د. رشيد بن كيران: مخالفة الحجر الصحي مفسدة وكل مفسدة فقد نهى عنها الشرع وما نهى عنه الشرع فهو يتوجه إليه الوعيد
خرج هؤلاء يكبرون ويهللون، التكبير في حد ذاته حسن وكذلك التهليل، ولكن في تجمع مثل هذا التجمع وفيروس كورونا ينتقل بين الناس ويكثر المصابين به وتزيد إمكانية الدولة رهقا وضعفا، وقد تموت نفوس بسبب العدوى … يعد من أكبر المنكر.
يروى أن رجلا أراد أن يتنفل بعد صلاة العصر (وصلاة النافلة المطلقة بعد صلاة العصر منهي عنها) فرآه عمر رضي الله عنه فنهاه عن ذلك.
فقال الرجل: أترى سيعذبني الله بالصلاة له!!؟ (يقول ذلك وكأنه أتى بالدليل الدامغ).
فقال له عمر: لا، لا يعذبك الله بالصلاة له، وإنما يعذبك لمخالفة لما نهى عنه من صلاة نافلة في هذا الوقت، أي بعد صلاة العصر.
ليس العيب أو الخطأ في التكبير والتهليل، وإنما الخطأ يكمن في مخالفة الشريعة في فعل شيء (تجمع الناس) وهو منهي عنه حتى ولو كانت النية حسنة ومصاحبة بالتكبير والتهليل.
كثير من الناس يظنون أن الحجر الصحي هو أمر دنيوي لا دخل للدين فيه، بمعنى أن من خالفه ولم يمتثل لوازمه وخرج دون ضرورة قصوى ولم يأخذ الحيطة والحذر، ثم لم يُصب بالعدوى أن الأمر قد انتهى..
لا يا سيدي، الأمر ليس كذلك، فحتى لو لم تُصب بالعدوى فإنك قد وقعت في الإثم، فحينما تكون المصلحة الشرعية تقتضي شيئا، والتي منها حفظ النفس، يصبح ذلك الشيء واجبا شرعيا، ومن خالفه فقد خالف واجبا شرعيا، وسيحاسب عليه..
وتمثل أيها المتحدي للحجر الصحي والمعتدي على نفسه وعلى غيره بقانون السير، فلو أن إنسانا ما خالف إشارة المرور، ومر في الوقت الذي لا يجوز له المرور (في الضوء الأحمر مثلا) فإنه آثم ولو لم تقع حادثة سير، فنفس مخالفتك لقانون السير إلقاء بالنفس إلى التهلكة وإلقاء الغير إلى التهلكة؛ والله يقول (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
اعلموا – وفقنا الله وإياكم إلى أحسن القول- أن كل ما أمر به الشرع في جميع المجالات؛ عبادة، ومعاملة، وأخلاقا، وسلوكا.. فهو يتضمن مصلحة، فأوامر الله مصالح
وأن كل ما نهى عنه الشرع في جميع المجالات… فهو يتضمن مفسدة، فمنهيات الله مفاسد.
والله تعالى يحب أن تمتثل أوامره وتتحقق بها مصالح العباد، ويكره أن تنتهك منهياته وتترتب عليها مفاسد العباد، وإن امتثال للحجر الصحي مصلحة، ومخالفة الحجر الصحي مفسدة، والله عز وجل يقول: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)، فاتقوا الله في أنفسكم واستجيبوا لنداء الشرع وصوت العقل وحكمة التجربة والعادة.
(المصدر: هوية بريس)