حماس تقود معركة جديدة لإنهاء حصار غزة
تسعى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى استثمار نتائج المعركة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل في إنهاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، لكن هذا الأمر لا يبدو يسيرا في ظل تعنت إسرائيل وإصرارها على ربط إعادة إعمار القطاع بعودة 4 أسرى تحتجزهم الحركة.
وتحتفظ “حماس” بـ4 إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي، في حين دخل الآخران القطاع في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
وأعلنت حماس انتصارها في المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل (بين 10 و22 مايو/أيار الماضي) والتي انتهت بوقف إطلاق نار يصفه المراقبون بـ”الهش”. ولا يستبعد المراقبون أيضا اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في ضوء استمرار التوتر.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، شنت إسرائيل غارات على مواقع تتبع لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس؛ ردا على إطلاق بالونات “حارقة” من القطاع. ورأت حماس في “الغارات” محاولة إسرائيلية لفرض قواعد اشتباك جديدة، تتمثل بمساواة “البالونات الحارقة” بـ”الصواريخ”، وهو ما حذرت من تداعياته.
كما أثارت تصريحات أطلقها رئيس حماس في غزة يحيى السنوار -أول أمس الاثنين عقب اجتماعه مع المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند- قلقا وسط المراقبين للشأن الفلسطيني، حيث وصف السنوار نتائج الاجتماع بـ”السيئة”، وحذر إسرائيل من مغبة مواصلة فرض الحصار على القطاع.
ويوم الأحد الماضي، كشف مصدر فلسطيني مطلع للأناضول أن قيادة “المقاومة الفلسطينية” قررت منح جهود عربية ودولية فرصة لـ”تحقيق إنجازات في موضوع الحصار المفروض على غزة، وإنهاء معاناة سكانها”.
سيناريوهات
وأجمع محللون سياسيون أن حماس عازمة على كسر الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ صيف عام 2007، وذلك بأساليب متعددة، حال فشل الوسطاء في تحقيق ذلك.
ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف اندلاع تصعيد عسكري جديد في حال فشل “الوسطاء” في التوصل إلى تسوية تقبلها الفصائل الفلسطينية، لكنه يرى أن “المعطيات الحالية في قطاع غزة تشير إلى أن المقاومة عازمة على تحقيق ما أرادت”.
وأضاف أن “المقاومة أعطت الوسطاء فرصة ليقوموا بدورهم، ولكن يبدو أنهم لم يفعلوا شيئا، وهو ما يجعلنا أمام سيناريوهات قد يكون أحدها التصعيد العسكري”.
وتعليقا على وصف رئيس حماس بغزة لقاءه مبعوث الأمم المتحدة بـ”السيئ”؛ قال الصواف “إن تصريحات السنوار تؤكد أن المبعوث الأممي جاء حاملا لشروط الاحتلال والتي تحاول ربط ملف إعمار غزة بملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة، لهذا أعتقد أن المبعوث الأممي خرج دون تحقيق أي تقدم”.
وتابع “الفصائل الفلسطينية ستختار الطرق الأنسب للرد على ابتزاز الاحتلال ومعادلة البالون كالصاروخ، وسترد على الغارات الإسرائيلية، ولن تقبل بفرض قواعد اشتباك جديدة”.
وبيّن أن “خيار العودة إلى الأدوات الخشنة في مواجهة الاحتلال -مثل البالونات الحارقة وغيرها- حاضر بقوة، وأي رد عسكري إسرائيلي على تلك الوسائل الشعبية، سيقابله رد من المقاومة”.
وقال “ما ستقوم به المقاومة في الأيام القادمة خطوة متقدمة، وستكون متدرجة، ويعلم الاحتلال أن بعدها سيكون أمرا مختلفا لو تمادى”.
الحصار
من جانبه، يقول المحلل السياسي هاني العقاد إن الموقف الإسرائيلي المتعنت حيال فك الحصار عن غزة “يجعل المقاومة في موقف صعب، يمكن أن يقودها إلى مواجهة عسكرية جديدة”.
وأضاف أن “الرسائل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال لم تتوقف منذ انتهاء العدوان الأخير، وتكاد تكون يومية باختلاف الأشكال التي تصل من خلالها”.
ولفت العقاد إلى أن “تلك الرسائل هي طبيعية بعد كل جولة قتال تدور، خاصة أن الاتفاق الذي جرى هو لوقف إطلاق نار متبادل، دون حسم لكثير من الملفات”.
وأشار إلى أن “انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار وقصفها لمواقع فلسطينية، وتغولها على الأهالي في الضفة والقدس واعتمادها معادلة البالون مثل الصاروخ، يزعج المقاومة أيضا ويغير الحسابات بالنسبة لها”.
واستطرد العقاد قائلا إن أغلب رسائل المقاومة جاءت على لسان رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، وهذا له دلالة على قوة ما تريد إيصاله لإسرائيل، ورسائل فصائل المقاومة وحركة حماس -حتى الآن- هي رسائل تكتيكية، يراد منها تهديد إسرائيل ومنعها من فرض معادلة جديدة، وفق تعبيره.
وتتفق أستاذة العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة عبير ثابت مع سابقيها في أن الأوضاع قد تتدهور إلى مواجهة مسلحة جديدة إنْ استمر التعنت الإسرائيلي.
وأضافت “قد نكون أمام مواجهة جديدة، حال استمر التعنت الإسرائيلي في تحقيق المطالب الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة، وفشل الوسطاء في تحقيق أي اختراق بهذا الخصوص”، ورأت أن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي يضعف موقف المقاومة.
وتابعت أن التكاتف الدولي من قِبل عدد من الأطراف لإجهاض أي جهد فلسطيني؛ أسهم أيضا في إفشال الاستثمار السياسي لما حدث خلال المعركة الأخيرة.
وأوضحت أن تغيير الحكومة الإسرائيلية والاضطراب الذي سبقها كان أيضا من بين الأسباب المهمة التي أضعفت الجهود السياسية المحلية والدولية الرامية لتحقيق معادلة الهدوء بين القطاع وإسرائيل.