الاسلام اليوم – ترجمة حصرية.
سيتعيّن على شرطة العاصمة البلجيكيّة بروكسل المشاركة في سلسلة دروس تعليميّة عن الإسلام وعن التطرّف.
الهدف منها: عدم الخلط بين ديانة وبين انحرافاتها. لكنّ البعض يندّد بدروس عديمة الفائدة، يمكنها تغذية النّزعة الفئويّة الطّائفيّة.
“نعم”
رودي فرفورت، وزير ورئيس منطقة بروكسل العاصمة، مدير جهاز الوقاية والأمن:
” هذه دورة تكوينيّة أساسيّة تتيح مقاربة الثّقافة والدّين الاسلاميّ، ومن ثمّ التّفريق بين الإسلام وبين التطرّف الاسلاميّ. من الضّروريّ أثناء مزاولة
أفراد الشّرطة وظيفتهم الميدانيّة أن لا يكون لديهم أفكار اختزاليّة منقوصة “.
بداية من شهر فبراير2017، ستقترح دورة حول الإسلام والتطرّف لأفراد شرطة بروكسل، ما المقصود منها ؟
إنّنا نتحدّث هنا عن سلسلة من الدّروس تتناول موادّ مختلفة. ستكون هذه أوّل مرحلة لفهم ومقاربة الثّقافة والدّين الاسلاميّ، للتّفريق بينه وبين
التطرّف ومكوّناته الأصوليّة. سيقوم جهاز الوقاية والأمن بالتعاون مع مدرسة الشّرطة الجهويّة، ورابطة البلديّات بتقديم هذه المادّة الأساسيّة لشرطة المنطقة. هذه مقدّمة لمتابعة دورة أخرى تسمّى: “Coppra” (الشّرطة المجتمعيّة للوقاية من الأصوليّة).
ما جدوى وضرورة دورة كهاته ؟
الوقاية من التطرّف والإرهاب هي إحدى وظائف الشّرطة، ومن المهمّ لقوّاتنا أن تبني علاقات احترام متبادل بعيدا عن الاختزال والاخلال بمسائل معقّدة. من أجل فهم ظواهر التطرّف المنبعثة من دين أو من ثقافة، لا بدّ من أدنى معرفة بالأصول الّتي تطعّمها.
كذلك بالنّسبة لتطرّف حركات اليمين، إنّه أمر يدعو لفكّ شفرة الطبقة الاجتماعيّة الّتي تبلورت فيها هذه الجماعات.
بعض المنتقدين يعتبرون أنّ مثل هذه الدّورة ستعمل على إدانة واتّهام مسلمي بلجيكا. بماذا تجيبون ؟
التطرّف دوما هو تحريف لشكل فكر ما، ليس – على الأرجح – مدانا ولا مجَرَّما. يمكن للمختصّين أن يشرحوا لكم كيف يمكن للبيئة أن تنتج
فضلات ضارّة، لكن لا أحد يخطر بباله مساءلة البيئة أو اتّهامها.
فالقضيّة ليست اتّهاما، وإنّما تقديم المعرفة الأساسيّة الّتي تساعد على فهم ظاهرة اجتماعيّة. ليس بالإمكان مقاربة التطرّف دون دراسة التّاريخ الاقتصاديّ وتاريخ التيّارات الفكريّة.
إنّ أفكار بعض الشّخصيّات البارزة الّتي تمثّل الإسلام اللّيبراليّ مثل رشيد بن زين – المغربيّ / الفرنسيّ – المتخصصّ في الدّراسات الاسلاميّة، مدمجة في موادّ هذه الدّورة. قراءتها تعين على فهم الإسلام الصّحيح، وتقديم أسلحة لمجابهة الّذين يحرّفون الخطاب الدّينيّ التّقليديّ.
هل شاهدتم نتائج تحقيق برنامج تلفزيونيّ على قناة ارتي بي أف البلجيكيّة وجريدة ” لوسوار” ؟
إنّه يكشف حالة مواطن بلجيكيّ فقد الثّقة في مؤسسّات البلد، وقد مال إلى الانطوائيّة ورفض الأجنبيّ. هذه الدّورة ستظهر بجلاء بأنّ المشكل ليس هو الإسلام بل هو بعض المتطرّفين الّذين يجعلون منه قراءة مخالفة وموَجَّهة.
“لا”
حميد بينيشو، أوّل موظّف وعامل ميدانيّ في أحد أحياء بروكسل، من أصول أجنبيّة
عندما أعلنت وسائل الإعلام نهاية هذا الأسبوع، تنظيم دورة تأهيليّة عن الإسلام في مدرسة الشّرطة الجهويّة، قمتم بكتابة منشور على الفايسبوك تشجبون فيه “عمليّة نصب واحتيال”، لماذا؟
لقد تمّ في التسّعينيات اختبار خطوات مماثلة في مدينة بروكسل. وضعت أجهزة “التعدّدية” التّابعة للدّرك سابقا، بمعيّة المدرّب سعيد .ح، دورة تأهيليّة حول العلاقة بالآخر، خصوصا من أصول مغاربيّة. بعض البلديّات تفاعلت إيجابيّا مع المبادرة، ورفضت بلديّات أخرى المشاركة في هذه
الحملة لأسباب خاصّة بهم. عموما، لم تؤت هذه التّجربة نتائجها المرجوّة، كما اعترف بذلك المدرّب، وذلك بسبب ضعف التحفيز والذّافعيّة لدى شرطة البلديّات. لماذا؟
الأمر الّذي يساعد الشّرطة على التحكّم في جانح غاضب بسبب ضبطه متلبسّا أو إرهابيّ على وشك القيام بعمليّة ارهابيّة…ليس درسا عن الإسلام ومحتوى القرءان…زيادة على هذا، مع شدّة التركيز على المسلمين، أعتبر أنّ هذا النّوع من الدّروس سيسهم في اتّهامهم وفي تغذية
الفئويّة الطّائفيّة”.
إذن، وفق تقديركم فإنّ هذا النّوع من الدّورات ليس فيه أيّة فائدة ؟
يجب الكفّ عن اعتبار الشّرطة مجموعة من الأغبياء. تعلم الشّرطة جيّدا بأنّ التدخّل في شقّة يسكنها شخص عمره ثمانون سنة، لا يتمّ بنفس الطّريقة مع زوج يبلغ من العمر ثلاثين سنة. هذا أمر طبيعيّ.
على الرّغم من أنّني مسلم ملتزم بديني، عندما تمّ توظيفي سنة 1991 لم يقوموا بتكويني دينيّا لفهم اليهوديّة ولا النّصرانيّة للتدخّل في حلّ مشكلات أسر يهوديّة أو نصرانيّة.
لا أرى لماذا، يجب على الشّرطة اليوم أن يتعلّموا بعض مفاهيم الإسلام. نحن جميعا مواطنون متساوون أمام القانون.
عندما تتدخّل الشّرطة في قضيّة أسرة أو فرد، فإنّه غالبا ليس بغرض التحدّث عن مسائل دينيّة. الجانح يبقى جانحا، بعيدا عن انتماءاته الفلسفيّة، العرقيّة أو الدّينيّة.
في منشور آخر على الفايسبوك، ذكرت كذلك بأنّك تابعت بشكل طوعيّ هذه الدّورة وقد “أصيبت أذناك بالأذى” ؟
لقد استمعت إلى كلام كثير فيه إدانة للمسلمين، من أمثلته العلامات الّتي يمكن من خلالها التعرّف على من سيتحوّل إلى إرهابيّ مستقبلا: تغيير الاسم، اللّحية، لبس القميص…أقولها بصدق، هذا هراء.
قتلة المغنّي حسني والكاتب المسرحيّ علّولة، خلال العشريّة السّوداء في الجزائر، كانوا يرتدون ملابس رياضيّة ولم تكن لهم لحى !
نستطيع أن نقول بأنّ القائمين على الدّورة لم يدخلوا جامعة كامبريدج…فلنسأل اليوم من حضرها من الشّرطة عن شعورهم، وهل لديهم رغبة في العودة إليها مرّة أخرى.
ولكن كما تقولون، هذه الدّورات ذات نتائج سلبيّة، فلماذا الاستمرار في تنظيمها ؟
قطعا هذا فعل “المترفين المعجبين بالإسلام” و”الّذين يدعون إلى الطّائفيّة الاسلاميّة”…الّذين نجدهم في كلّ الأحزاب السّياسيّة. برفضهم الفصل بين مجال الدّين ومجال الدَّولة، فإنّهم يقومون بتغذية الطّائفيّة بشكل خطير.
نداء إلى قادتنا
إيتيان دوجاردان، قانونيّ يندّد هو الآخر بهذه الدّورة ويوافق حميد بينيشو في تبريراته، يقول بإلحاح: “التّسامح مع كلّ الأوضاع، بالإضافة إلى الفئوية الطّائفيّة، ولّدت هذه الحالة الّتي نواجهها اليوم. من أجل هذا، رجاء…فليتوقّف قادتنا السّياسيّون عن ارتكاب أخطاء فادحة !
علاج الوضعيّة الرّاهنة لا يكون بإعطاء دروس عن الإسلام للشّرطة، ولكن بإجراءات اندماج إجباريّة ومتطوّرة جدّا، توجّه لشرائح الشّعب الهشّة، لأنّها هي المطالبة بالتكيّف…”