بقلم عصام تليمة – عربي21
خرج علينا – كعادته – إسلام البحيري يرتزق بقضية تفجير الكنائس في مصر، ناسبا ذلك التقصير والفكر إلى الأزهر، بل وعبر بكل وضوح عن مراده من حملته وكلامه، فنسب ذلك للشريعة والتراث الفقهي الإسلامي نفسه، مدعيا بذلك التجديد، وأن التراث يحوي عفنا بموقف بعض الفقهاء من قضايا معينة، ينتزعها من سياقها، وفي الحقيقة عند التأمل الدقيق علميا، سنجد البحيري منهجيا يمثل وجها آخر لداعش، بل قسما أصيلا منه، ومثله آخرون لا يختلفون عنه، وإن ادعوا بغضهم لداعش، ومحاربتهم له، ووقوفهم بجانب حكم العسكر في ذلك، إلا أنهم يمثلون ما أسميه: دواعش العسكر.
فالدواعش أنواع، أشهرها النوع الذي يفجر ويقتل ويعلن عن ذلك، متخذا تكفير من يفجرهم أو يقتلهم سبيلا لشرعنة ما يفعل، وإن كان المقتول مسلما فيتخذ تكفيرهم على الكبائر والمعاصي ذريعة للقتل. أما النوع الأخطر فهو من يلبس مسوح الرفض للإرهاب، بينما يمارسه فعلا وتكفيرا وتأصيلا لمن يقوم به من طرف العسكر، وهم: دواعش العسكر.
ما وجه الشبه إذن بين دواعش العسكر، ودواعش تنظيم الدولة؟ إنهما يتفقان في المنهج، ويختلفان في التطبيق فقط، أما من يقف وراء الطرفين فقد تكون جهة واحدة، وقد تكون جهتان مختلفتان. إذا كنا نعاني من داعش تنظيم الدولة وما تفعله، فما يفعله دواعش العسكر لا يختلف حرفا واحدا عنها، فداعش فكرها التكفير والإقصاء لمن يخالفها، وهو نفس ما يقوم به دواعش العسكر، الذين يعترضون على الأزهر أنه لم يكفر داعش، رغم تجريم الأزهر لأفعالها، وإدانته لها بشدة، فكلاهما تكفيري من حيث المنهج والموقف من المخالف، يكفرون المخالف باقترافه الكبائر والجرائم. وليت البحيري وأمثاله يخرجون لنا بأدلة شرعية تدل على كفر داعش، من الكتاب والسنة، أو من أي منهج يرتضيه كي يتعلم منه الأزهر ثقافة التكفير!!
وأما قضية تفجير الكنائس التي يرتزق منها في الفضائيات، ويرمي بها زورا الأزهر والتراث الفقهي الإسلامي، فهي أكبر دليل على داعشيته، وعلى تدليسه، فقد ادعى أن المذاهب الفقهية لا تقتص من المسلم الذي يقتل مسيحيا، وأول التدليس أو الجهل الذي ينضح به كلامه، هو أن كل قضية تدرسها معاصرة، أو حادثة من الحوادث، حتى تستدل لها استدلالا علميا صحيحا، يجب أن تتصورها تصورا صحيحا، فقضية تفجير الكنائس، وقتل المسيحيين فيها، في أي باب من أبواب الشرع والفقه الإسلامي تناقش؟ إنها تناقش في باب: الحرابة، وليس في باب قتل مواطن لمواطن في مشاجرة عائلية، أو خلاف مالي، أو أي سبب من أسباب الحياة، فالتفجيرات بكل مستوياتها هي في الفقه الإسلامي من باب الإفساد في الأرض والحرابة، والحرابة التي تشتمل على القتل معلوم حد صاحبها على جميع المذاهب الفقهية وهي (الإعدام) فهل فهم ذلك إسلام البحيري، أو شرح ذلك للناس؟ لا، بل دلس وكذب على التراث والفقه والشرع جميعا.
ونحن مؤمنون بأن من يفعل مثل هذه الجرائم يحكم عليه بأقسى عقوبة، وهي (الإعدام) كما نص الشرع، ونحن على أتم استعداد أن نصدق أنه يغار لقتل الإخوة الأقباط في مصر، وأنه يريد الانتقام لهم، سنصدقك ونكون أول من يحملك ويهتف معك بالإعدام شنقا لكل من يقتل مسيحيا مصريا في مصر، فهل ستطالب بمعاقبة العسكر عندما دهسوا بالدبابات والمجنزرات المسيحيين في مذبحة ماسبيرو وتطالب لهم معنا بالإعدام؟ أم أن المسيحيين عندك أنواع، يختلف الكلام عنهم بحسب نوع القاتل، فإن كان القاتل مسلما مدنيا فترفع صوتك وتصرخ وتتهم الأزهر والفقه الإسلامي بالعفن، وعندما يكون القاتل عسكريا والقتيل مسيحيا، تلوذ بالصمت التام، وإني أتحداك أن تخرج في الإعلام وتبين الحد الشرعي لمن قتل المسيحيين من العسكر في ماسبيرو، ومن قتلهم في الكنائس من داعش، أتحداك أن تجيب ولن تجيب لأنك أجبن من ذلك، فمثلك يجبن أمام العسكر وجرائمه، ولكنه يأخذ حبوب الشجاعة مع المدنيين فقط.
البحيري وأمثاله من دواعش العسكر، يتبنون منهج داعش، فهو يبيح القتل لمن يقف معه في خندق واحد ولو بالصمت، ويرفضه تماما عندما يأتي من مخالفه، لقد طاف في الفضائيات يتطاول على الفقهاء لرأي نقله بتدليس، مدعيا أن الفقهاء يجيزون قتل المسيحي، ولا يعاقبون القاتل عليه، وقد بينت كذبه، وإذا صح ما نقلت فما قولك فيما صح نقله عن السيسي، عندما قال وهو وزير للدفاع: الضابط أحمد ضرب حد بالنار، جت في عينه، أو مات، مش هيتحاكم، مفيش ضابط هيتحاكم. ما قولك في هذا المنهج الداعشي العسكري؟ وقد قاله نظريا وطبقه عمليا، طبقه في ماسبيرو، فقتل مسيحيين، وقتل مسلمين، فما عقوبته؟ وما رأيك في هذه الجريمة؟ وما قولك في الفقه العسكري في التعامل مع البشر؟ بانتظار إجابتك وإجابة دواعش العسكر من إخوانك ورفقائك.