حكومة مسلمي “بانجسامورو ” الانتقالية تؤدي اليمين أمام الرئيس الفلبيني
أدت حكومة “بانجسامورو” الانتقالية (BTA)، اليمين الدستورية، أمام الرئيس الفلبيني “رودريجو دوتيرتي” في احتفال تاريخي أقيم الجمعة في المقر الرئاسي بالعاصمة مانيلا، شهد أيضا تسليم النتائج الرسمية للاستفتاءين الشعبيين اللذين أجريا في مؤخرا في 21 يناير الماضي، وفي 6 فبراير الجاري، لإقامة حكم ذاتي جديد لمسلمي جنوب الفلبين بصلاحيات أوسع في “مينداناو” المسلمة، كما أدى السيد “مراد إبراهيم” رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية، اليمين كرئيس للوزراء في هذه الحكومة.
ويقول “د. عبدالهادي بوتوان غوماندر – مدير مركز بانجسامورو للإعلام الخارجي” إن الحكومة الانتقالية لبانجسامورو، من 105 عضوا، ينقسمون إلى 41 عضوا يمثلون “جبهة تحرير مورو الإسلامية”، و 39 عضوا يمثلون بقية الأحزاب والطوائف الأخرى، بالإضافة إلى 25 عضوا من أعضاء الحكم الذاتي الحالي في مينداناو والقائم منذ عام 1990، لكن هؤلاء الأعضاء الـ 25 يستمرون فقط حتى نهاية يونيو من هذا العام، على أن تواصل الحكومة الانتقالية عملها لمدة ثلاث سنوات أي إلى عام 2022 إذ ستجرى انتخابات تشريعية لانتخاب برلمان من 80 عضوا تنبث عنه حكومة تقود الكيان السياسي الجديد لبانجسامورو.
وأضاف بوتوان: أن الحكومة الانتقالية تتكون من ممثلين من جماعات مورو وغير مورو، ومن الشعوب الأصلية والأهلية، والنساء، والشباب، وحتى من المواطنين المسيحيين الذين جرى توطينهم خلال العقود الماضية من الشمال، يكوّنون كلا من السلطة التنفيذية “حكومة بانجسامورو” وتضم 15 وزارة و5 مكاتب فرعية، بالإضافة إلى السلطة التشريعية “برلمان بانجسامورو” الذي يضم 105 عضوا، خلال الفترة الانتقالية، إلى أن يتم انتخاب الأعضاء الدائمين والقادة الإقليميين الجدد في 30 يونيو 2022.
وأوضح أنه من المقرر أن يقام احتفال آخر في مقر الحكم الذاتي الجديد، في “كوتاباتو” بإقليم “مينداناو” المسلم في جنوب البلاد، الاثنين القادم 25 فبراير الجاري، لإعلان مراسم نقل السلطة من الحكم الذاتي القديم، إلى سلطة بانجسامورو الانتقالية، على أن يتم تسمية والي بانجسامورو، ومساعدي رئيس الوزراء، والوزراء وتعيين مدراء المكاتب الفرعية وغيرها سواء كانوا من أعضاء السلطة الإنتقالية أو من غيرهم، وأيضا تسمية رئيس للمحكمة العليا لبانجسامورو وقضاتها، بحيث هم من يمارسون السلطة القضائية.
ومن المقرر أن تبدأ حكومة “بانجسامورو” الانتقالية، خلال أيام، في في تسيير أمور الكيان الجديد، وتأتي على رأس أولوياتها إعادة إعمار مدينة “ماراوي” التي تعرضت لتدمير واسع خلال الحرب التي وقعت العام الماضي بين الجيش الفلبيني وتنظيم “داعش”، كما يعد التعليم والارتقاء به من أهم الأولويات، وإرساء الوعي بالإسلام الصحيح ومحاربة الفقر والأمية.
وخلال كلمته في حفل إعلان السلطة الانتقالية لبانجسامورو، قال الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي: إن الثروات الطبيعية والمعدنية في منطقة بانجسامورو، ملك للكيان السياسي الجديد، ونأمل أن يستثمروها جيدا في صالح شعبه، وأكد أن تحقيق السلام لم يكن سهلا لكن بتكاتف الجميع تم التوصل إلى هذه المرحلة.
وأعرب دوتيرتي عن أمله، في يحقق الكيان السياسي الجديد في الجنوب، تطلعات المواطنين، بعد معاناة عقود من الحرب، لتحقيق مستقبل أفضل، وأن تصبح منطقة الحكم الذاتي لبانجسامورو، مكانا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم، يتم فيها طي صفحة الذكريات المؤلمة من الحروب، وبناء نظام جديد لا يرتبط بالانتماءات العرقية أو الدينية، وإنما بالتطلع للتعايش السلمي بين كل مكونات الشعب الفلبيني.
من جانبه، قال حاج مراد إبراهيم رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية، والذي أدى اليمين كرئيس للوزراء في السلطة الانتقالية، في كلمة له خلال الحفل: إن شعب بانجسامورو يستحق حكومة تعمل على الارتقاء بمعيشتهم وتحقيق تطلعاتهم، والسلام الدائم في البلاد، وأضاف: ” حاربنا وضحينا وناضلنا من أجل حكومة تعكس نظامنا للحياة والحكم المناسب والمقبول في منطقة بانجسامورو”، موجها الشكر للرئيس “دوتيرتي” الذي كان له الدور الأكبر والشجاع في تحقيق هذا السلام.
ويأتي اليمين الذي أداه أعضاء سلطة بانجسامورو الانتقالية، كأولى خطوات الحكم الذاتي الجديد والأوسع لمسلمي مورو في جنوب الفلبين، بصلاحيات أكبر، حيث جرى في يوليو 2018، إقرار قانون بانجسامورو التأسيسي من قبل الكونجرس الفلبيني، وفي الشهر نفسه صدق عليه الرئيس “رودريجو دوتيرتي”.
وحسب الجدول الزمني للقانون تم إجراء الاستفتاء الشعبي مؤخرا على مرحلتين في 21 يناير الماضي و6 فبراير الجاري، وجاءت نتيجة التصويت بـ”نعم” لإقامة الكيان السياسي الجديد، ويضم الحكم الذاتي الجديد لبانجسامورو خمس محافظات هي: “ماجينداناو، ولاناو الجنوبية، وباسيلان، وسولو، وتاوي تاوي، وثلاثة مدن هي؛ كوتاباتو، وماراوي، ولاميتان، و63 قرية من ست بلديات لمحافظة كوتاباتو الشمالية، ويذكر أن عدد الناخبين المسجلين من مواطني المنطقة قرابة 3 ناخب، ونسبة الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاءين ووافقوا على القانون تجاوزت 90 في المائة.
ووفق القانون التأسيسي، ستُمنح “بانجسامورو” 75% من إيرادات المنطقة، والبقية للحكومة المركزية، مقارنة بنسبة 70% ممنوحة للحكم الذاتي الحالي، إضافة إلى تخصيص 5% من إيرادات الحكومة المركزية للحكم الذاتي الجديد من دون شروط مسبقة، وموازنة تنموية أخرى قيمتها خمسة مليارات بيسو فلبيني سنويا ولمدة عشر سنوات.
يستثنى من حقوق وصلاحيات الحكم الذاتي الجديد الجيش والشرطة، حيث ستظل المنظومة الأمنية والدفاعية من خصائص الحكومة المركزية، كما ستبقى موارد الطاقة المتجددة والطاقة الكهربائية المولدة مائيا تحت إدارة مشتركة مع الهيئات المركزية.
ويأتي هذا الواقع الجديد بعد سنوات من المواجهات المسلحة بين القوات الفلبينية، وجبهة تحرير مورو الإسلامية، تكللت في النهاية بتوقيع الاتفاق الإطاري حول بانجسامورو، الذي تم توقيعه بين الجبهة والحكومة الفلبينية في أكتوبر 2012، ثم تبعه الاتفاق الشامل في 27 مارس 2014، وهذه الاتفاقات تقضي بإقامة “كيان بانجسامورو السياسى” الجديد، على أنقاض “الحكم الذاتى” لإقليم منداناو القائم منذ عام 1990، وهو ما بدأت ثماره تتحقق على أرض الواقع.
يشار إلى أن المنطقة بها حاليا حكم ذاتي للمسلمين، لكنه بلا صلاحيات فعلية، فبحسب الاتفاق الذي تم من قبل، بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير مورو الوطنية، أقيم هذا الحكم الذاتي عام 1990، لكنه كان مقررا أن يكون على مساحة مينداناو البالغة 117 ألف كم، لكن تم تقليصها إلى نحو 30% فقط من هذه المساحة، وبلا أي صلاحيات حقيقية.
(المصدر: مجلة المجتمع)