حول مقولة: «ما بعد الإسلام السياسي» (1)
بقلم أ. عبد القادر قلاتي
راجت في الفترة الأخيرة مقولة ردّدها الكثيرون؛ وهي ليست مقولة جديدة بل ظهرت منذ سنوات طويلة وخصوصاً في تسعينيات القرن الماضي، لكنها عادت بصورة أوضح وأكبر إلى دائرة الضوء مع الوصول الفعلي إلى السلطة في بعض الأقطار الإسلامية (تركيا، مصر، تونس، المغرب، أفغانستان)، والتطور الملحوظ في خطابها الفكري في قبول الآليات السياسية والاجتماعية التي أفرزها واقع الدولة الحديثة (الديمقراطية، والتعددية السياسية، والمجتمع المدني، والحريات العامة الفردية والجماعية…، وأخيراً الفصل بين الدعويّ والسياسيّ كما الشأن مع حركة النهضة التونسية)، في ظلّ ذلك عادت هذه المقولة إلى دائرة الجدل الفكري والايديولوجي، يردّدها كلّ من يحمل حقداً على الإسلام وتشريعاته ونظمه في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وهم قلّة أيديولوجية مريضة بالعداء لهذا الدين العظيم، كما يردّدها -أيضا- ويتبناها قلّة أخرى داخل التيار الإسلامي، ممن لم تعد تستهويهم فكرة الدولة الإسلامية التي روّجت لها أدبيات الحركات الإسلامية في مصر وشبه القارة الهندية، وخصوصا في كتابات سيّد قطب وعموم الكتابات الإخوانية، والجماعة الإسلامية في الهند وباكستان وخصوصاً عند أبي الأعلى المودودي.
هذه المقولة قاعدتها التنظيرية والفكرية، ما يكتبه بعض الكتبة الغربيين الذين اهتموا بالظاهرة الإسلامية وتخصصوا فيها، تنظيراً وتحليلاً أمثال: أوليفييه روا، فرانسوا بورغا، جيل كيبل، إلى جانب بعض الكتبة العرب أمثال: سعيد العشماوي، ورفعت السعيد، حيدر ابراهيم علي، وعبد المجيد الشرفي… وغيرهم
في عام 2017 قامت مؤسسة فريدريش أيبرت بعقد مؤتمر دولي في عمان بعنوان: «آفاق الإسلام السياسي في إقليم مضطرب: الإسلاميون وتحديات ما بعد الربيع العربي»، تناولت المداخلات تجربة الحركات الإسلامية في العمل السياسي، وجملة التحولات الفكرية التي طالت الإطار الفكري لهذا التيار، حيث أجمعت – المداخلات – على أنّ المرحلة القادمة ستشهد نهاية الإسلام السياسي، من خلال تجارب فاشلة بعينها أو حتى من خلال سرعة التطور في خطابه الفكري، فغياب الشعارات التي كان يعرف بها دليل قاطع على تسرب البراغماتية السياسية إلى خطابه السياسي، وهو ملحظ يعطي دلالة على فقدانه للخصوصية الفكرية التي كان يتسم بها منذ ظهوره في العالم الإسلامي.
يتبع
المصدر: صحيفة البصائر الالكترونية