مقالاتمقالات مختارة

دعاة التدخل الأجنبي من إسقاط الخلافة إلى مواجهة الثورة!

دعاة التدخل الأجنبي من إسقاط الخلافة إلى مواجهة الثورة!

بقلم أ. سيف الهاجري

فجأة عادت المعارضة العربية الوظيفية من جديد لتدعو من العواصم الغربية القوى الدولية الصليبية للتدخل في المنطقة على خلفية اغتيال الكاتب جمال خاشقجي – الذي كان قتله جريمة نكراء يجب القصاص من فاعلها – تحت شعار الحرية والعدل!

هذه الدعوة المشبوهة أعادت للأذهان ما تعرضت له الخلافة العثمانية من اختراق داخلي بأدوات وظيفية إسلامية وقومية…

ففي عام 1913م ومن فرنسا التي تحتل المغرب العربي آنذاك عقد القوميون العرب المؤتمر العربي القومي الأول في باريس (والذي حذر أمير البيان شكيب أرسلان في بيان للأمة العربية عام 1913م من الخونة المارقين في المؤتمر العربي في باريس وبأنهم يكيدون للخلافة العثمانية الإسلامية ويمهدون الطريق لاستيلاء الأجانب عليها) “انظر كتاب شكيب أرسلان:الدور السياسي الخفي ص58 ظاهر الحسناوي”.

وفي الحرب العالمية الأولى بدأت الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية على الخلافة العثمانية وقامت بريطانيا بالتواصل مع الشريف حسين أمير مكة ووعدته بإقامة الخلافة العربية وفتحت بريطانيا وفرنسا الطريق أمام الجمعيات القومية لدعم الشريف حسين الذي تولى كبر الدعوة للتدخل الغربي لمواجهة الخلافة العثمانية بدعوى التحرر .

وبهذا التدخل الأوربي سقطت العالم الإسلامي ومساجده الثلاث لأول مرة في تاريخ الإسلام تحت سيطرة الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية، وفي عام 1924م تم إلغاء الخلافة الإسلامية تنفيذا لشروط اللورد كيرزون وزير خارجية بريطانيا لتسقط الأمة تحت الاحتلال الأجنبي بسقوط الخلافة نتيجة للاختراق الداخلي ودعوات التدخل الأجنبي والتي اعتبرها شكيب أرسلان خيانة للأمة والإسلام.

واليوم عاد دعاة التدخل الغربي بوجه إسلامي ووطني وليبرالي من المعارضة الوظيفية في العواصم الغربية وبدأوا يروجون لضرورة تدخل القوى الخارجية وهي دعوة ظاهرها إسقاط الأنظمة وتحت شعار العدل والحرية وباطنها عودة الاحتلال من جديد بشكل مباشر لقطع الطريق على الربيع العربي والحراك الثوري الشعبي في المنطقة العربية الذي يدفع باتجاه التغيير وملء الفراغ السياسي وهو ما رصدته العواصم الغربية وتحاول استباق حدوثه من خلال صناعة البديل الوظيفي في عواصمها واتخاذ الأزمات المصطنعة ذريعة للتدخل.

وبدأت هذه المعارضة الوظيفية بالتنظير وشرعنة التدخل الأجنبي كما فعلوا من قبل لإسقاط الخلافة واليوم لمواجهة الثورة العربية.

وهو ما حدث فعلا قبيل احتلال العراق حيث قامت المعارضة العراقية الوظيفية كالحزب الإسلامي وحزب الدعوة بالمشاركة في مؤتمر لندن لتمهد لمجيء المحتل الأمريكي الأوربي والقدوم على ظهر دباباته تحت شعار تحرير العراق وإسقاط نظام صدام ليقع العراق تحت احتلال الحملة الصليبية التي أعلنها الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن وليدفع الشعب العراقي ثمن موقف دعاة التدخل الأجنبي بمليون قتيل وخمسة ملايين مهجر وتدمير كامل للعراق ونهب لثرواته.

إن خطورة الدعوة للتدخل الأجنبي في أي بلد عربي أو إسلامي وخصوصا فيالسعودية إذ هي أشد خطر كونها تعرض الحرمين الشريفين في مكة والمدينة للخطر وللوقوع المباشر تحت النفوذ الغربي على نحو أشد مما حدث في الحرب العالمية الأولى وستعرض كافة الشعوب في الخليج والجزيرة العربية للحرب والتدمير والتقسيم ونهب لثرواته كما صرح بذلك الرئيس ترامب بكل وضوح وهذا هو ما تسعى إليه القوى الدولية ضمن خطة غرفة العمليات الدولية المشتركة لمواجهة الثورة العربية من خلال العمل على فتح الطريق للتدخل الأجنبي لتقسيم دول المنطقة وتجزئتها ونهب ثرواتها وضرب مقومات النهضة في العالم العربي لقطع الطريق على نجاح الثورة العربية وتحرر الأمة وبأيدي أدوات وظيفية كما فعلوا من قبل عندما أسقطوا الخلافة العثمانية الإسلامية!

ولهذا فليس أمام قوى المعارضة العربية والخليجية على وجه الخصوص في الخارج إلا إعلان رفضها الصريح للتدخل الغربي في شئون دول المنطقة وشعوبها وإلا أصبحت هذه المعارضة جزءً من مشروع صفقة القرن الأمريكية وتقسيم المنطقة.

إن شعوب الأمة اليوم أكثر وعيا من أن تخدع بالخطاب الإعلامي لهذه المعارضة الوظيفية ودعوتها المشبوهة لتغيير الأنظمة بالتدخل الخارجي والتي لا تفرق بين الأنظمة من جهة والشعوب وأوطانها التي هي هدف القوى الصليبية وهي التي ستدفع ثمن هذا التدخل الأجنبي من جهة أخرى كما حل في العراق وسوريا ولن تجني الشعوب منه حرية ولا عدالة ولا ديمقراطية كما تروجه المعارضة الوظيفية.

إن الدعوة للتدخل الأجنبي في أي بلد من بلدان الإسلام هي ردة وكفر بالنصوص القطعية القرآنية قال الله تعالى‏ ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ﴾ قال ابن حزم (هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين).

كما إن على شعوب الأمة المبادرة إلى قطع الطريق على هذه المؤامرات الدولية بتحمل مسئوليتها التاريخية في التغيير والإصلاح لواقعها السياسي والمضي في ثورتها من أجل استعادة حريتها وسيادتها وحماية دولها واختيار حكوماتها الراشدة التي تعبر عن إرادتها وهويتها وتقيم العدل فيها وتحمي أرضها وثرواتها وتصون كرامتها.

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى