دليلك لفهم صفات اليهود.. هل يقلدهم المسلمون؟
بقلم أحمد التومي
من تلبيس إبليس على بني آدم أن حصر لهم الفواحش والمعاصي في صورها الأصلية وسول لهم التحايل على الأوامر والنواهي فإذا ما وجد مدخلًا في قلب بني آدم لا يتوانى عن الزحف إلى أن قال رسول ﷺ: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. كيف استطاع إبليس التلبيس على بني آدم بحصر الفواحش والمعاصي في صورها الأصلية؟
عن أبي هريرة قال رسول الله ﷺ: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هُنْ؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. ظن بعض بني آدم من ذوي التفكير السطحي أنهم في مأمن طالما لم يرتكبوا السبع الموبقات في صورها المباشرة الواضحة التي نهى عنها الله ورسوله فدخل إليهم الشيطان بفتنة العقل المفكر والعبقرية الغير مسبوقة المسؤولة في التحايل على الأمور والنواهي وقد فعلها بني إسرائيل من قبل في واقعة أصحاب السبت إذ حرم الله عليهم الصيد في هذا اليوم.
تحايل بني إسرائيل على النهي ظنًا منهم أنهم بلغوا مبلغًا فكريًا عبقريًا لم يأتي به أحدٌ من قبلهم وعليه قاموا برمي شباك الصيد في البحر يوم السبت إلا أنهم انتشلوها يوم الأحد مخالفة ليومٍ نهى الله عنه وفرحوا بما أتاهم لكن الله غضب من فعلهم وحلت عليهم لعنة السخط إلى قردة. أما بعد يأبى الله أن يسلم هذا القرد الممسوخ من ذنبهم فظل التلاعب والتحايل والشقاء والهمجية مقترنًا بالقرود إلى يومنا هذا لك أن تقول ميراث تاريخي لا يسقط بالتقادم وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على حجم الجرم وبشاعته عند الله.
يظن مسلمون اليوم أن التدين الشكلي هو دليل على الإيمان وكلما أتقن أحدهم صوره بالغ في تقديس ذاته وجعل من نفسه مفوضًا من الله وربما زعم النبوة أو الألوهية إن لزم الأمر ثم إن فتشت بداخله وجدته مغرضًا يخطط لأمرٍ ما عادةً غير شريف وإن كان شريفًا فهو مرفوض من الله وعلة الرفض هي الافتقاد إلى الإخلاص والزهد والورع بينما الله طيب لا يقبل إلا الطيب.
نحن نهم إلى الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج إلا أننا نقع في الشرك بالله كأن نقدس ما حرم الله كأن نحكم بغير ما أنزل تقديسًا للعرف والعادات والتقاليد والقوانين الوضعية ونترك كتاب الله تطبيقًا لأحكام الدساتير الوضعية التي صنعها البشر الغير منزهين وهذا شرك. دأبنا على أداء الفروض شكلًا وتركناها موضوعًا بينما الموضوع مقدم على الشكل والله يعلم الغيب وحده فكم من مسلم اليوم حريص على أداء فرض الصلاة في جماعة بينما يقيم الصلاة بجوار ضريح أو قبر وهذا من التحايل ولا يفرق شيء عن الذي يعبد الأوثان ويتخذ من الأصنام ألهه وهذا من صور الشرك بالله والذي يأمه في صلاته شخص معلوم الكفر أو النفاق أو المسجد ضرار لكن لحسن الحظ أن الله يعذر بالجهل.
يظن مسلمو اليوم أن السحر متوقف على العرافة والكهانة والدجل والشعوذة سواء بالاستعانة أو الإقامة وأن السحر مقترن بالتعاويذ والطلاسم والهرطقة بالسريانية لاستحضار الجن والشياطين لإيذاء البشر ويجهل أن الشيطان منه براء وأن الإنسان أشد كيدًا من الشياطين لكنها فتنة التحايل فلو فتش الإنسان في العلة من تحريم الأمور لوجد أن العلة في الأصل لاتقاء الضرر.
دعنا نبحث بعض آيات القرآن لنتعرف على السحر مضمونًا بعيدًا عن الشكل قال تعالى: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ” الشياطين تقول نحن فتنة تعترف أولًا بينما البشر يدعون العكس وينتهجون النفاق في القول والعمل ثم ينهى الشيطان عن الكفر بينما البشر يوقعون أنفسهم وغيرهم في الكفر جهرًا وبلا هوادة ثم يعلم الشيطان بني آدم ما يفرقون به بين المرء وزوجه.
لم يقل كيف أو ماذا يعلمهم وكأن الحديث له أبعاد خفية غير التي يعتقدها غالب الناس أنا في مأمن طالما بعيدًا عن الشكل والله يسلط الضوء على المضمون والعلة في الآية هي الإفساد والتفريق وما أشبه هذا بما نراه من أفعال بشرية تبذل قصارى جهدها لبث الفرقة والشقاق إلى أن وصل حكم هؤلاء المنافقين إلى القتل.
لقول رسول الله ﷺ: لا يحل دم امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدين الله المفارق للجماعة. أي جعل حكم التارك لدين الله المفارق للجماعة هو القتل وحكم الساحر أيضًا هو القتل لقول النبي: يقتل الساحر بحد السيف. وتوعد الله الساحر بعدم الفلاح وبإبطال عمله وقطع عهدًا على ذاته بعدم إصلاح عمل المفسدين لقوله: “إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ” ولقوله: “ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ“.
وما أرخص الدماء اليوم وما أكثر المستحلين لها بلا ضابط أو رابط واختلاط الحابل بالنابل وتبدل الحدود والمعايير فمن ينبغي قتله حدًا أو تعذيرًا لا يقتل إنما يقتل البرئ الذي لا ذنب له ويؤخذ هذا بذنب ذاك وتوقف المسلمون عن قتال المفسدين أدى إلى هذه الفتن وصار بأسهم بينهم شديد وحرمة دم الإنسان أعز عند الله من حرمة الكعبة لمن كان ألقى السمع.
بعضنا يظن أن عقوق الوالدين يتمثل في الضرب أو السب أو النهر أو البخل أو الإهمال وغيرها من هذه الصور بينما التحايل أن يكون العقوق في نكران الفضل والمعروف أو احتقار الوالدين جهرًا
افتقد المسلمون إلى نظام اقتصادي إسلامي وإلى قطاع مصرفي مبني على أساس ديني فأكلوا الربا عن طريق البنوك الربوية وهذا تحايل فالربا ليس مقتصر على تعامل الأفراد مع الأفراد فقط إنما المؤسسات أيضًا وأصبح الربا يحمل مسميات عدة منها القرض والقسط والضرائب والرسوم الإدارية وغيرها وكل هذا تحايل يغضب الله ومدعاة لحلول اللعنات.
التلاعب بالمواريث تحت مسمى المساواة وغيرها من الحيل الذميمة ترك الوصية الواجبة بحجة أنها ليست فرض وعدم رد الأمانات واستغلال ضعف اليتامى والعلة هنا هي استغلال الضعف تحت أي ظرف أو مسمى إنما الواجب هو حماية أموال اليتامى.
ترك فريضة الجهاد والتخلي عن القتال لدفع الضرر والأذى تحت مسمى الإرهاب والعنف والتطرف والإنسانية وبناء الدول وكأننا نبسط المودة إلى الذين كفروا ونتمنى لو أنهم سالمونا ومن يفعل فهو فاقد الإيمان وبه شيء من النفاق والجبن والتخاذل عن نصرة قومه والحفاظ على أمنهم وتفضيل المصلحة العامة على الخاصة فالقتال فيه شر لكن سنة الله أن يدفع الشر بالشر ويفل الحديد بالحديد والنار بالنار.
والأغلبية تظن أن القذف هو الاتهام المباشر كأن يقول هذه قد زنت دون إثبات أو دليل أو يقول هي عاهرة أو غير ذلك مما يمس الشرف بينما التحايل والتلبيس أن تجد هذا يتهم أم ذاك بالزنا لفظًا كأن يقول له يابن كذا أو يابنة كذا أو يصف إحداهن بأي وصف يخل بالشرف هزلًا أو جدًا فهذا قذف أيًّا كانت الدوافع من ورائه إلا أنه يندرج تحت بند الكبائر الذي غفل عنها الناس.
بعضنا يظن أن عقوق الوالدين يتمثل في الضرب أو السب أو النهر أو البخل أو الإهمال وغيرها من هذه الصور بينما التحايل أن يكون العقوق في نكران الفضل والمعروف أو احتقار الوالدين جهرًا أو علنًا أو يتمنى الابن أبوان غير أبويه أو يفضل غيرهم عليهم.
(المصدر: مدونات الجزيرة)