خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري يطالب الدول العربية والإسلامية إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والموقوفين على خلفية الرأي والفكر
دعا خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري في بيانٍ له بشأن جائحة وباء الكورونا، الدول العربية والإسلامية إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والموقوفين على خلفية الرأي والفكر وخصَّ بالذكر العلماء والدعاة الذين يقبعون في ظروف سيئة وسجون لا تصلح للنفس البشرية.
نص البيان:-
أعوذ باللهِ السَّميعِ العليمِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ، والصلاةُ والسَّلامُ على سيّدنا وحبيبِنا محمدٍ النبيّ الأميّ الأمينِ وعلى جميع الأنبياءِ والمرسلينَ وعلى الصحابةِ والتابعينَ بإحسانٍ إلى يومِ الدّينِ.
بادئَ ذِي بدءٍ أُوَجَهُ تحيةَ إِكبارٍ وإجلالٍ إِلى رجالِ الخيرِ والعطاءِ.. إلى الأطباءِ والممرضينَ والمُسعِفينَ، والمُتطوعينَ والمُحسنينَ والمُزكينَ، الذين يسهرونَ ويبذلونَ الغالي والنفيسَ، ويضحونَ بأموالهم وأنفُسِهم لمواجهة هذا المرض الخطيرِ.
أيها الأخوةُ والأخواتُ في بيتِ المقدسِ وأكنافِ بيت المقدس..
أحييكم، وأدعو اللهَ العليَّ القديرَ أن يحفَظَكُم ويحمِيَكم؛ فأنتم أهل النخوة والشهامة، أنتم أهل العزة والكرامة، أنتم أهل الجود والسخاوة، أنتم القادرون دائماً على مواجهة الصعاب، واجتياز العقبات.
يجتاح العالمَ في هذه الأيام وباءٌ فتاكٌ معدٍ يعرَفُ بـ”فايروس كورونا المستجد – كوفيد19 -“، وقد أصاب هذا الوباء بلادنا المباركة، مما أوقف مرافق الحياة العامة.
هذا وقد سبق أن ابتُليت بلادنا -فلسطين العزيزة- بمرضِ الطَّاعونِ في زمنِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطابِ -رضيَ الله عنه- عام 18 للهجرة/ 639 للميلاد، والذي عرف بطاعون عمواس نسبةً إلى بلدةِ عِمواسَ الفلسطينيةِ التاريخيةِ الحَضاريةِ، والتي هدمَها الاحتلال الإسرائيلي الظالم عام 1967للميلاد، وتمكن المسلمون وقتئذ -في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه- من تجاوز هذا المرض حيث طبقَ نظامَ الحجرِ الصحيّ استناداً لحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه” أخرجه البخاري ومسلم ،وهذا يدل على أن الإسلامَ العظيمَ سبقَ العِلمَ الحديث في الرّعايةِ الصّحيةِ وعلاجِ تّفّشّي الأوبئةِ، وأنَّ هذا الحديثَ الشّريفَ من دلائِلِ النّبوةِ لِسيدِنَا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن مرضَ الطاعونِ لَم يَكُن واقعًا وقتئذ.
أبناءَ شعبنا الفلسطيني المرابط .. علينَا التَّحلي بالصبر والثبات، وعلينَا رفعُ المَعنَوِيَّاتِ وعدمُ الانجرارِ وراءَ الإِشَاعَات، وعلينَا اتباعُ النَّصائحِ الطَّبيةِ والإرشاداتِ، وأن نتوجهَ إلى الله -عز وجل- بالدعوات، ونستثمرَ أوقاتَنا بالعباداتِ والطاعاتِ؛ فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول : “نعمتان مغبونٌ فيها كثير من الناس : الصحة والفراغ” أخرجه البخاري.
أيها الأسرى الأبطال أيتها الأسيرات الماجدات ..
إننا من بيت المقدس نحييكم ونشد على أياديكم وندعو الله العزيز الجبار أن يحميكم من هذا الوباء ويرعاكم، فالثبات الثبات أيها الأبطال حتى يفرج الله الكرب عنا وعنكم.
وإننا إذ نحمّلُ سلطاتِ الاحتلال الإسرائيلي المسؤوليةَ الكاملةَ عن أي ضررٍ يلحقُ بالأسرى في ظِلّ تفشّي هذا الوباءِ، ويتوجبُ على الاحتلال الغاشم إطلاقُ سراحِ كافة الأسرى والأسيرات، وعلى المؤسسات القانونية والحقوقية جميعها أن تسعى لحمايتهم وإطلاق سراحهم.
كما نطالب الدول العربية والإسلامية كافة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والموقوفين على خلفية الرأي والفكر، وبخاصة العلماء العاملين الذين يعيشون خلف القضبان في ظروف سيئة لا تصلح للنفس البشرية، وذلك في ظل الإهمال الطبي، وتفشي وباء الكورونا.
ونقولُ للظالمين والمعتدين والمستبدين والمتسلطين والمحتلين أن يَكُفُّوا عن طغيانهم وظلمهم للآخرين، وأن يأخذوا العِبرةَ والعِظةَ مِن هذا الوباءِ الخطيرِ.
ومن رحابِ المسجدِ الأقصى المبارك ندعو اللهَ العزيزَ القهارَ أن يشفيَ المصابين بمرضِ “الكورونا” شفاءً عاجلاً، ونقول لهم لا تقنطوا من رحمة الله.. وعليكم أن تلجأوا إلى الرحمن خالق الكون والإنسان والحياة، وأن تتضرعوا إليه حتى تزول هذه الغمة عنا وحتى ينعم العالم بالصحةِ والعافيةِ.
وفي هذه الظروفِ الصعبةِ والحرجةِ نذكرُ الموسِرِين والمقتدرينَ ماليًا أن يبادِروا بإخراجِ زكاةِ أموالِهم في هذه الأيام، فالزكاة رُكن من أركان الإسلام، ومن مقتضياتها العبادة المالية وتقوية العلاقات الإجتماعية، ولا تنتظروا حلول شهر رمضان المبارك، فإنه يجوز شرعاً تقديم موعد تأديتها، في الوقت نفسِه، لا يجوزُ تأخيرُها عن مَوعِدِها، ولا يخفى عليكُم ما يمرُّ بِه النّاسُ مِن ظُروفٍ اقتصاديةٍ صعبةٍ نتيجة الإغلاقات في هذه الأيام، فهناك أناس تضرروا بشكل مباشرٍ منها.
وإننا نطالبُ الحكومات والمؤسسات الإغاثية تحمُّل مسؤولياتها تجاه المتضررين والمعوزين مع حفظ كرامتهم ومراعاة مشاعرهم، ولا ننسى أن نثمنَ جهود الذين بادَروا بجمع التبرعات العينيةِ والنّقديةِ بالقدسِ وسائر أنحاءِ فلسطين، وذلكَ للتَّخفيفِ عن المعوزينَ والمتضررينَ، والمساهمةِ في دعمِ المستشفياتِ والعياداتِ وبيوت الإيواء للمسنينَ، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً” أخرجه البخاري ومسلم، ويقول أيضاً: “ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” متفقٌ عليه.
جزاكم الله خير الجزاء على هذا العطاء ونسأل الله لكم الثواب الجزيل.
«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» التوبة «براءة» الآية 105.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)