خليل ميك.. من مبشر إلى محام عن مسلمي أميركا
إعداد مروة صبري
خليل ميك أحد مؤسسي الصندوق القانوني للمسلمين في أميركا والمدير التنفيذي له، وكان وراء إثبات براءة كثير من المتهمين المسلمين في قضايا أهمت الرأي العام الأميركي، كقضية المنشد السوري المعروف محمد مصطفى علي مسفقة الشهير بـ”أبو راتب” الذي تم التحقيق معه فيها دون محام ودون مترجم، وكقضية الإمام إبراهيم الدراميللي الذي اقتحمت المباحث الفدرالية بيته حين رفض التحدث إليها كما هو حقه القانوني.
ولد خليل ميك في اليابان وقت خدمة والده في الجيش الأميركي (1965-1964) ثم عاد مع والديه وإخوته إلى الولايات المتحدة، حيث تربى في أسرة كاثوليكية محافظة.
التحق ميك بجامعة دينتون في تكساس لدراسة الاستثمارات المالية، لكنه قرر أن يعمل مبشرا معمدانيا، وهذه الرغبة دفعته لرحلة حوارات وبحث انتهت بإسلامه عام 1989.
كيف ولدت فكرة إنشاء الصندوق القانوني للمسلمين؟
بعد أحداث سبتمبر 2001 والاضطهاد العام والخاص ضد المسلمين أثيرت فكرة إقامة مشروع للدفاع عن حقوقهم القانونية، ووافقت على العمل معهم لمدة ستة أشهر لوضع خطة مالية لهذا الكيان الذي يحتاج لكثير من المال ليقوم بدوره، هكذا ولد الصندوق، والآن وبعد 15 عاما ها أنا ذا ما زلت فيه.
ما مهام هذا الصندوق؟
نحن نقوم بأنشطة مختلفة من عقد مؤتمرات وتوعية لأئمة المساجد والقادة بالقانون، كما يتكفل الصندوق بإيجاد وتعيين أفضل المحامين للدفاع عن المسلمين وحماية حقهم في المحاكم الأميركية، نحن لسنا محامين لكننا نختار المحامين ونوفرهم للمتهمين.
وبعد أعوام من الخبرة صرنا نعرف من المحامي الذي يحمل سيرة ذاتية جيدة لكن لا يحسن في المحكمة، ومن القوي أمام هيئة القضاء، فبعد 14 عاما من تمويل القضايا أصبحت لدينا خبرة في اختيار الأفضل بحسب نوع القضية التي تعرض علينا.
هل من الصعب إيجاد محام جيد مباشرة من المتهم نفسه أو بتعيين من أهله؟
افتحي الإنترنت وابحثي عن محام جيد، قد تجدين خمسين، فمن يوثق به منهم ومن الأفضل لهذه القضية؟ الأمر شديد الصعوبة، وهنا يأتي دورنا فنحن نقوم بهذه المهمة ويكفي المتهم ما هو فيه دون هذا الحمل، فليدعنا ننشغل بذلك.
هل تنسقون العمل مع منظمات إسلامية أخرى؟
نحن مسجلون تحت المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية (يو أس سي أم أو) لكننا نعمل بشكل مستقل.
ما نوع القضايا التي تقبلونها؟
عندنا ثلاثة أنواع من القضايا: قضايا الهجرة والقضايا المدنية والقضايا الجنائية.
فمثال على قضايا الهجرة، تم رفض منح الجنسية الأميركية لمؤسس منظمة خيرية على الرغم من استيفائه الشروط، وكان سبب الرفض المكتوب أنه متعصب وأنه يمتلك صفات شخصية سيئة، فأخذنا القضية إلى المحكمة وكان الهجوم عليه شديدا في القاعة إلى درجة صورت للمحكمة أنه إن كان أمامكم خيار بين أن تجلسوا إلى جانب أسامة بن لادن أو هذا الشخص فليقع اختياركم على بن لادن.
ومن خبرة المحامي في قضايا الجيش ومن فهمه كيفية عمل الحكومة كان يعرف أنه في كثير من الأحوال يكون الكلام كثيرا أما في الواقع فغير مثبت، هم يعتمدون على عدم التدقيق، لذا طالبنا بتفصيل كل سبب يسردونه والأدلة التي استندوا إليها.
كانت الجلسة يوم جمعة وبدلا من الحكم أجلها القاضي ليوم الاثنين، تلقى صاحب الدعوى اتصالا من إدارة الهجرة في وقت متأخر من ذات اليوم وهو ما لا يحدث، وسألوه إن كان يريد أن يذهب في اليوم التالي يوم السبت -يوم العطلة الأسبوعية- لأخذ قسم الجنسية، وبذلك سقطت القضية قبل الحكم فيها، فبعد أن وصفوه بكل هذا الأوصاف المخيفة منحوه الجنسية.
كم قضية تعرض عليكم سنويا، وهل تقبلونها جميعا؟
يعرض علينا من ثلاثمئة إلى أربعمئة قضية سنويا ونقبلها جميعا، نحن ندافع عن أئمة وقادة ومنظمات تم التعامل معهم بشكل مجحف.
وقد فكرنا في التوسع ليكون عندنا مكتب للمحاماة لكنه أمر مكلف، ونحن لا نريد أن نضحي بالمستوى في مقابل المادة بتعيين محامين غير متمكنين، لذا فكرت في فتح مكتب وتعيين محام واحد كفء يدير موظفين آخرين، ويأخذ ما يمكنه من قضايا ونعين محامين آخرين من خارج المكتب للقضايا الأخرى.
وبالفعل قابلت الشخص المناسب، ففي 2007 أو 2008 تعرفت إلى تشارلز سويفت المحامي في القضايا المدنية الذي كان يعمل ملازما في القوات البحرية قبل تقاعده وفتحه مكتب محاماة خاصا، وقد صنفته الدورية القومية للقانون عام 2006 أكثر المحامين تأثيرا.
هل تتكفلون بكافة مصاريف القضايا؟
الصندوق القانوني للمسلمين هو مؤسسة غير ربحية، ونقبل القضايا بغض النظر عن قدرة صاحبها المادية، بل ونوفر له أفضل محام، فإن كان دخله يسمح نتحمل تكاليف الرسوم فقط، أما إن كان لا يسمح فإننا نجمع له ما يحتاجه للترافع عنه.
في رأيك، ما الذي يميز مشروعكم عن غيره من المشاريع والمنظمات التي تهتم بالحقوق المدنية للأقليات؟
نحن أنشأنا نموذجا لمكتب محاماة متميز غيرنا به الصورة المعهودة لتلك المكاتب، ونحن الأفضل على الإطلاق في هذا النموذج لأننا نركز بشكل كامل على القضايا الحقوقية والمدنية للمسلمين في أميركا.
لا أحد يقوم بما نقوم به، فالصندوق القانوني للمسلمين في أميركا هو الهيئة الوحيدة غير الربحية المعفاة من الضرائب التي تدافع عن حقوق المسلمين الدستورية.
هل معظم قضاياكم ضد الحكومة الأميركية؟
نحن نقاضي الحكومة مرة تلو الأخرى بلا توقف لأننا بهذا نضطرها لأخذ خطوات جادة لوضع سوابق في الأحكام أو بتدخلنا، نوقف سوابق، فما نفعله هو الذي يقود القضاة لإيجاد طريق يحدث فرجة، نظل نتحداهم حتى يأتوا بحكم غير مسبوق فيصير سابقة ويتحول مرجعا لقضاة آخرين في قضايا مماثلة، أو العكس.
نوقف تعسفا قد يصير سابقة كما في قضية نور سلمان زوجة قاتل الملهى الليلي بأورلاندو- فلوريدا الذي أطلق النار على رواد الملهى في 2016 منهيا حياة 49 شخصا.
تلك الحادثة التي كانت حينها الأسوأ ضمن حوادث القتل الجماعي، وبعد أشهر عدة قبضت المباحث الفدرالية على الزوجة بتهم، من ضمنها تضليل العدالة ومعاونة زوجها في الجريمة، واستطعنا أن نوفر من يدافع عنها، وبالفعل ثبتت براءتها، وهكذا أوقفنا سابقة أن تطارد المباحث الفدرالية أهالي مرتكبي الجرائم بعد مقتل الفاعل بدون أدلة تصل بقوتها إلى درجة الإدانة.
ألا تخاف من ترصد الحكومة الأميركية لك، سواء بشكل شخصي أو من خلال الصندوق؟
النظام القانوني الأميركي اتهم بأنه أسوأ نظام قانوني في العالم، فلو كان ثمة نظام قانوني يسمح باضطهاد فئة بعينها بشكل ممنهج فهو نظام معيب، وهذا ما نحاول ترميمه، لذا فليس هناك شيء أميركي أكثر مما نقوم به.
الدولة دولة دستور وحريات، وتفعيلنا للقوانين ومطالبتنا بالعدالة والمساواة هما من صميم القيم الأميركية.. فلماذا يترصدوننا؟
(المصدر: الجزيرة)