خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري: الاحتلال يرتكب أعمال وحشية بالمسجد الأقصى تتعارض مع القانون الدولي وجميع الأديان
يقف الشيخ عكرمة صبري شامخاً عزيزاً أمام كهنوت وطغيان الاحتلال الصهيوني، رافضا لكل أشكال الهيمنة والتدخل في شؤون المسجد الأقصى المبارك وحصانة الحرم القدسي، بمواقفه الصارمة دوماً في مواجهة الانتهاكات الصهيونية، ومشاريع التهويد التي يقوم عليها الاحتلال، إلى أن أصبح رمزاً من رموز فلسطين، والمسجد الأقصى، ولا يحضر ذكر المسجد الأقصى والانتفاضة وتهويد القدس، والمرابطين في الأقصى، إلا ويحضر اسم الشيخ عكرمة صبري، نظراً لمواقفه الحاضرة في قضية الأقصى منذ بداية حياته، وحتى بلوغه هذا العمر الطويل في خدمة القضية الفلسطينية.
ويؤكد خطيب المسجد الأقصى المبارك، وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، أن الاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء، مبيناً أن إسرائيل ترتكب أعمال إرهابية ووحشية بالمسجد الأقصى المبارك، تتعارض مع القانون الدولي وجميع الأديان، مشيداً بصمود الشعب الفلسطيني في وجه الطغيان، قائلا: شعبنا يقوم بواجبه نيابة عن الأمة الإسلامية لكن الأخيرة غير معفية من المسؤولية، فالأقصى أمانة في أعناق الجميع، وعليهم أن يقوموا بواجبهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم.
ويقول الشيخ عكرمة صبري في حوار خاص للوطن، إن الاحتلال لا يروق له حشد المسلمين في رحاب الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، كما أن زحف عشرات الألاف من المسلمين يزعج اليهود ويثير فيهم نوعا من الحسد والغيظ، وبالتالي يحاولون تعكير الأجواء بافتعال الأحداث للتقليل من أعداد المصلين الذين يأتون إلى الأقصى، ولكن الشعب حينما ينتفض ويعترض على تدنيس مقدساته لن يستشير أحد ولن يستطيع أحد إيقافه، فالتصرفات الاستفزازية للمستوطنين لن تثني المقدسيين من مواصلة الدفاع عن الأقصى، بالرغم من حجم الملاحقة الأمنية والانتهاكات اللامحدودة التي ترتكب بحقهم.. فإلى مضابط الحوار الذي أجريناه معه من مقر إقامته عبر الهاتف:
خطوط حمراء
بداية ما هو تعليقكم على المواجهات الأخيرة بين المصلّين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى…؟
قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وهي تحمي اليهود المستوطنين الذي يقتحمون الأقصى، ونحن من جانبنا نحمل الحكومة الاحتلالية المسؤولية عن كل الأحداث التي وقعت بالمسجد الأقصى المبارك، هم يحاولون باقتحامهم فرض السيادة على الأقصى ولكنهم فشلوا وسيفشلون رغم البطش الذي يستخدمه الاحتلال ضد المقدسين، مما أدى إلى وقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوفهم، لكن ثبات المقدسيين وثبات أهل فلسطين بشكل عام هو ثبات إيماني لا يتزحزح ولا يمكن أن يتراجع عن المطالبة والتمسك بحقهم، فالاحتلال لن يستطيع أن يرهب شعبنا، ولن يثنيه من الدفاع عن المسجد الأقصى.
ما هو الدور المنتظر من العالم الإسلامي لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ الممنهج…؟
من واجب رجال الدين والعلماء أن يكثفوا من دروسهم ومواعظهم، وأن يركزوا على التوعية ونشر الرواية الإسلامية التي تستند إلى الكتاب والسنة لدحض الرواية الإسرائيلية المزورة التي لا تستند إلى دليل هذا دور العلماء، أما دور الحكام فيتوجب عليهم القيام بحراك سياسي ودبلوماسي للضغط على الاحتلال حتى يتراجع عن جرائمه، لأن ما حصل جريمة مدبرة وأسلوب إجرامي لن يمنع المسلمين من الوصول إلى الأقصى والرباط والاعتكاف فيه.
شد الرحال
ما هي رسالتكم فيما يخص شد الرحال للمسجد الأقصى، وإحياء لياليه وأيامه والتصدي لمخططات الاحتلال ومستوطنيه التهويدية…؟
نحن نتمسك بالحديث النبوي الشريف: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»، وفي رواية: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا»، وعليه نحن نخاطب أهل فلسطين من البحر إلى النهر بشد الرحال إلى الأقصى، فإذا منع أي فلسطيني من الوصول إلى مدينة القدس بسبب الحواجز العسكرية فإنه يصلي حيث يمنع وله ثواب من يصلي داخل الأقصى، ولقد أصدرنا فتوى شرعية بذلك.
نرجو أن توضح لنا فضيلتكم أهمية المسجد الأقصى ومكانته في ديننا وعقيدتنا، وضرورة الدفاع عنه وحفظه من أي عدوان…؟
حينما نقول القدس نعني فلسطين والأقصى، وحينما نذكر الأقصى نعني القدس وفلسطين، وحينما نذكر فلسطين نعني القدس والأقصى، هذه الكلمات لها دلالات واحدة على ضوء الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وبالنسبة إلى الأهمية الله سبحانه وتعالى قرر في اللوح المحفوظ ومن سبع سماوات أن تربط مدينة القدس بمكة المكرمة وبالمدينة المنورة، وأيضا تربط مدينة القدس بالسماء العليا فهي بوابة الأرض إلى السماء، وهي أيضا بوابة السماء إلى الأرض، بوابة الأرض إلى السماء بعروج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبوابة السماء إلى الأرض بنزول الأنبياء إلى الأرض وإمامة سيدنا محمد لجميع الأنبياء والمرسلين.
ليالي رمضان
ألا تعتقد أن الغرض من الاعتداءات الأخيرة هو إفساد ليالي الشهر الكريم، حيث القيام وقراءة القرآن والاعتكاف وحلق الذكر في المسجد وساحاته…؟
نعم أخي الكريم، الاحتلال لا يروق له حشد المسلمين في رحاب الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، الناس تأتي إلى الأقصى من أجل العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، لكن زحف عشرات الألاف من المسلمين يزعج اليهود ويثير فيهم نوع من الحسد والغيظ، وبالتالي يحاولون تعكير الأجواء وافتعال الأحداث للتقليل من عدد المصلين الذين يأتون إلى الأقصى، وهذا أمر متوقع من العدو، باعتبار أن أي مخطط أو إجراء يقوم به الاحتلال، فهو يصب في تهويد مدينة القدس المحتلة، وإعطاء الصبغة اليهودية لهذه المدينة، وطمس المعالم والآثار الإسلامية.
هل تخوف قادة الاحتلال الاسرائيلي من أن يكون شهر رمضان فرصة للمقاومة وراء اقتحام قواتهم للمسجد الأقصى…؟
كل شيء محتمل مع استمرار الاحتلال بحماية المستوطنين المقتحمين للأقصى، كما أن استمرار اقتحام الاقصى في شهر رمضان يتناقض مع ادعاء الاحتلال بأنه يسعى إلى التهدئة وعدم العنف، ولكن نحن لن نركن إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لأن فيها الغدر والتمويه.
اندلاع الانتفاضات
بما أن الأطماع والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، كانت سبباً مهماً في اندلاع معظم الانتفاضات… ما هي ردة الفعل المنتظرة الآن…؟
ما من شك أن الاعتداءات المتكررة تولد الانفجار، لكن حقنا الشرعي في المسجد الأقصى ثابت وسيبقى كذلك، لأنه مرتبط بعقيدتنا، ولا يمكن التنازل عنه أو التفاوض حوله، والشعب حينما ينتفض ويعترض على تدنيس مقدساته لن يستشير أحد ولن يستطيع أحد إيقافه، فالتصرفات الاستفزازية للمستوطنين لن تثني المقدسيين من مواصلة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وذلك على الرغم من حجم الملاحقة الأمنية والانتهاكات اللامحدودة التي ترتكب بحقهم.
ما أهمية التنسيق العربي والإسلامي في الوقت الراهن لتعميق الحراك السياسي والدبلوماسي لحماية المسجد الأقصى من خطر التهويد…؟
هذه مسؤولية جماعية، الأقصى ليس لأهل فلسطين وحدهم، والأقصى لجميع المسلمين في العالم الذين يزيد عدد تعدادهم عن مليارين نسمة، وبالتالي عليهم أن تكون مواقفهم ثابتة وموحدة وأن يتحملوا مسؤولياتهم، نعم إن الشعب الفلسطيني يقوم بواجبه ضمن امكانياته المحدودة نيابة عن الأمة الإسلامية، ولكن هذا لا يعفي الأمة الإسلامية والعالم العربي والإسلامي من أن يقوموا بمسؤولياتهم لأن الأقصى أمانة في أعناقهم، والله سبحانه وتعالى سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى.
تدنيس القبلة
لا شك أن تدنيس القبلة الأولى للمسلمين نذير خطير واستفزاز للمشاعر… هل تتوقع في قادم الأيام ما هو أسوأ بحق المسجد الأقصى…؟
ممكن، خاصة أن إصرار المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بهذه الأعداد الكبيرة، يعكس رغبة حقيقية بمحاولة فرض واقع جديد، ولكن نحن لا نغير من موقفنا الثابت، يبقى موقفنا ثابتا لا يتزحزح لأنـــنا ندافع عن عقيدتنا، ومن المتوقع أن تكون هناك ظروف قاسية وصعبة لكن لن نمكن اليهود من تحقيق أهدافهم في موضوع التقسيم الزماني والتقسيم المكاني للأقصى المبارك.
ما هي سبل حماية الأقصى وتثبيت المقدسيين…؟
سبل حمايتهم هو التواجد المكثف من قبل المسلمين، والموقف الثابت وفضح مخططات الاحتلال من خلال وسائل الإعلام، ونحن نشكر جميع الفضائيات ووسائل الإعلام التي تتبنى قضيتنا وتسمع صوتنا للعالم.
أخيراً.. كيف تنظر لدور دولة قطر في دعم القضية الفلسطينية…؟
نجدها دائما سباقة إلى دعم ومساندة القضية الفلسطينية بصفة عامة وقضية القدس والمسجد الأقصى بصفة خاصة، ونحن نشكر دولة قطر أميرا وحكومة وشعبا على مواقفهم الداعمة للقضية الفلسطينية ونسأل الله سبحانه وتعالى الأمن والأمان لدولة قطر الشقيقة ولجميع الدول التي تقف إلى جانبنا.
المصدر: جريدة الوطن