مقالاتمقالات مختارة

خيانة كتاب الله

خيانة كتاب الله

بقلم كارم عبد الغفار

شيء موجع مفزع أن تكون عربيًا وتدرك أن عمرك سينقضي حتمًا قبل أن تكتشف كتاب الله حق الاكتشاف،

وأن تخنقك نقولات المتون وأقوال العلماء بعيدًا عن السباحة في بحره والغرق عشقًا حد التلاشي والانمحاء.

وشيء عجيب مثير للغضب والارتياب أن ترتكز الأمة في غالب حفظة كتاب الله على سادتنا الأكفّاء (العميان)،

وليس هذا انتقاصًا لأصحاب البصيرة المبتلين في الحبيبتين، ولكن استفهام عن أمة تودع أخلص جواهرها لدى معذورين مبتلين بالضعف في الحركة والانتشار،

فرغم الشرف السامي وخطورة المهمة حولت الأمة كتابها إلى مجرد «بركة» نقبلها ونضعها واقعيًّا على هامش الحياة.

القرآن ومزاحمة الحديث المتون في حافظة المؤمن

خشي الفاروق «عمر» على القرآن من مزاحمة الحديث والمتون في حافظة المؤمن ووعيه ولوحة إرشاده في الحياة،

وحذر أن يخفِت دويّ القرآن مع مر السنين وتعاقب الأجيال؛ فيصير الفرع أكثر حضورًا على الألسنة من الأصل،

ويفقد المؤمنون حساسية الاتصال المباشر بالسماء وتستثقل آذانهم لمسات الوحي الناعمة على جدران القلوب ويتنكر يابسهم للماء،

وقد كان.. ففي الحديث الصحيح في مستدرك الحاكم عن عمر قال: «إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تبدونهم بالأحاديث فيشغلونكم، جردوا القرآن،

وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامضوا، وأنا شريككم «فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا، قال: نهانا ابن الخطاب».

يقول الشيخ الغزالي:

«إن أهل القرآن خانوه خيانة فاجرة، واتخذوه مهجورًا، في الوقت الذي أنِسوا فيه بباطل من القول، وسخف من الجدل،

وغرقوا في غيبوبة عجيبة من المباحث التي ما عرفها السلف الأول، ولو عرفها ما أفلح أبدًا، ولا افتتح قطرًا، ولا أنشأ حضارة».

سقطت الأمة بين كماشتين

لقد سقطت الأمة بين كماشتين كلتاهما أغبى من الأخرى،

ففريق يقدس الأحاديث المنسوبة إلى النبي المنقولة بجهد بشري خالص إلى حد مساواتها بمتواتر السماء،

وفريق أغبى يضرب بأحاديث النبي عرض الفضاء كلما لاحت له شبهة عدم تجانس أو اختلاف.

يقول د.القرضاوي: «القرآن هو روح الوجود الإسلامي، وأساس بنيانه، وهو بمثابة الدستور الأصلي،

الذي ترجع إليه كل القوانين في الإسلام فهو أبوها وموئلها، والسنة النبوية هي شارحة هذا الدستور ومفصلته،

وما كان للبيان أن يناقض المبيَّن، ولا للفرع أن يعارض الأصل، فالبيان النبوي يدور أبدًا في فلك الكتاب العزيز لا يتخطاه».

ويقول الغزالي: «لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورًا،

وجعلوا الأصول المهمة أوراقًا تتساقط مع الرياح!»..

رمضان فرصة ذهبية للعودة إلى رحاب هدية السماء وللتفتيش عن الكنز الذي لا يزال مخبوءًا بين ركام الكتب والأوراق.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى