خواطر رمضانية – د. عبد الواحد الخميسي “رحمه الله تعالى”
الخاطرة (3)
قال عليه الصلاة والسلام: «فإن سابَّه أحدٌ أو قاتلة فليقل: إني امرؤٌ صائم» صحيح مسلم, (برقم: ١١٥١).
قد يُظَنُّ أن فعلي «سابَّ» و«قَاتَلَ» في هذا الحديث دالَّان على المفاعلة, بحيث يكون الفعل قد حصل من الطرفين, ثم يقال حينئذٍ: «إني امرؤ صائم», وذلك بعد مباشرة الفعل.. وهذا المعنى غير مقصود, وإنما المراد: فإن سَبَّه أحدٌ أو أراد قتاله, فليقل ساعتها: إني امرؤ صائم. فالمفاعلة هنا ليست على بابها, وإنما هي من باب: عاقَبْتُ اللصَّ, وداويتُ المريض, فالمعاقبة والمدواة حصلت من طرف واحد, هو المعاقب والمداوي, وهكذا الفعل في «سابه, وقاتله» في هذا الحديث حصل من طرف واحد.
ثانيا: قوله: «إني امرؤ صائم» يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك كلاما نفسيا, فيقول في نفسه: إني امرؤ صائم, أي: يذكر نفسه بذلك سرا, وهو أبعد من الرياء.
الثاني: أن يقول ذلك لفظا, ليذكر به نفسه وصابه لعله يرتدع وينزجر, ولعل هذا أفضل, لكون خيره متعديا إلى الخصم لعله يتعض ويحجم عما قاله من السب, وعما أراده من المقاتلة.
صوما مقبولا, ودمتم طيبين مطيَّبين ??