مقالاتمقالات مختارة

خدمة الأمازيغ للإسلام والعربية1

خدمة الأمازيغ للإسلام والعربية1

بقلم د. عمار طالبي

كنت قد استمعت إلى محاضرة عنوانها: “خدمة الأمازيغ للإسلام والعربية” ألقاها الشيخ الراضي الزايدي رئيس المجلس العلمي بتارودانت بالمغرب، وهو سوسي خبير باللغة السوسية، فعلمت منها حقائق مهمة لم أكن أعرفها فطلبت منه نسخة فأمدني بها مشكورا، فأمعنت في قراءتها، وأردت أن أنقل للقراء الكرام بعض ما ورد فيها من هذه الحقائق، حتى يطمئن الذين يشككون في هويتنا، ويفرقون بين العرب والأمازيغ باسم الثقافة أو باسم اللغة، وقد بدأت هذه النزعة الاستعمارية الشيطانية في الظهير البربري المشهور في المغرب لتقسيم المجتمع الواحد، من باب فرّق تسد.

جاء الإسلام إلى المغاربة، فاختاروه اختيارا تلقائيا، واعتنقوه، بعد أن أدركوا حقيقته وفهموا رحمة توجيهاته، ورسخت مبادئه في نفوسهم، فغير مجرى حياتهم، وفتح لهم آفاق حضارة وثقافة، فتحملوا رسالته، ونهضوا بها بأنفسهم خلال التاريخ جنبا إلى جنب مع العرب. فأحبوا القرآن وتعلموه وعملوا على حفظه ودرسه لأبنائهم، وحرصوا على تعلم العربية وتعليمها وأحبوا تعلم العلوم الشرعية وأقبلوا عليها، وأسسوا لذلك مدارس ومؤسسات تعليمية وأنفقوا عليها بسخاء، وأوقفوا الأوقاف الكثيرة عليها، بل وفتح لهم الإسلام طريقا فكوّنوا دولا عظيمة كدولة الموحدين وغيرها مما لم يحظوا به قبل ذلك. ونظموا قصائد كثيرة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم باللغة الأمازيغية مثل قصيدة محمد بن عبد الله البوشكيري البعقيلي مطلعها:

باسم الله ءاوالء يعدلن       ءايزوار ءاك يو اليوني

نتان ءاس بديخ ءاشكو       لباراكا تلا ييد سي

احترموا آل البيت، وقدموهم على أنفسهم، فبايعوا المولى إدريس الأول، والأشراف السعديين، والأشراف العلويين، وعاشروا العرب وصاهروهم وانسجموا معهم.

أحصى مؤرخ السوس العلامة المختار السوسي رحمه الله رجالات العلم الشرعي واللغوي في كتابه فكان مجمل عددهم قد بلغ 1954 من عالم وأديب، في السوس وحدها ألّفوا بالعربية وبالأمازيغية، وترجموا من العربية إلى الأمازيغية  لتيسير فهم العلوم الشرعية للذين لا يحسنون العربية.

وبدأ هذا ابن تومرت الذي ألّف عقيدة في التوحيد باللسان السوسي، الذي سماه بعض الكتاب القدماء باللسان الغربي.

وقف الشيخ المختار على نحو 770 مؤلف، وما لم يحصه في غير السوس أكثر من ذلك، بل في السوس نفسها يمكن أنه فاتته بعض المؤلفات.

فقد شرح أبو الحسن الركراكي المدونة الكبرى للإمام سحنون وشرحـها ثلاثة علماء غيره، وشرح التلقين لعبد الوهاب البغدادي الشيخ أحمد بن علي البعقيلي، وآخرون، وشرحوا مختصر خليل، وترجمه إلى الأمازيغية محمد بن علي أكبيل الهوزالي، وتناولوا صحيح البخاري وصحيح مسلم واختصروا شرح النووي لمسلم.

وفي مجال اللغة العربية نُظم “مُغني اللبيب لابن هشام” الشيخ محمد بن سعيد القاضي، وشرح الألفية أربعة علماء، لا نطيل بذكر أسمائهم، وشرح ديوان المتنبي محمد علي الهوزالي.

ونظم أحد علمائهم ألفية في النحو مثل ابن معطي الزواوي عندنا في الجزائر، والأجرومية ألفها أمازيغي وترجمت إلى اللغة اللاتينية.

وظف السوسيون اللغة الأمازيغية في خدمة الإسلام والعربية، ولم يكن هذا تعصبا للأمازيغية أو عداوة للعربية، كما يدعي بعض المدعين، وإنما كان ذلك خدمة للإسلام والعربية بإخلاص وعناية.

وقد ترجم كتاب: “عمدة البيان في فروض الأعيان” الذي ألّفه الشيخ عبد الرحمن الأخضري الجزائري إلى الأمازيغية، قال المترجم في أوله:

ريخ ءاد ءاويخ لأحكام     …..   نتصاكيت ءادبين سناظمان

ءيكان ءامازيغي    …..        سيد عبد الرحمن لاخضاري

فقد ألفوا بالأمازيغية في مجال الفقه، فترجم الشيخ محمد بن علي الهوزالي مختصر خليل نظما، وتسمى بالأمازيغية “الحوض”.

وترجم المرشد المعين لابن عاشر الفقيه محمد بن عبد الله داود التلمساوتي من أهل القرن الثاني عشر الهجري.

كما ترجمه الحسن بن إبراهيم العروسي السملالي.

وترجم الفقيه عبد الحميد الصوفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني.

وألف هذا الفقيه ذاته كتاب “أنوار الدين” وعنوانه بالأمازيغية “تياوين ن الدين”، وألّف الفقيه محمد بن أحمد الهوزالي منظومته في التوحيد ومبادئ العبادات بالأمازيغية، وألفوا عددا من المؤلفات في المواعظ والرقائق، منها: بحر الدموع، ألّفه الفقيه أكبيل الهوزالي.

وألّف الفقيه عبد الرحمن الهوزالي قصيدة في مكايد إبليس وتلبيسه، اقتبس معانيها من إحياء علوم الدين للغزالي. وقصيدة عظيمة موجهة للنساء خاصة، وألّف العلامة المختار السوسي دروسا رمضانية بالأمازيغية، في تسعين حلقة، وقصائد أخرى كثيرة جدا.

وترجم الحاج عبد الله الدرقاوي كتاب “نور اليقين” في السيرة النبوية إلى اللسان الأمازيغي.

وترجم عبد الله بن يحيى الحامدي البردة المسماة:

“تلقيح الصدور بما يورّث السرور”، وأُلّفت قصائد كثيرة في المدح النبوي.

أما ما يتعلق بالتوحيد فقد أُلّفت فيه مؤلفات عديدة منها: “كتاب نَتْاوحيد” “باب التوحيد” في أول كتاب الحوض لأكبيل الهوزالي. وأكثر من منظومة أُلفت في هذا الموضوع بالإضافة إلى عقيدة ألفها ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين.

وكُتبت عدة مؤلفات وقصائد في التصوف بالأمازيغية، وترجم الحاج علي الدرقاوي الإلغي “الحكم العطائية” نظما، وترجم محمد المختار السوسي “الأنوار السنيّة” لابن جزي، ترجمه لإحدى أخواته، وترجم الأربعين النووية لأخته آمنة سنة 1357ه.

وترجم الحاج عبد الله الدرقاوي الإلغي “رياض الصالحين” في أربعة مجلدات (أكثر من ألف صفحة).

وترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية الأستاذ الحسين جهادي الباعمراني، كما ترجمه إلى الأمازيغية عندنا في الجزائر الأستاذ الحاج الطيب وكتب الترجمة بالحروف العربية.

وألفت عدة منظومات باللسان الأمازيغي في التاريخ.

وترجم من كتب الطب كتاب واحد وألّف فيه أيضا كتاب آخر.

وكذلك مجال الفلك ترجم فيه كتاب “المقنع للميرغني في الفلك والتوقيت”، ترجمه الحسن بن عبد الله بن أبي بكر إلى الأمازيغية.

وألّف إبراهيم بن عبد الله أزناك كتابا في التوحيد، والفقه والنحو، والفلك.

وفي التوثيق نجد عدة مؤلفات منها: مؤلف في ترجمة الألفاظ العربية إلى الأمازيغية لمعرفة المصطلحات في مجال التوثيق، وكتابة العقود. وترجمة ألفاظ عربية إلى الأمازيغية السوسية لابن تونارت، توجد نسخة منه في خزانة الشيخ المختار السوسي.

يتبع

(المصدر: موقع المنهل)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى