مقالاتمقالات المنتدى

(حنين العابدين لأولی القبلتين)!

(حنين العابدين لأولی القبلتين)!

بقلم: أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)

إنّ للمسجد الأقصى المبارك مكانة عظيمة في نفوس جميع المسلمين ومنزلة رفيعة عالية في أفئدة كلّ العابدين وقد تميّز هذا المسجد المطهّر في أرض المحشر والمنشر بفضائل كثيرة ومكانة سامية تدلّ على رفيع منزلته وعظيم قدره علی مدار التّاريخ القديم منه والحديث! من ذلك أنّه كان محور معجزة الإسراء والمعراج فإليه انتهى الإسراء الشّريف ومنه قد بدأ المعراج المنيف إلی السّموات العلا وإلی سدرة المنتهی وفيه صَلّى نبيّنا الصّادق الأمين ﷺ إمامًا بجميع الأنبياء والمرسلين قال عزّ وجلّ في الذّكر الحكيم: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِن الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ قال الحافظ ابن كثير: (مِن المَسجد الحَرام وَهو مَسجد مَكّة إلى المَسجد الأقصى وَهو بَيت المَقدس الذي هوَ إيلياء مَعدن الأنبياءِ مِن لَدن إبراهيمَ الخَليل وَلهذا جُمعوا لهُ هُنالك كلّهم فَأمّهم في مَحلّتهم وَدارهم فَدلّ عَلى أنّه ﷺ الإمامُ الأعظَم وَالرّئيس المُقدّم)! إنّ المسجد الأقصی أيّها الإخوة الطّيّبون مبارك ما فيه ومبارك ما حوله وقد باركه اللّه تعالی لأنّه مقرّ الأنبياء عليهم السّلام ومهبط الوحي والملائكة الكرام ومنه يحشر النّاس في يوم القيامة.                               لا جرم أخي المسلم أنّ البركة في بيت المقدس وما حوله من جهتين:

الأولی: النّبوّة والشّرائع السّابقة والرّسل عليهم السّلام الذين كانوا في ذلك البلد وفي نواحيه .

الثّانية: النّعم ومنها الأنهار والأشجار والمياه والثّمار وَالأرض المقدّسة التي خصّ اللّه عزّ وجلّ بها ديار الشّام!إنّ من أهمّ فضائل المسجد الأقصی:

أنّه قبلة المسلمين الأولی! عن البراء بن عازب رضي اللّه عنه قال: (صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ﷺ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ)!

والمسجد الأقصی هو ثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة اللّه الواحد الأحد! عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه قال: سَأَلْتُ النّبيّ ﷺ عَن أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ؟ فَقالَ: {الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: {الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى} قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: {أَرْبَعُونَ عَامًا ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ}

الأقصى ثالث المساجد التي تشدّ إليها رحال العابدين قال النّبيّ ﷺ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى}

ومن خصائصه: أنّ من أتاه لا يريد إلّا الصّلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه! قال ﷺ: {لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُم} قالَ ﷺ: {أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ}! وسأل النّبيّ موسی ﷺ ربّه أن يدنيه منه فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه في قصّة إرسال ملك الموت لقبض روحه قال: {فَسَأَلَ اللّهَ أَن يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ} قال ﷺ: {فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحتَ الْكَثِيبِ الْأَحمَرِ}.

والأقصی أرض المحشر والمنشر.

والصّلاة فيه مضاعفة الأجر عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه أَنّه سأَلَ رسولَ اللّهِ ﷺ عَن الصّلاةِ في بيتِ المَقدسِ أفضلُ أوْ في مَسجدِ رَسولِ اللّهِ ﷺ؟ فَقالَ: {صَلاةٌ في مَسجدي هذا أفضلُ مِن أربعِ صَلواتٍ فيهِ وَلنعمَ المُصلّى هُو أَرضُ المَحشرِ وَالمَنشر وَلَيأتِينّ عَلى النّاسِ زَمانٌ وَلَقِيدُ سَوطِ أو قالَ: قَوسِ الرّجلِ حَيثُ يَرى مِنهُ بَيتَ المَقدسِ خَيرٌ لهُ أو أَحَبُّ إليهِ مِن الدّنيا جَميعًا} وقد جاء في حديث آخر: أنّ الصّلاة فيه بخمسمائة ركعة ممّا يجب التّأكيد عليه بهذا المقام أنّ أولی القبلتين ليست قضيّة جماعة ولا دولة ولا حركة إنّما هي قضيّة ملياري مسلم وأنّ التّفريط فيها تفريط في الحرمين الشّريفين وكلّ مساجد المسلمين ونطمئن المرابطين في الثّغر والمسلمين في كلّ قطر بأنّ المسجد سيبقی مسجدًا إلی يوم الدّين والحشر! ومن فضائل المسجد الأقصى والقدس وفلسطين.

أن الخلافة الإسلاميّة القادمة ستكون في بيت المقدس فبعد أن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية جملة من أحاديث الرّسول ﷺ في فضل بيت المقدس قال رحمه اللّه: “وقد دلّ الكتاب والسّنُة وما روي عن الأنبياء المتقدّمين عليهم السّلام مع ما علم بالحسّ والعقل وكشوفات العارفين: أنّ الخلق والأمر ابتدآ من مكة أمّ القرى فهي أمّ الخلق وفيها ابتدئت الرُسالة المحمّديّة التي طبّق نورها الأرض والتي جعلها اللّه تعالی قيامًا للنّاس: إليها يصلّون ويحجّون ويقوم بها ما شاء اللّه من مصالح دينهم ودنياهم فكان الإسلام في الزّمان الأوّل ظهوره بالحجاز أعظم ودلّت الدّلائل المذكورة على أنّ “ملك النّبوّة ” بالشّام والحشر إليها فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر وهناك يحشر الخلق والإسلام في آخر الزّمان يكون أظهر بالشّام وكما أنّ مكّة المكرّمة أفضل من بيت المقدس فأوّل الأمّة خير من آخرها.. وكما أنّه في آخر الزّمان يعود الأمر إلى الشّام كما أسري بالنبيّ ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فخيار أهل الأرض في آخر الزمان ألزمهم مهاجر إبراهيم عليه السّلام وهو بالشّام”!

إقرأ أيضا:ا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى