بقلم عايض بن سعد الدوسري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يبدو أنَّ أشهر من وضع هذا التقسيم من العرب هو الدكتور عبدالوهاب المسيري، ثم تلقفه من جاء بعده ثم راج هذا التقسيم عند كثير من الإسلاميين الذين تلقفه كثير منهم بالقبول، وكان لترويج بعض الحركات الإسلامية السياسية الكبرى دور كبير في نشر كتب وأفكار عبدالوهاب المسيري.
يبدو لي أن هذا التقسيم من المسيري يهدف إلى تخفيف قبح العلمانية الحقيقية التي يسميها بالجزئية والتي يختارها هو ويتبناها، لتظهر العلمانية الشاملة منفردة بالوجه القبيح الكالح.
في الحقيقة هذا التقسيم من وجهة نظري خاطيء، فالإلحاد لم يكن في التاريخ إلا حالة شاذة ولم تنشأ له دولة إلا في زمن الاتحاد السوفييتي. أما بقية التاريخ، وأقصد هنا الغربي منه، فقسمة الناس والمجتمع إلى رجال دين ومجتمع كنسي ورجال دنيا ومجتمع دنيوي (علماني). وجميعهم يؤمن بالله ويؤمن بالدِّين، لكن الفرق أن الدنيويين ليسوا كهنوتيين ولا يرتبطون بالدين ارتباط رتبي كهنوتي، وهؤلاء هم نواة العلمانية، حيث كانت الكنيسة تطلق على من ليس ينتمي إليها بالعلماني=الديني، أي غير المرتبط كهنوتيًا بالكنيسة.
الإلحاد حالة شاذة خارج هذا التصنيف. وما يسمى بالعلمانية الجزئية هي العلمانية الحقيقية ذاتها، وتسميتها بذلك في مقابل صناعة علمانية شاملة=الإلحاد، تخفيف وتذويب لمفهوم العلمانية الأصلي وترويجه وتقريبه للناس.
ويجب أن ينتبه إلى خطورة بعض المفاهيم التي أدخلها المسيري في خطاب الإسلاميين، وكذلك إلى تلفيق بعض أطروحاته وضعف منهجيته العلمية في البحث والتأليف والاقتباس والتوثيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
(المصدر: موقع مداد)