن المطلوبَ من المسلم التمسكُ بالكتاب والسنة، وأن يحتكم لهما في كل قضاياه، وأن يحذرَ من التنازلِ عن شيءٍ من عقيدته وثوابتِ دينه، مهما كانت الهجمةُ شرسةً.
وأن عِزةَ الأمةِ المسلمةِ وعُلوَ شأنها، إنما يكون بالتمسكِ بكتابِ ربها وبسنةِ نبيها صلى الله عليه وسلم والعمل بمقتضاهما، ولا عزةَ للأمة بالرضوخِ لأعداء الأمة، وقبولِ تمييع الأحكام الشرعية لإرضاء الدول الغربية والمنظمات الغربية، من أجل الحصول على الأموال وللحصول على شهادة حسن السلوك.
وأن على الأمة المسلمة أن تُوقنَ أن خلاصها من الذلِّ والهوانِ والاحتلالِ، لا يكون إلا بالتمسكِ بالإسلام، وأن هذا هو طريقُ الخلاصِ الوحيدُ للمسلمين، وإذا تخلت الأمةُ المسلمة عن دينها، فستعيشُ أبداً تحت أقدامِ أعداءها من الغربيين وعبيدهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسـلـم:( إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي)
والله الهادي إلى سواء السبيل
المصدر: شبكة يسألونك الإسلامية