بقلم د. وصفي عاشور أبو زيد
سألني كثير من الرجال والنساء حول معاملة شركة (My Way) (ماي واي) هل هي حلال أم حرام..
ويتلخص وصف واقع المعاملة في هذه الشركة على النحو الآتي:
يذهب الشخص ليسجل عضوية في الشركة ويدفع عشرة جنيهات، اشتراكا مستمرا دائما، والعشرة جنيهات مقطوعة مرة واحدة فقط. ثم تسلم الشركة للعضو (كتالوج) فيه أنواع البضاعة المختلفة، ويأخذ المشترك هذا الـ (كتالوج) ويسوق من خلاله البضاعة للناس، ويأخذ من الشركة خصم (25%) ليكون هذا الخصم مكسب العضو، يعني لو أن البضاعة بمائة جنيه يأخذها العضو بـ (75) ويبيعها بالمائة .. ومع بيع البضاعة تقوم الشركة باحتساب نقاط للعضو حسب نشاطه في المبيعات والقدر الذي يبيعه، وتكافئه الشركة بهدية إما أن تكون عينية أو مالية أو خصم يزيد عن الـ (25%) التي يأخذها في الأصل…
ثم هناك جانب آخر من المعاملة، وهو أن هذا العضو يمكنه أن يضم تحت (الكود) الخاص به أعضاء يتواصل هو مع الشركة لتسجلهم تحت كوده ويقوم العضو بتفهيم الأعضاء الذين هم تحت كوده بكل تفصيلات العمل، ويطلب لهم البضاعة التي يحتاجونها من الشركة ويقوم معهم بالمتابعة اللازمة، ونتيجة ذلك يتعامل الأعضاء الذين هم تحت العضو الأول الذي أصبح قائدا (LEADER) نفس معاملة العضو الأول بأخذ نسبة الـ 25% والهدايا التي تقدمها الشركة نتيجة النقاط التي يسجلها العضو كمقابل لمبيعاته النشيطة .. ومن ناحية أخرى فإن النقاط التي يسجلها الأعضاء تحت القائد إذا بلغت كلها حدا معينا حددته الشركة سلفا فإن للقائد مكافأة تدفعها الشركة له نظير إجمالي عدد النقاط التي بلغها جميع الأعضاء مع قائدهم، والمكافأة التي أخذها كل عضو إذا بلغ النقاط المحددة تُخصم من مكافأة القائد، وما يتبقى للقائد يأخذه، وكل هذا من الشركة.
على أن العضو الذي هو تحت القائد إذا أصبح قائدا وجلب أعضاء آخرين تحته، ينفصل عن قائده الأول ولا يكون له به علاقة، ويتعامل هو مع أعضائه، كما كان يتعامل قائده الأول معه ومع زملائه الأعضاء.
فما حكم هذه المعاملة، هل فيها ربا، وهل ينطبق عليها حكم التسويق الشبكي؟.
***************
الجواب: إذا كان وصف المعاملة كما قال السائل فنقول وبالله التوفيق:
أولا: يشترط في البضائع أن تكون حلالا، وألا يكون فيها ضرر لأحد، فالمحرمات يحرم بيعها وشراؤها، والضرر مرفوع ولابد من إزالته في الشريعة الإسلامية (لا ضرر ولا ضرار).
ثانيا: تسجيل العضوية ودفع عشرة جنيهات على سبيل الاشتراك، أو أخذ حق الوكالة، وإعطاء العضو (كتالوج) الشركة، أمر لا شبهة فيه، وهو مبلغ زهيد واشتراك مقطوع ليس فيه أي معنى للغرر أو القمار، ولا أي نوع من أنواع المعاملات غير المشروعة.
ثالثا: الخصم الذي يتقاضاه العضو على البضاعة خصم مشروع ومال حلال، وهو بيع، والله تعالى أحله ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وهذه المعاملة أيضا من باب الوكالة شرعا؛ فالشركات والمصانع تنتج البضائع، وتأخذها المحلات التجارية بأسعار الجملة، ثم تبيعها بأسعار زائدة مع مراعاة عدم الزيادة الفاحشة وعدم الاحتكار واستغلال حاجات الناس؛ لأن هذا ضرر، والضرر يُزال.
رابعا: الهدايا التي تدفعها الشركة من تلقاء نفسها كتشجيع للمسوقين بحسبانها عدد النقاط التي تسجلها للمسوق نظير نشاطه وبيعه الجيد، أمر لا بأس به، ولا شيء فيه، بل هو من باب ترويج البضائع ورواج المال والتجارة، وهذا من مقاصد الأموال في الشريعة الإسلامية.
خامسًا: حينما يصبح العضو قائدا وتحته أعضاء يقوم بتسجيلها في الشركة تحت (الكود) الخاص به، ويعلمهم طرق البيع، ويتابع معهم، وينسق بينهم وبين الشركة في مقابل أخذه مبلغا محددا تدفعه الشركة إذا بلغت نقاطُ جميع الأعضاء مبلغا تحدده الشركة وهو معلوم لدى القائد والأعضاء .. الخ .. هذه الصورة لا بأس بها، وهي من باب السمسرة شرعا، ويشترط فيها أن تكون البضاعة حاضرة وموجودة بالفعل، ولا تتحول المعاملة للتسويق الشبكي الهرمي الذي يتقاضى فيه القائد مالا عن كل من هم تحته مهما نزلوا دون أن يبذل أي جهد يذكر، وهما متحققان؛ إذ العضو حين يصبح قائدا ينفصل عن قائده، فتنتفي صورة الهرمية أو الشبكية؛ أما التسويق الشبكي فهو الذي لا يكون المنتج فيه مقصودًا للمسوقين، إنما المقصود الأول والدافع المباشر في التسويق الشبكي هو الدخل الذي يحصل عليه المشترك من خلال هذا النظام، ومعلوم أن العقود تُبنى على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن التسويق في هذا الأسلوب انقلب إلى غاية للمنتجين والعملاء، بدل أن يكون وسيلة لبيع المنتجات، وبهذا أصبح التسويق مخدومًا بعد أن كان خادمًا، وأن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العملات وليس المنتج.
سادسًا: أنبه الأعضاء أن يكونوا صادقين وأمناء مع المستهلكين؛ فلا يصفوا البضاعة بصفات كاذبة، أو يخلعوا عليها صفات ليست موجودة فيها، وكذلك القادة الذي يجلبون أعضاء تحت (أكوادهم) ينبغي أن يكونوا مع الأعضاء أمناء صادقين، وقد روى البخاري بسنده عن حكيم بن حزام قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا، أو قال: حتى يتفرَّقَا، فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيَعْهِمَا). قال القسطلاني في شرح الحديث: («فإنْ صَدقَا»، أي: صدَقَ كلُّ واحد منهما فيما يتعلَّقُ به مِنَ الثَّمَنِ ووصْفِ الْمَبيعِ ونحو ذلك، و«بيَّنا» ما يُحتاجُ إلى بيانِه مِن عيبٍ ونحوِه في السِّلعةِ والثَّمَنِ، «بُورك لهما في بيعِهما»، أي: كثُرَ نفْعُ الْمَبيعِ والثَّمَنِ، «وإنْ كَتَما»، أي: كَتمَ البائعُ عَيبَ السِّلعةِ والمشتري عَيبَ الثَّمَنِ، «وكذَبَا» في وصْفِ السِّلعةِ والثَّمنِ، «مُحِقَتْ بركةُ بيعِهما»، أي: أُذْهبَتْ زِيادتُه ونماؤُه). ا.هـ. [إرشاد الساري: 4/24. المطبعة الأميرية الكبرى. مصر. الطبعة السابعة. 1323هـ].
*****
بناء على هذا كله، واستنادا إلى ما جاء في وصف الحالة كما وصفها السائلون، واعتبارًا بالأصول والضوابط التي ذُكرتْ؛ فإن المعاملة مشروعة لا بأس بها، وليس فيها ربا، ولا تدخل ضمن التسويق الشبكي، ولا أي نوع من أنواع المعاملة المحرمة، والله تعالى أعلم.
كتبه/
د. وصفي عاشور أبو زيد
أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية
الأحد 29 رجب 1439هـ الموافق 15 أبريل 2018م.
(المصدر: صفحة د. وصفي أبو زيد)