خالد صفوري: الوزن السياسي لمسلمي أمريكا جعل «بايدن» يستعين بأكثر من 100 منهم
أجرى الحوار سعد النشوان
في سياق الحديث عن مسلمي أمريكا، كان لا بد من عين من الداخل، نلقي من خلالها الضوء على أبرز القضايا والمستجدات على ساحتهم الداخلية، فكان لـ»المجتمع» هذا الحوار مع شخصية مهمة لها دورها الدعوي والإعلامي والسياسي؛ وهو أ. خالد صفوري، رئيس مؤسسة المصلحة الوطنية بواشنطن.
بداية، نرحب بكم في «المجتمع»، ونرجو أن تعطونا نبذة عامة عن المسلمين في أمريكا من حيث الخريطة والانتشار؟
بداية، نرحب بكم في «المجتمع»، ونرجو أن تعطونا نبذة عامة عن المسلمين في أمريكا من حيث الخريطة والانتشار؟
معظم التقديرات ترجح أن مسلمي أمريكا يتراوحون بين 5 و6 ملايين يتركزون في الشمال الشرقي
– أهلاً ومرحباً بكم وبأهل الكويت جميعاً؛ فهي بلدي الأول؛ حيث تربيت فيها، وحصلت على الثانوية من مدرسة صلاح الدين بالكويت، ولي رابط شخصي معها وشعبها العظيم.
بالنسبة لمسلمي أمريكا، لا توجد أرقام دقيقة بعددهم، لكن معظم التقديرات ترجح أنهم يتراوحون بين 5 و6 ملايين مسلم، يتركزون بشكل كبير في الشمال الشرقي، وفي ولاية كاليفورنيا يقدر عددهم بـ650 ألفاً، وفي الشمال الشرقي يقدر عددهم بين 1.5 مليون ومليونين، ولهم تواجد أيضاً في وسط أمريكا، وفي ولاية تكساس في الجنوب، وهذا يعكس القوة السياسية للجالية المسلمة، وتركزها في الولايات المهمة انتخابياً.
ما الأصول التي ينحدر منها هؤلاء المسلمون؟
– أعتقد أن 25% منهم من المسلمين السود، وهم من دول ذات أصول أفريقية، وقد اعتنقوا الإسلام خلال الستينيات والسبعينيات، وهناك نحو 30% من أصول عربية، كما أن هناك 30% من أصول هندية وباكستانية وبنغالية، والنسبة الباقية هم من البيض ومن ذوي الأصول اللاتينية، وهم الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً، وقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أنه خلال سنوات قليلة سيكون عدد المتحولين إلى الإسلام من الأصول اللاتينية يقارب 50 ألفاً في العام الواحد؛ لذا فالمسلمون الأمريكيون الذين تحولوا إلى الإسلام نسبتهم 10% تقريباً من تعداد المسلمين بأمريكا.
هل يعاني المسلمون من ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في البلاد؟
– لا شك أن المشكلة موجودة، ويعاني منها المسلمون كثيراً، وخصوصاً في المناطق الجنوبية، لكن هناك قوانين صارمة لمواجهة التمييز العنصري، ورغم ذلك فهو موجود، خاصة في المدارس، حيث يعاني الأطفال كثيراً من العنصرية داخل المدارس الأمريكية، وممارسة العنصرية في أمريكا تختلف من مدينة إلى أخرى، فهناك مدن مختلطة السكان، وأصبحت الأقليات فيها تشكل الأغلبية، وبذلك يكون من الصعب التمييز العنصري فيها؛ فالعنصرية تتفاوت قوة وضعفاً حسب المنطقة.
تداعيات الحادي عشر من سبتمبر، هل ما زالت موجودة؟
– هناك فئة في أمريكا تزعم أن الإسلام عدو لهم، وأن الإسلام والمسلمين يكرهون الغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص، واستغلت حادثة 11 سبتمبر لتغذية تلك الكراهية للإسلام والمسلمين، وهذه الفئة تكره الإسلام والمسلمين من قبل حادث 11 سبتمبر، وعندما وقعت الأحداث بدأت تستقطب وتدعو لكراهية الإسلام والمسلمين، فقد وجدت ما تبرر به كراهيتها، وهناك بعض الناس ما زالت أحداث 11 سبتمبر تؤدي دوراً في عقلياتهم وتصوراتهم، خصوصاً أن أمريكا تحتفل سنوياً بذكرى كل حروبها، وفي كل ذكرى هذه الأحداث يتم تجديد الكراهية ضد الإسلام والمسلمين.
حوادث العنصرية ازدادت منذ تولي «ترمب» بنسبة 250% بما فيها العنصرية ضد المسلمين
كيف كانت تداعيات فوز «ترمب» عام 2016م على العرب والمسلمين في أمريكا؟
– لقد خاض «ترمب» الانتخابات على قائمة طويلة من العداء لبعض الأعراق، بدأها بالتطاول على ذوي الأصول المكسيكية، وانتهى به المطاف بالتطاول على الإسلام والمسلمين، ووعد بأنه سيمنع المسلمين من دخول أمريكا في حال فوزه، وكان ذلك أحد شعاراته، وتطاول على الدول العربية والمسلمة، وقال: إن عليهم أن يكونوا خدماً لأمريكا.. وإن دول الخليج لديها كثير من المال وعلينا أن نأخذ من ذلك المال! وعندما تولى سدة الحكم في البيت الأبيض أشاع العداوة ضد المسلمين والأقليات في أمريكا، وبذلك ازدادت حوادث العنصرية منذ توليه الحكم بنسبة 250%، بما فيها الحوادث العنصرية ضد المسلمين.
لماذا لا نرى «لوبي» (جماعة ضغط) لمسلمي أمريكا على غرار «اللوبي» اليهودي؟
– الجالية الإسلامية في أمريكا لديها إمكانية تشكيل جماعة ضغط، وهذا على أرض الواقع موجود، فالإدارة الجديدة قامت بتعيين أكثر من 100 مسلم، وهذا لم يكن ليحدث لولا وجود وزن سياسي للمسلمين، والمتابع يلاحظ زيادة عدد المسلمين كل عامين في الانتخابات؛ سواء الرئاسية، أم انتخابات مجلسي الشيوخ والكونجرس، وكذلك الانتخابات المحلية.
حالياً يوجد ثلاثة مسلمين بمجلس النواب، وفي ولاية فرجينيا ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة يخوض مسلم –وهو سام رسول- الانتخابات كنائب رئيس لمحافظ الولاية، وهذا يحدث لأول مرة في أمريكا، وفرصة نجاحه كبيرة إن شاء الله تعالى.
أما النفوذ اليهودي في أمريكا فيرجع إلى أن الجالية اليهودية نشطة ومنظمة، وثرية، وبالتالي إذا استطاعت الجالية الإسلامية أن تقوم بتنظيم نفسها، فسوف يكون لها وزن ملموس، وإن كان دون وزن الجالية اليهودية، وعلينا أن نتذكر أن الجالية اليهودية في النهاية تتوجه إلى كيان واحد «إسرائيل»، أما الجالية المسلمة فهي من عشرات الدول، وبالتالي فتكوين «لوبي» إسلامي في أمريكا لن يكون موازياً لـ«اللوبي» اليهودي، خصوصاً في السياسة الأمريكية الخارجية.
وعلينا أن نتذكر كذلك أن الجالية المسلمة -مثل اليهودية- لديها هموم محلية، مثل الدراسة والأمن والاستقرار، والحروب الخارجية، والضرائب، ومن هذه الناحية في كثير من الأحيان تتحالف الجالية الإسلامية مع قوة سياسية داخل أمريكا، بمن فيها اليسار اليهودي الذي يقوم بانتقاد دولة «إسرائيل»، ويتحالف مع الجالية المسلمة في مناهضة الحروب الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
هل ساهم المسلمون في نجاح «بايدن» بالرئاسة؟
– الجالية المسلمة صوتت بنسبة 90% لصالح «بايدن»، وقبل 4 سنوات كانت ثاني أكبر مجموعة دينية تصوت لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي «هيلاري كلينتون»، وكان ذلك نتيجة للعداء الظاهر من المرشح حينذاك «دونالد ترمب»، حيث كان يتطاول على الإسلام والمسلمين علانية، ولم يكن أمام الجالية من خيار سوى التصويت للمرشح المنافس له، رغم أن ما يجمعها ويتوافق معها من أفكار وبرامج الحزب الجمهوري أكثر مما يجمعها من الحزب الديمقراطي.
متوقَّع خلال 5 سنوات أو أقل سنرى رئيساً مسلماً لإحدى الولايات
بعض المسؤولين يتخوفون من وجود جاليات مسلمة مكثفة بمناطق محددة، هل سنرى حاكماً مسلماً لإحدى الولايات؟
– من المتوقع –كما أشرنا- أن يكون هناك نائب مسلم لرئيس ولاية فرجينيا، وهو عضو في كونجرس الولاية، وفي مجلس نواب ولاية فرجينيا منذ 8 سنوات، وهناك مسلم آخر في ولاية مينيسوتا، وهو وزير العدل في الولاية، وهو ثالث منصب ذي أهمية في الولاية، وبالتالي هناك أسماء إسلامية تظهر في مراكز متقدمة في العمل السياسي بشتى الولايات، وأتوقع أنه خلال 5 سنوات أو أقل سنرى -بإذن الله- رئيساً مسلماً لإحدى الولايات الأمريكية.
لكن، لا نجد فيمن تم تعيينهم من المسلمين بالإدارة الأمريكية حساً إسلامياً واضحاً؟
– الوصول إلى المناصب في الولايات المتحدة يكون نتيجة جهد وعمل سنوات، فإذا نظرت إلى الوزراء في غالبيتهم العظمى، فهم إما كانوا من أعضاء الكونجرس وإما في مناصب نواب وزراء، ثم أصبحوا وزراء، فلا يصل إلى منصب وزير إلا من كانت لديه خبرة، والجالية المسلمة أكثر حداثة وحضورها جديد نسبياً، وبالتالي عندما تخرج أجيال من ذوي الخبرة في عدة مجالات فأنا أعتقد أنها من الممكن أن تنال مثل هذه المناصب، والآن نائب وزير الخارجية المساعد وهو من أهم 10 مناصب في وزارة الخارجية هو من المسلمين، والوزير المساعد لشؤون العلاقات الفلسطينية «الإسرائيلية» هادي عمر من أبناء الجالية المسلمة، وبالتالي هناك 3 مناصب للمسلمين في وزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الأمن القومي يوجد كريم شورى تم ترقيته إلى منصب وزير مساعد، وكذلك هناك مناصب في وزارة الدفاع الأمريكية يتولاها أبناء الجالية الإسلامية، كما أن مسؤولة العلاقات بين البيت الأبيض والكونجرس ريما دودين، وهي من أصول عربية، وعملت في مجلس الشيوخ لمدة 14 عاماً، وبالتالي لا يتولى منصب الوزارة إلا من لديه خبرة سابقة.
يوجد العديد من الجمعيات الإسلامية في أمريكا، وأنت كنت رئيساً لإحداها، فما مدى التعاون والتنسيق بينها؟
– أبرز المؤسسات الإسلامية في أمريكا هي مؤسسة «كير»، ولديها 36 مكتباً في الولايات الأمريكية، ومكتب رئيس في العاصمة واشنطن، وهي تهتم بموضوع حقوق الإنسان، وهناك مؤسسة «المجلس الامريكي للجمعيات الاسلامية» تعمل على تنظيم الجالية سياسياً، ولديها مكاتب متعددة في الولايات، وكذلك مؤسسة «إمباك» ومركزها الرئيس في لوس أنجلوس التي أسسها د. ماهر حتحوت، يرحمه الله، ولها مكتب في واشنطن، وهيئة عمل لتمثيل المسلمين في المجالات السياسية.
هذه هي المؤسسات الإسلامية الرئيسة، وهناك الكثير من المؤسسات المحلية؛ مثل اتحاد الجمعيات الإسلامية وسط أمريكا، الذي يضم 47 جمعية مسلمة، تنظم العمل الإسلامي في الولايات حسب المتطلبات؛ سواء كانت انتخابات محلية، أم انتخابات على مستوى الولايات.
ما أبرز القضايا الداخلية للمسلمين؟
– هذا يختلف من منطقة إلى أخرى، وجزء كبير من أبناء الجالية من رجال الأعمال، الذين تضرروا من جائحة «كورونا»، وهم يطالبون بالدعم الحكومي لتعويض خسائرهم من تلك الجائحة، مثلهم مثل باقي أصاحب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة الذين تضرروا، كذلك من ضمن القضايا المهمة للجالية التعليم، والجالية ليست موحدة في موضوع واحد، والجيل الجديد أكثر ليبرالية من القديم، وبالتالي مواضيع كالإجهاض والمثلية الجنسية غير معنيين بها، أما الجيل القديم فيقفون مع الجمهوريين في القضايا الاجتماعية، لذا كانت الجالية تقوم بالتصويت للجمهوريين بشكل أكبر من الديمقراطيين، إلى أن وقعت أحداث 11 سبتمبر.
اهتمام مسلمي أمريكا بقضية مسلمي الصين ومعاناتهم أكثر من اهتمام العرب بهم
وهناك هموم يشارك فيها مسلمو أمريكا المنطقة العربية والمناطق الأخرى بالعالم كقضية مسلمي ميانمار (الروهنجيا) والصين (الإيغور) وكشمير وفلسطين، فكل ذلك يشكل للمسلمين قضية كبرى، فقضية المسلمين في الصين لا يتم الحديث عنها في الدول العربية، بكل أسف، ولكنَّ مسلمي أمريكا يهتمون بها كثيراً؛ لأن الجالية ليست مقيدة؛ لذا هناك قضايا على المستويين الداخلي والخارجي تهتم بها الجالية المسلمة، غير أن المسلمين من أصول أفريقية غير معنيين بالقضايا الخارجية كثيراً، لكنهم منشغلون بالوضع الداخلي لهم، خصوصاً أنهم الأكثر فقراً، لذا يضعون ضمن أول اهتماماتهم إصلاح وضعهم الداخلي.
هناك أزمة هوية لمسلمي أمريكا؛ هل تتوافق مع هذا الرأي؟
– هذا صحيح، ولا أعتقد أن لديَّ حلاً لذلك، وأرى أن المسؤولية تقع على الأهل (الأسرة)، خاصة حينما يكونون غير متدينين، ويتركون الحبل على الغارب لأولادهم، وبالتالي يختلط الأولاد بالمجتمع؛ فيكتسبون الكثير من الأخلاق الفاسدة، خصوصاً موضوع المخدرات والموبقات، والتفسخ والانحلال الأخلاقي، وبذلك تضيع هويتهم الإسلامية، وهذا يحدث دائماً وفي كل المجتمعات، فجزء كبير من المسؤولية يقع على الأهل، وجزء منها يقع على الأولاد، خصوصاً الذين عندهم نوع من التمرد على تعليمات الأسرة، في المقابل؛ هناك الكثير من الشباب الأمريكي يحتك بالجالية المسلمة عن طريق العمل، ويتأثرون بأصدقائهم المسلمين، وفي أحيان كثيرة يدخل طلبة الجامعة الإسلام بسبب احتكاكهم بطلبة مسلمين متأثرين بأخلاقهم الإسلامية، ويقال: إن هناك خسارة للمسلمين بشكل مستمر من 10 إلى 20% سنوياً، لكن في المقابل يتم تعويض هؤلاء من خلال دخول الأمريكيين في الإسلام.
فالالتزام يبدأ من البيت، وإن لم يكن هناك التزام فيه يخرج الولد في الشارع ليس لديه ثقافة دينية إسلامية؛ وبالتالي يضيع في المجتمع الأمريكي.
في الغالب يرتاد المساجد والمراكز الأمريكية كبار السن، فهل تقيم هذه المؤسسات أنشطة لجذب الشباب، أم تُمنع من ذلك؟
– ليس هناك منع من الدولة، فالمسجد يستطيع القيام بأي نشاط ما دام قانونياً، وليس هناك أي تدخل من الدولة في هذا المجال، والمساجد يختلف نشاطها من مدينة إلى أخرى، فهناك مساجد لها نشاطات كبيرة مع الجالية حيث تقوم ببرامج اجتماعية ورياضية وتعليمية، وتقوم بمعسكرات صيفية وفي عطلة الربيع لجمع الشباب المسلم من الجنسين، والحفاظ عليهم من خلال الترابط الاجتماعي والتعليم الديني.
لكن في بعض المناطق تكون الجالية صغيرة وليس لديها الإمكانات المالية لتقوم بهذه الجهود؛ فالأمر يختلف من مكان إلى آخر، فأنا ولله الحمد أسكن بمنطقة توجد بها عدة مراكز إسلامية كبيرة، وهنالك نشاطات موجودة بشكل مستمر، وهناك دروس أسبوعية (السبت والأحد من كل أسبوع)، حيث يتم تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، حتى للطلبة الذين لا يتحدث أهلهم اللغة العربية، فهي بالنسبة للجالية المسلمة تعتبر أساسية، وكثير من المسلمين من ذوي الأصول غير العربية يحرصون على أن يتعلم أولادهم اللغة العربية كما يتعلمون الإسلام، وأبواب هذه المراكز مفتوحة لتعليم اللغة والعلوم الإسلامية، حتى لغير المسلمين.
هل يوجد بالمناهج الدراسية ما يشير إلى الإسلام؟ وكيف هي صورة الإسلام في تلك المناهج إن وجدت؟
– ليس هناك منهج أمريكي موحد؛ لأن كل ولاية لها منهجها الخاص بها، ويختلف تماماً من ولاية إلى أخرى، حتى في النواحي العلمية والتاريخية والجغرافية؛ فإعداد المناهج يعتمد على الولايات، فالولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون تعطي مناهجها صورة إيجابية عن الإسلام، أما ولايات الجمهوريين فقد تتجاهل تماماً الإسلام، وفي بعض الأحيان قد يكون هناك مناهج سلبية في حق الإسلام.
وبدورها تقدم الجمعيات الإسلامية احتجاجها، وفي كثير من الأحيان ينتهي بهم المطاف في المحاكم، إلا أن المنهاج والأسلوب التدريسي الأمريكي بشكل عام يستخدمان الموضوعية في التدريس، حيث يتم تدريس مبادئ الأديان كلها بما فيها الإسلام، وفي أمريكا يوجد فصل بين الدين والدولة، وبالتالي تدريس المسيحية يتم فيها كما يتم تدريس الإسلام، حيث يتم تدريس مبادئ المسيحية، باستثناء الولايات الجنوبية التي هي أكثر تديناً وتمسكاً بالديانة المسيحية، فقد يتم تدريس الديانة المسيحية بشكل أعمق وتفصيل أكثر.
كيف ينظر مسلمو أمريكا إلى القضايا الإسلامية؛ مثل فلسطين والإيغور وكشمير.. وغيرها؟
– يتم ذلك بشكل محدود؛ لأن جذور الجالية المسلمة مختلفة؛ فذوو الأصول الباكستانية يهتمون بقضية كشمير، وذوو الأصول العربية اهتماماتهم متباينة ومختلفة؛ فعلى سبيل المثال، العراقيون يهتمون بوضع السُّنة في العراق، والسوريون منقسمون بشكل عام؛ 90% منهم ضد «بشار الأسد»، وبالتالي الهمُّ الأول بالنسبة لهم هي سورية، وكذلك بقية الدول العربية، وهذا ينعكس أيضاً على الجالية الإسلامية كلها، قديماً كانت قضية فلسطين توحِّد الجالية المسلمة بأمريكا، والآن وبعد أن كثرت الهموم والقضايا في العالم الإسلامي؛ انعكس ذلك سلباً على القضية الأم وهي فلسطين، لدرجة أننا نرى بعض الأمريكيين غير العرب وغير المسلمين يعملون لصالح القضية الفلسطينية أكثر من المسلمين والعرب أنفسهم!
بالولايات المتحدة أعراق مختلفة، وكل عرق يحاول أن يظهر انتماءاته الدينية والثقافية، ولكننا لا نشاهد العرب والمسلمين يفعلون ذلك، ما تفسير ذلك؟
– لا أعتقد أن هذه الصورة دقيقة، حيث يوجد في مناطق عديدة من الولايات المتحدة نقاط لتدريس الإسلام واللغة العربية، وعلى سبيل المثال، في ولاية فرجينيا، وخصوصاً في بعض مقاطعاتها، يتم تدريس اللغة العربية بالمرحلة الثانوية، حسب الاتفاق بين الجالية وإدارة المقاطعة، فإذا طلب 20 طالباً في أي مدرسة تدريس اللغة العربية، فعلى الولاية توفير مدرس لتدريسها لهم، وبالتالي الموضوع يختلف من ولاية لأخرى، فنظام التعليم في أمريكا تتحكم فيه الولايات، كل ولاية على حدة.
هل توجد برامج تكافل بين المسلمين لرعاية الفقراء منهم؟
– نعم كل ذلك موجود، والجالية المسلمة لديها برامج رعاية اجتماعية، وكذلك لرعاية الأيتام، والمرأة التي فقدت عملها، أو الرجل الذي فقد عمله، ورعاية الأسر المحتاجة.
هل يوجد تواصل وتنسيق بين المراكز والمؤسسات الإسلامية المختلفة؟
– بشكل عام هناك تواصل، وهناك جمعيات تجمع الجالية المسلمة، وهناك جمعيات توحّد عمل المساجد، والأغلبية العظمى من المساجد هي جزء من اتحاد جمعيات المساجد، حيث توجد جمعيتان ينضوي تحتهما معظم المساجد، هما: اتحاد مسلمي أمريكا الشمالية، و«الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية Icna» مع العلم أن هناك مساجد لا تنضوي تحت هذه الجمعيات.
ما دور مسلمي أمريكا في الضغط على بعض السلطات التي تنتهك حقوق الإنسان؟
– الجالية العربية والمسلمة تمارس دوراً كبيراً في هذا الأمر، وعلى سبيل المثال الجالية المسلمة هي من رفعت قضية ضد «حفتر» لانتهاكه حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك تم رفع قضية ضد شركة «فاغنر» الروسية لدورها في قتل السوريين والليبيين، وبالتالي الجالية تعمل بشكل نشيط في هذا الموضوع، وكذلك يعمل المسلمون في أمريكا على وقف قتل مسلمي الإيغور في الصين، والروهنجيا في ميانمار، وطالب المسلمون أعضاء الكونجرس في اللجان المسؤولة وخاصة لجنة العلاقات الخارجية بالعمل على وقف انتهاكات حقوق الأقليات المسلمة في كثير من البلدان، والجالية تعمل عن قرب مع أعضاء مجلسي الشيوخ والكونجرس في هذا الموضوع.
(المصدر: مجلة المجتمع)