خصائص الأمة الإسلامية عند المجدد “محمد رشيد رضا”
بقلم د. محمود سعد
الوسطية من خصائص الأمة الإسلامية:
يفرض التأسيس السابق لمفهوم الأمة الإسلامية عند الشيخ محمد رشيد رضا أن نلمس الخصائص المميزة لها، وهي التي يُخلَص إليها من خلال ذلك المفهوم وأبعاده في علاقته بعقيدتها وقيمها، ولعلها من التعدد بما يناسب تطور تجربة الأمة التاريخية المؤسَّسة على هذه العقيدة وتلك القيم؛ غير أن هذه الخصائص من الكثرة بمكان؛ بحيث يستطيع القارئ أن يستشف بعضها في ما سطره في مفهوم الأمة؛ فهي – مثلاً – أمة التوحيد الخالص، وأمة العلم، والأمة الحافظة لتراث النبوات (الإسلام)، وأمة الحوار، أو يرى بعضها في ثنايا تفسير المنار؛ فمن خصائص الأمة القبلة، والتعبُّد بها إنما يكون بطاعة الله بها لا بسرٍّ في ذاتها أو مكانها، وأن حكمتها اجتماع الأمة عليها الذي هو من أسباب اتحادهم وجمع كلمتهم[1].
تجدر الإشارة بداية أن هذه الخصيصة التي تميز بها الإسلام منهجاً، قد تميزت بها أمة الإسلام عن أمم الشرائع السابقة التي حُرِّف بعضها إلى الغلو المادي، وحُرِّف بعضها الآخر إلى الغلو الروحاني. فإذا ما عدنا إلى رشيد رضا فإننا سنجده يلتقي مع شيخه محمد عبده في مفهوم الوسطية الإسلامية؛ فهي القائمة على أساس الاستقلال العقلي في فهم حقيقة الدين وجوهره، وكونه وسطاً بين أطراف مذمومة؛ كالتوحيد بين الشرك والتعطيل، واتباع الوحي بين الابتداع والتقليد، والسخاء بين البخل والتقتير، وهي الوسطية المحقِّقة لمعنى الإنسانية بالجمع بين مصالح الروح والجسد[2].
وأما الأمة الإسلامية فقد جمع الله لها في دينها الحقين: حق الروح وحق الجسد؛ فهي روحانية جسمانية، وإن شئت قلت: إنه أعطاها جميع حقوق الإنسانية؛ فإن الإنسان جسم وروح، حيوان ومَلَك، فكأنه قال: جعلناكم أمة وسطاً، تعرفون الحقَّين وتبلغون الكمالَين[3]. وهي عند محمد عمارة (الوسطية الجامعة) التي تمثل بالنسبة للإصلاح الإسلامي طوق النجاة من تمزق وانشطارية وثنائية المتقابلات المتناقضة؛ على النحو الذي حدث في حضارات أخرى، وفي الحضارة الغربية على وجه التحديد. وهي الشمول الذي تبلغه تأثيراتها عندما تُراعى وتوضَع في الممارسة والتطبيق[4]. إلا أن رشيد رضا يضيف بُعداً آخر لمعنى الوسطية فيرى أنها (مبنية على أساس الاستقلال البشري اللائق بسنِّ الرشد وطور ارتقاء العقل؛ ولذلك كانت الأحكام الدنيوية في كتابها قليلة، وفرض فيها الاجتهاد؛ لأن الراشد يفوَّض إليه أمر نفسه؛ فلا يقيد إلا بما يمكن أن يعقله من الأصول القطعية، ومن مقومات أمته الملِّية التي لا تختلف باختلاف الزمان والمكان)[5].
وتتفق نظرة رشيد رضا مع الدريني الذي يرى أن الإسلام احتكم إلى العقل في أعظم قضاياه: من الإيمان بعقائده وقيمه العليا، وحقيقتها؛ فلأن يحتكم إليها في التصرف في مقررات التشريع اجتهاداً، واستنباطاً، وتطبيقاً، بما يحقق مفاهيمها وغاياتها في المجتمع الإنساني من باب أَوْلَى[6].
وفي إطار مفهوم الأمة وخصائصها عند رشيد رضا نلمح مجموعة من المؤثرات التي تعتبر من مقومات الرفعة أو الضعة في تكوين الأمة، وعندما يذكرها رشيد رضا في هذا السياق فإنما يقصد بها رسم طريق الإصلاح ومعالجة أمراض الأمة والمفاهيم المادية التي سيطرت عليها فأضعفتها:
1 – علاقة النفس البشرية بالمنهج:
من طبائع الاجتماع – والكلام في الأمم كلام في طبائع الاجتماع[7]– عند رشيد رضا أن النفس البشرية إذا صلحت أصلحت كل شيء تأخذ به وتتولى أمره؛ فالإنسان سيد هذه الأرض، وصلاحها وفسادها منوط بصلاحه وفساده، وليست الثروة ولا وسائلها (من صناعة وزراعة وتجارة) هي المعيار لصلاح البشر، ولا الملك ووسائله (من القوة والسياسة). فإن البشر قد أوجدوا كل وسائل الملك والحضارة من علوم وفنون وأعمال بعد أن لم تكن فهي إذاً نابعة من مَعِين الاستعداد الإنساني، تابعة له دون العكس، ودليل ذلك في العكس كدليله في الطرد، فإننا نحن المسلمين وكثيراً من الشعوب التي ورثت الملك والحضارة عن سلف أوجدهما من العدم: ممن أضاعوهما بعد وجودهما بفساد أنفسهم[8].
2 – خصائص الأفراد:
يرى رشيد رضا أن صلاح الأمم يُرَد إلى صلاح أفرادها في إطار منهج الهداية؛ إلا أنه يعتبر أن صلاح الفرد مقيس بولائه لأمته ومدى ارتباطه بها وإفادته لها؛ لأن خصائص الأمة تنبع من خصائص الأفراد (ولا يكتفي من المؤمن أن يكتسب بالحلال، ويتمتع بالحلال، وينفع نفسه ولا يضر غيره، وأن يصلي ويصوم؛ لأن كل هذا يعمله لنفسه خاصة، بل يجب أن يكون وجوده أوسع وعمله أشمل وأنفع؛ فيساعد على نفع الناس ودرء الضرر عنهم بحفظ الشريعة، وتعزيز الأمة بالمال والأعمال، والدعوة إلى الخير ومقاومة الشر؛ ولو أفضى ذلك إلى بذل روحه. فإن قصَّر في واجب يتعلق بحفظ الملَّة وعزة الأمة من غير عذر شرعي فقد آثر نفسه على مرضاة الله – تعالى – وخرج من زمرة كَمَلة المؤمنين الذين باعوا أنفسهم لله – تعالى – وكان أكبر إجراماً ممن يقصِّر في واجب لا يضر تقصيره فيه إلا بنفسه؛ ذلك أن الحكمة في تربية النفس بالأعمال الحسنة والأخلاق الفاضلة هي أن ترتقي ويتسع وجودها في الدنيا، فيعظُم خيرها وينتفع الناس بها، وتكون في الآخرة أهلاً لجوار الله – تعالى – مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم، وجعلوا أكثر أعمالهم خدمة للناس وسعياً في خيرهم؛ فإن الله – سبحانه وتعالى – لم يشتر أنفس المؤمنين من الحظوظ والشهوات الشخصية الخسيسة لأجل نفعه – سبحانه – أو دفع الضر عنه – جل شأنه – فهو غني عن العالمين؛ وإنما شرع هذا ليكون المؤمن – باتساع وجوده وعموم نفعه – سيد الناس، فَلْيَعرض مدَّعو الإيمان أنفسهم على الآية وأمثالها؛ فمن ادَّعى أنه من الذين باعوا أنفسهم لله وآثروا مرضاته على ما سواه، فَلْيَعرِضْه غيره من المنصفين عليها؛ ولا سيما إذا ادَّعى أنه واسع الوجود خادم للأمة والملة. لا جرم أن كثيراً منهم لا يصدق عليهم شيء من ذلك)[9].
ثم يضرب رشيد رضا مثلاً في حاجة الأمة للمال لدفع الفساد والإنفاق في المصالح العامة يقول: (ومن الواجب على أغنياء المسلمين إذا وقع الفساد في الأمة وتوقفت إزالته على المال أن يبذلوه لدفع المفاسد الفاشية والغوائل الغاشية، وحفظ المصالح العامة)[10].
(ومَن أراد كمال البيان في ذلك فَلْيَعتبر بما يراه في الأمم العزيزة التي ينفق أفرادها ما ينفقون في إعلاء شأنها بنشر العلوم وتأليف الجمعيات الدينية والخيرية وغير ذلك من الأعمال التي تقوم بها المصالح العامة؛ إذ يرى كل فرد من أفراد أدنى طبقاتها عزيزاً بها محترماً باحترامها مكفولاً بعنايتها؛ كأن أمته ودولته متمثلتان في شخصه، وليقابل بين هؤلاء الأفراد وبين كبراء الأمم التي ضعفت وذلَّت بإهمال الإنفاق في المصالح العامة وإعلاء شأن الملة؛ كيف يراهم أحقر في الوجود من صعاليك غيرهم، ثم ليرجع إلى نفسه وليتأمل كيف أن نفقة كل فرد من الأفراد في المصالح العامة يصح أن تعتبر هي المسعدة للأمة كلها؛ من حيث إن مجموع النفقات التي بها تقوم المصالح تتكون مما يبذله الأفراد؛ فلولا الجزئيات لم توجد الكليات، ومن حيث إن الناس يقتدي بعضهم ببعض بمقتضى الجبلة والفطرة؛ فكل من بذل شيئاً في سبيل الله كان إماماً وقدوة لمن يبذل بعده وإن لم يقصدوا الاقتداء به؛ لأن الناس يتأثر بعضهم بفعل بعض من حيث لا يشعرون. والفضل الأكبر في هذه الأمة لمن يبدأ بالإنفاق في عمل نافع لم يُسبَق إليه. أولئك واضعو سنن الخير والفائزون بأكبر المضاعفة؛ لأن لهم أجورَهم ومثل أجور من اقتدى بسنتهم؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا[11]» الحديث)[12].
3 – وحدة الأمة:
وإذا كان الدين يحكم الحياة بقيمه ومقاصده وقواعده العامة وأحكامه القطعية[13]، فإن رشيد رضا يعد ذلك كافياً لوحدة المنهج؛ ولذلك أعطيت الأمة كلَّ أصل ديني بدليله وحكمته، وكُلِّفت العدل والاعتدال في الأمر كلِّه، هذه الوحدة في المنهج تُعَد باعثاً على وحدة الأمة وبياناً لمكانتها[14]. كما يرى رشيد رضا أن للاختلاف في الدين الدورَ الأكبرَ في إهلاك الأمم وإفساده للدين نفسه، ولم يذكر كتاب الله هذا المرض الاجتماعي إلا وقد بيَّن علاجَه للمسلمين، وهو تحكيم الله – تعالى – في ما اختلفوا فيه، وردُّ ما كان من المصالح الدنيوية والأمور السياسية إلى أولي الأمر الذين هم عنده أهل الحل والعقد، كما ورد في سورة النساء: {وَإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْـخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 83].
وكأن هذه الآية في نظر رشيد رضا تحدد مرجعية الأمة عند الاختلاف في سبيل الحفاظ على وحدتها؛ لذا نجده يفصِّل في مفهومها في السطور التالية:
(أما في الأمور الاعتقادية والتعبدية فبإرجاعهم إلى ما كان عليه السلف الصالح بلا زيادة ولا نقص، واعتبار ما أجمع عليه المسلمون في العصر الأول هو الدين الذي يدعى إليه، ويُحمَل كل مسلم عليه)[15].
وفي الأمور الحربية والقضائية والإدارية والسياسية فبإقامتها على القواعد الشرعية في حفظ المصالح ودرء المفاسد بحسب حال الزمان والمكان[16]؛ لأنها تركيبات من صنع الإنسان. ومهمة الدين أن يوجه واضعي النظم وجهة الخير، وأن يثبِّت القيم الخلقية الهادية في وضع تلك النظم وتطبيقها[17]، ولأنها من الأحكام الاجتهادية التي لم تثبت بالنص القطعي الصريح رواية ودلالة لا تجعل تشريعاً عاماً إلزامياً؛ بل تفوض إلى اجتهاد أولي الأمر من الحكام وأهل الحل والعقد في الأمور السياسية والقضائية والإدارية، وما عدا ذلك من المسائل الاجتهادية مما يعمل فيه صاحب الدليل بما يظهر له أنه الحق من غير أن يعادي أو يماري فيه من لم يظهر له دليله من إخوانه المسلمين الموافقين له في مسائل الإجماع[18].
وأما العامي الذي لا قدرة له على الاستدلال فلا يذكَر له شيء من أمر الخلاف، فإن عرض له أمر استفتى فيه من يثق بورعه وعلمه من علماء عصره، وذلك العالم يبيِّن له حكم الله فيه بأن يذكر له ما عنده فيه من آية كريمة أو سنة قويمة، ويبيِّن له المعنى بالاختصار. هكذا كان علماء الصحابة والسلف وعامتهم، وأنى للمسلمين اليوم أن يستقيموا على طريقتهم وهم فاقدو أولي الأمر الذين تفوِّض الأمة إليهم أمورها العامة وتجعلهم مسيطرين على حكامها وأحكامها[19]؟
وبناء على هذه القاعدة لم يقبل الإمام مالك – رحمه الله تعالى – من المنصور أولاً، ولا من هارون الرشيد ثانياً أن يحملَ المسلمين على العمل بكتبه ولا بالموطأ الذي هو أصح ما رواه من الأخبار المرفوعة وآثار الصحابة، وواطأه عليه جمهور من علماء عصره[20].
وبهذا يتضح لنا أن ترسيخ وحدة الأمة عند رشيد رضا يعتمد على غرس قيم الولاء لله ورسوله وجماعة المؤمنين، وتعميق الوعي الإيماني بأصول العقيدة الإسلامية[21].
اللغة العربية من مقومات وحدة الأمة:
الأمة واللغة أمران متلازمان، والذين يتكلمون اللغة الواحدة تربطهم قوانين الطبيعة بروابط كثيرة تجعل منهم وحدة غير قابلة للانفصام، تقوم – أساساً – على دعائم أساسية أهمها: وحدة الفكر والعقيدة التي تصنعها وحدة اللغة العربية، بجانب وحدة الضمير والوجدان التي تصنعها وحدة التاريخ.
ويؤكد المشروع الإصلاحي لرشيد رضا على هذه العلاقة الوثيقة التي تربط اللغة بواقع مجتمعها؛ إذ إنها تحيا بحياة الأمة، وحياة الأمة إنما تكون بعلومها وصناعاتها عبر اللغة أداةً للتواصل، والاشتغال بلغة الأمة وآدابها فضيلة في نفسه ومادة من مواد حياتها، ولا حياة لأمة ماتت لغتها[22]؛ ولذا كان جميع من دخل في الإسلام يشعر بأنه صار أخاً لجميع المسلمين، وأن أمته هي الأمة الإسـلامية، لا العربيـة ولا الفارسية ولا القبطية ولا التركية… كما قال – تعالى -: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].
ويكشف رشيد رضا عن مخططات المتفرنجين ودعاتهم الذين يريدون أن يفرقوا بين الأمة على أساس اللغة والجنس ويؤكد أن الوحدة الإسلامية الدينية الأدبية التي ينشدها المصلحون تتوقف على تعميم لغة الإسلام بين جميع الشعوب الإسلامية؛ إذ لا تآلف بغيـر تعـارف، ولا تعـارف بغيـر تفـاهـم، ولا يسهل التفاهم بين المسلمين إلا بلغة دينهم المشتركة بينهم، وهي العربية التي لم تعد خاصة بالعنصر العربي بالنَسَب، كما أن الإسلام ليس خاصاً به[23].
ويشير رشيد رضا إلى أن معرفة العربية من ضروريات دين الإسلام؛ لأن الله أمرنا أن نتدبر القرآن الذي لا تقوم معجـزته وحجتـه إلا بفهمـه ولا يمكن فهمه إلا بفهم العربية الفصحى، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب[24].
وما جرى عليه الخلفاء الراشدون وعمالهم ومَن بعهدَهم من الفاتحين الأمويين والعباسيين يدل على ذلك؛ فإنهم نشروا لغة الدين في جميع البلاد التي فتحوها مع بُعدِهم عن العصبية الجنسية، وعدم التفاتهم إليها في معاملاتهم الاجتماعية والدولية، وجميع المجتهدين والقائلين بوجوب الاجتهاد في الدين، يجزمون بوجوب معرفة اللغة العربية؛ لأن الاجتهاد يتوقف على ذلك، كما هو مصرح به في كتب الأصول[25].
ومن البديهي أن وحدة الأمة لا تتم إلا بوحدة اللغة، ولا لغة تجمع المسلمين وتربطهم إلا لغة الدين الذي جعلهم بنعمة الله إخواناً، وهي العربية التي لم تعد خاصة بالجنس العربي إذا نظرنا إلى الأجناس – المعبر عنهم في اصطلاح المنطق بالأصناف – من جهة أنسابهم وأوطانهم. ولهذا كان يجتهد مسلمو العجم في خدمة هذه اللغة كما يجتهد مسلمو العرب بلا فرق، ويعدونها لغتهم؛ لأنها لغة القرآن التي تقوم بها حجته: وهم من أمة القرآن كالعرب بلا فرق.
ثم حدثت في الإسلام عصبية الجنسية الجاهلية التي حرمها الإسلام وشدد في منعها، بعد أن ضعف العلم والدين في المسلمين بضعف اللغة العربية فيهم، حتى قام بعض الأعاجم في هذه السنين الأخيرة يدعون قومهم إلى ترجمة القرآن بلغتهم والاستغناء عن القرآن العربي؛ زاعمين أن الإسلام دين ليس له لغة. وغلا بعض هؤلاء في بغض العربية فدعا مسلمي قومه إلى الأذان والصلاة والخطبة بلغتهم، وقد أجمع المسلمون بالعمل على إقامة هذه الشعائر الإسلامية بلغة الإسلام العربية إلى اليوم، وكان من عاقبة هذا الضعف في العلم والدين أن بعض المسلمين في بلاد الأعاجم – كجاوة، التي يَقِل فيها العلمـاء العارفـون بالدين ولغتـه، القادرون على دفع الشُّبَه عن القرآن – صاروا يرتدون عن الإسلام لإيضاع دعاة النصرانية خلالهم، وسؤالهم الفتنة بالتشكيك في القرآن والطعن فيه. وأين من يفهمه ويدافع عنه هناك؟ ومنهم من صار يفخر بسلفه من الوثنيين والمجوس حتى بفرعون الذي لعنه الله في جميع كتبه[26].
[1] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 2/9.
[2] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 6/347.
[3] الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده: 2/310. دراسة وتحقيق د.محمد عمارة.
[4] انظر وسطية الأمة الإسلامية لمحمد عمارة مجلة حراء العدد 2 الصادر في يناير 2006م.
[5] تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 6/347.
[6] انظر خصائص التشريع الإسلامي لفتحي الدريني، ص25.
[7] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 3/197.
[8] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 1/7.
[9] تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 2/203.
[10] تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 3/14.
[11] رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الملك البجلي، باب الحث على الصدقة، حديث رقم 1691.
[12] تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 3/51 – 52.
[13] انظر مركزية القضية التربوية في فهم واقع الأمة وأسباب تخلفها، مقال للدكتور سعيد إسماعيل علي، مجلة إسلامية المعرفة الصادرة عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي العدد 29.
[14] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 2/7.
[15] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 3/11.
[16] المصدر السابق.
[17] انظر مركزية القضية التربوية في فهم واقع الأمة وأسباب تخلفها، مقال للدكتور سعيد إسماعيل علي، مجلة إسلامية المعرفة الصادرة عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي العدد 29.
[18] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 3/11.
[19] المصدر السابق.
[20] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 1/99.
[21] انظر خصائص الأمة الإسلامية الحضارية كما تبيِّنها سورة: المائدة لإبراهيم زيد الكيلاني، ص25، ط الأولى، طبعة جمعية المحافظة على القرآن الكريم.
[22] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 1/24.
[23] انظر مجلة المنار: 13/12/905.
[24] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 1/ 25 – 26.
[25] انظر مجلة المنار، فتاوى المنار محمد رشيد رضا: 12/12/900.
[26] انظر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا: 1/25.
(المصدر: مجلة البيان)