مقالاتمقالات مختارة

خطوات علاج الانحراف الفكري

خطوات علاج الانحراف الفكري

بقلم يسري المصري

اليوم نتحدث في هذا المقال عن الدواء وطرق العلاج لمعضلة الانحراف الفكري؛ لكي نأخذ بأيدي من أصابهم هذا الداء فيعودوا للاستقامة والاعتدال الذي ارتضاه لنا ربنا طريقاً ومنهاجاً بلا غلو أو تفريط، ويكمن علاج الانحراف الفكري في النقاط الآتية:

1. إحياء دور المسجد

إن المسجد كان ولا يزال منارة للوسطية والاعتدال، ومنبراً للفهم السليم، ولذلك كان أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة هو بناء المسجد -ليس كبنيان أرضي- بل بناءً للنفوس والعقول وسمواً بالأرواح؛ كي يستقيم المرء على مراد الله، وعليه فإن الجهات المعنية بإحياء المسجد معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى بسرعة تفعيل هذا الدور مجدداً، بشكل يتواكب مع ثورة المعلومات والتقنيات الهائلة التي أصبحت في متناول الجميع بشكل يدعو للقلق، ففي غياب دوره تراوح العقيدة مكانها في النفوس وسط موجات الانحراف القوية والإلحاد الأقوى، فهو يرسخ ويثبت العقيدة في النفوس والقلوب والعقول ولا ماضي ولا حاضر ولا مستقبل لأمة يغيب فيها دور المسجد، فضلاً عن حتمية أن يأخذ الدعاة في توصيل رسالتهم بتلك التقنيات الحديثة، سواء “الداتا شو”، أو “الميديا” بشمولها الدعوي والتربوي، وتلك الأدوات تكون أسرع في توصيل المعلومة وتثبيتها، فالداعية طبيب كلما أخذ بالتقدم في مجاله كلما كان الشفاء أسرع .

إن المسجد كان ولا يزال منارة للوسطية والاعتدال، ومنبراً للفهم السليم، ولذلك كان أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة هو بناء المسجد -ليس كبنيان أرضي- بل بناءً للنفوس والعقول وسمواً بالأرواح؛ كي يستقيم المرء على مراد الله

2. المؤسسات التعليمية

إن التعليم هو إضافة حقيقية، فالعلم نور يزيل شبهات الجهل والظلام، وينير العقول بالفهم ، المهم أن تكون الرسالة التعليمية صحيحة وسليمة مجردة من الأهواء والانحرافات، والمدرس أو المربي هو مبعوث رسول الله – صلى الله وعليه وسلم – الذي أخبر أنه بُعِثَ مُعلماً، وعليه فإن دور كل صاحب رسالة توجيهية سواء كان معلماً أو مربياً أو أكاديمياً في جامعة، غاية في الخطورة في تثبيت الفكر السليم السوي بغير انحرافات أو ضلالات بدعاوى الاستنارة أو التنوير المكذوب.

لكن يبقى الدور الأكبر أن تتبنى هذه المؤسسات علاج الانحراف كمنهج لبناء عقول الأجيال، ومسؤولية حضارية تجعل المجتمعات آمنة مطمئنة.

اقرأ أيضاً.. لماذا ينحرف البعض فكرياً؟

3. التربية المعتدلة

كما ذكرنا، إن من أهم أسباب الانحراف الفكري هو غياب دور البيت، فمن الطبيعي أن يكون العلاج هو تفعيل هذا الدور وجعله متميزاً وواقعاً وفق معطيات التقدم التربوي الذي يظهر كل مدة، خصوصا مع كثرة التربويين والباحثين في هذا المجال، وعليه فإن القيام بحسن التربية والمراقبة بالشكل الذي يعمق الرابط الأسري من أهم التنشئة السليمة للأفراد في مراحلهم العمرية الأولى – جنباً إلى جنب – مع غرس قيمة الطاعة والاستقامة الدينية، وأثرها في تكوين شخص سليم الفكر والعقل.

إن القيام بحسن التربية والمراقبة بالشكل الذي يعمق الرابط الأسري من أهم التنشئة السليمة للأفراد في مراحلهم العمرية الأولى – جنباً إلى جنب – مع غرس قيمة الطاعة والاستقامة الدينية، وأثرها في تكوين شخص سليم الفكر والعقل

4. التشريعات والقوانين

إن الحكومات لها سلطات متعددة قادرة على الحد من انتشار الانحراف الفكري، عبر سن تشريعات وقوانين تحد وتجرم وتعاقب كل مسببات الانحراف، فالفقر –مثلاً- سبب رئيس للانحراف فيجب تحديد دخل أو معاش ثابت للكثير ممن يعيشون في مناطق الغلاء والفقر، فهذا سيؤثر سلباً على حالة التحول الفكري من الاعتدال للانحراف الذي سببه ضيق اليد والحياة الشديدة والمتعسرة، كذلك وضع قوانين صارمة لكل من يظهر في الإعلام يخرب العقول ويطعن في السابقين، في حين يظن أنه صاحب رسالة توعوية ولكنه مزمار للشيطان يسوقه للتائهين واليائسين، كذلك على الحكومات فرد مساحات أقوى وأقوى لكل صاحب رسالة معتدلة، فهو الضامن لاستيعاب الشباب والقادر على إنقاذهم من براثن الانحراف الفكري، وليس محاربة أصحاب الرسالة المعتدلة؛ لأن الكل خاسر والأمر جد خطير.

5. التبحر في العلوم

إن العلم والقراءة هما جناحا الاعتدال إذا كان المنبع نقياً، وأيضاً جناحا الانحراف إذا تلوث المنبع والمصدر ، لذلك فعلى كل من يسعى للنجاة من الانحراف الفكري أن يقرأ للثقات وكبار العلماء، ويترك الطعن فيهم والنيل منهم بدعاوى فارغة بلا قيمة وشبهات لم تحدث.

وعليه فإن القراءة السليمة هي من مقومات الشفاء، شريطة الفهم السليم وتهيئة العقل للتعلم، لا القراءة التي تُجرى للبحث عن مزيد من الشبهات، فهذه قراءة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا عائد لها، لذلك فالسيرة كانت ولا تزال دواءً فعالاً لكل مشكلات الأفكار والفتن والغلو، فضلاً عن أن الكثير من الكتاب تعرضوا لكثير من المشكلات الفكرية والشبهات ففندوها وردوها، والعلم اليوم تقدم بشكل كبير، فيكفي أن تمتلك هاتفاً ذكياً وتحصل على تطبيقات مفسرة وشارحة لكل سطر في الكتب الكبيرة، فتتجول بين الكتب كما تشاء، وعالم الإنترنت فيه الآلاف من المشكلات الفكرية وحلولها، وملايين الفتاوى الشرعية التي تبعث على سكينة القلب واطمئنان العقل بغير غلو أو تفريط.

القراءة السليمة هي من مقومات الشفاء، شريطة الفهم السليم وتهيئة العقل للتعلم، لا القراءة التي تُجرى للبحث عن مزيد من الشبهات، فهذه قراءة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا عائد لها

ختاما،

نحن كتبنا العلاج وفق الواقع، بعيداً عن التنظير والتعقيد اللفظي أو الفكري؛ لأن الأمر لا يحتمل مزيداً من التعقيد، فالخطاب الهين البسيط في سياقه العملي في خطواته يكون أقرب بكثير لأصحاب العقول، ونحن ننشد للجميع السلامة العقلية وطرد كل أفكار العبث والغلو من الحياة عموما، فعاقبة الزوال مفيدة للجميع، أما بقاؤها فهو مؤلم للجميع.

لذلك، على البيت والمدرسة والمجتمع والحكومات أن يؤدوا دورهم هذا، لصناعة مجتمع معتدل غير منحرف فكرياً أو سلوكياً.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى