دور رمضان في إحياء قيمة الشغف
أ. د. فؤاد البنا
نبدأ بالتأكيد على أن الإنسان الذي يفقد قيمة الشغف يصاب بعمى الألوان ويتأذى من الأصوات الجميلة، ويفقد طعم الحياة، ولا يتلذذ بشيء من مباهجها، مما يمنحه شعورا بأن إيقاعات الحياة رتيبة وأن الناس ثقلاء دم ويتأبطون شرا، وتصبح حياته زاخرة بالضنك، ويصبح معتل المزاج سقيم البدن، وربما أحس بأن مبررات بقائه قد نفدت!
ومن يتمعن في مقاصد الصيام وثمار رمضان عامة؛ سيجد أن لها علاقة وثيقة بإحياء الشغف في النفوس واستعادة البهجة الروحية والنفسية والقلبية التي قد تضمر نتيجة كرّ الليالي وفرّ الأيام. ومن أبرز الأبعاد المرتبطة بتحقيق هذا المقصد وباختزال شديد:
– القضاء على الرتابة التي تسير عليها الحياة طيلة أشهر العام، وتحطيم قوالب العوائد التي ربما أفقدت الحياة طعمها اللذيذ!
– الإعلاء من شأن النفخة الروحية والتحرر من سيطرة القبضة الترابية، وهذا الأمر يسهم في انتعاش الروح وطمأنينة الفؤاد!
– التخلص من قسوة القلب التي تتكون بسبب اقتراف الذنوب وطول الأمد، واكتساب الشعور بأوجاع الفقراء والمساكين، والتدرب على مد يد المساعدة لهم، ومن المعلوم دينيا وعلميا ونفسيا أن إسعاد المنكسرين من أبرز الأسباب لاكتساب السعادة الذاتية!
– ملئ الوقت بالأعمال والواجبات، مع التنقل بين أكبر عدد ممكن من شُعب الإيمان واكتساب الإرادة الضرورية لتحقيق بعض المنجزات في كل ميدان، وإن ملء الفراغ بأعمال نافعة يملأ الوجدان بمتعة الإنجاز التي هي منبع أساسي من منابع السعادة، كما ورد في سورة (الشرح) في خطاب المولى عز وجل للحبيب محمد: {فإذا فرغتَ فانصب وإلى ربك فارغب}، أي إذا انتهيت من عمل فانتقل إلى عمل آخر مع استحضار روح التعبد، فإن نَصَب الجسد راحة للقلب وبهجة للروح، وكما قال الأديب الإيرلندي برنارد شو: إن سبب الشعور بالشقاء هو أن تجد وقتا فارغا لتسأل نفسك هل أنت سعيد أم لا”!
– التخلص من أثقال الخطايا وضنك الأوزار، لما يتضمنه رمضان من محطات للغفران وتصفيد للشياطين، وهبوب لرياح الفضل الإلهي التي تعطي بلا حساب، مما يضاعف الأجور ويشرح الصدور، ولقد امتن الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بشرح الصدر ووضع الذنوب في قوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك}؟.. وجاء هذا الامتنان في سورة تسمى (الشرح)؛ لكي يبين الله لعباده دور غفران الذنوب في رفاهية الروح والعيش تحت ظلال السعادة!