حقيقة خطف الأطفال في السويد
بقلم د. محمد الصغير (خاص بالمنتدى)
مسلمون في أحد المساجد بالسويد
نظام “السوسيال” أي التكافل الاجتماعي من مظاهر حقوق الإنسان في أوربا، وتقوم عليه مؤسسة خاصة بالرعاية الاجتماعية تحمل هذا الاسم، ويقدم السوسيال المساعدات للعاطلين عن العمل، ويساعدهم في الحصول عليه، ويدعم صاحب الدخل القليل بما يكفل له الضرورات، ولكن هذا يعطيه الحق قانونا في التدخل في شؤون هذه الأسر، ومن ذلك سحب أولادهم منهم إذا ثبت عليهم العنف الأسري، أو سوء معاملة الأطفال، وتطور الأمر في الآونة الأخيرة وتحول الأمر إلى ظاهرة في السويد تحديدا، حيث انتشرت مقاطع مصورة لبعض الأسر في حالة انهيار، جراء سحب أولادهم منهم لأتفه الأسباب، بل قد تكون المشكلة عند أحد الأبناء فإذا بالسوسيال يسحب باقي إخوته حتى الرضيع منهم!
لا ننكر أن ثمة تجاوزات تربوية وأخطاء في التعامل تقع من بعض الأسر، لكن هل يكون العقاب بحرمان الطفل من والديه، وحرمان الأسرة من أولادها وتسليمهم لأسرة بديلة؟ لماذا لا يكون العقاب شخصيا لمن أخطأ من الوالدين، أو يلزم بحضور دورات تربوية وإرشادية تقوّم الخلل، بدلا من الصور المؤسفة التي تظهر من نجى بنفسه من بطش الطواغيت والأنظمة المستبدة وقد وقع في ظلم جديد، واستبداد باسم القانون!
المسلمون لماذا؟
لست مع من يرى أن الحملة في السويد موجهة ضد الإسلام، لأن سيف السوسيال مشهر في وجه الجميع، لكن السواد الأعظم من المضارين منه من المسلمين وذلك لسببين:
الأول: أن غالبية المهاجرين واللاجئين من المسلمين.
الثاني: أن توسع السوسيال في المحظورات والمخالفات التي يسحب من خلالها الأطفال، تصطدم مع قواعد شرعية ثابتة وأحكام إسلامية مستقرة، فهم يعتبرون حديث الوالدين إلى البنت في أهمية الاحتشام والترغيب في الحجاب من القهر الأسري، ومما يشيب لهوله الجنين، أنهم يصنفون تحذير الأسرة لأولادها من الزنا والخنا والعلاقات المحرمة جريمة شرف، معتبرين أن ما يندرج تحت مصطلح الشرف في الثقافة الإسلامية هو عدوان على الحرية الشخصية!!
ومما عقد المشهد وزاد الصورة عتمة وقتاما ما صدر عن هيئة الأئمة في السويد -وهو الذي حملني على الكتابة في هذا الموضوع اليوم- حيث أصدروا بيانا يثبت تجاوز السوسيال أحيانا، مع إلقاء اللائمة على الأسر معللين هذا بالتوازن في العرض، ويرون أن تناول الإعلام للحالة من خارج أوروبا يسهم في التعقيد ولا يساعد على الحل!
وأقول لأصحاب الفضيلة:
شهادتكم مجروحة، وكلمتكم منقوصة، ولولا تصاعد دخان الأزمة ما علم من هم بخارج أوربا بالنار المستعرة على الأسر المكلومة، وما ترونه توازنا في التعامل مع القضية، نراه خذلانا للضحية.
ذوبان الدعاة مع الواقع:
أعرف قطاعا بدأت تتسع دائرته من الدعاة في الغرب، تماهى مع الواقع لدرجة الذوبان، وصرعته الثقافة الغالبة كما جاء في كتاب الأستاذ إبراهيم السكران، وداخل هذا القطاع قلة ترى الحفاظ على الإقامة عند بني الأصفر، والحصول على الجواز الأحمر أولى مما سواهما، وكنت أرى بوادر ذلك إبان إقامتي في ألمانيا عام 2000، وكتبت هذا في مذكرات يومية، ولما عدت للتقليب في الدفاتر القديمة، وجدت أن من الفتاوى التي كان يتردد صداها وقتئذ، أنه يجب على المسلمين أن يوفروا لأولادهم المدارس والمحاضن التي تعلمهم العقيدة واللغة وتحافظ على الهوية، وإلا وجب عليهم التحول إلى غيرها، وإن فشلوا في ذلك فقد ارتكبوا أكبر الآثام، لقول النبيﷺ: “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول” فكيف الحال الآن والضياع أصبح للابن ولدينه في ضربة واحدة، لأن الطفل سينشأ على دين الأسرة التي يعيش بينها، إن كانوا ممن يؤمنون بالأديان أصلا…
لذا يجب على المضطهدين من السوسيال والمضارين من تسلطه أن يستخدموا كل الوسائل القانونية والإعلامية لاسترداد أولادهم، ويتكاتفوا لتصعيد الأمر إلى المحكمة الأوربية، فالمسلم مطالب في أول الواجبات ومقدمة الكليات بالحفاظ على دينه ودين أولاده، وتركُهم لأسرة بديلة إلقاء بهم إلى التهلكة، وإن عجزوا عن ذلك فأرض الله واسعة، والهجرة من السويد واجبة، ما دامت تصر على أن تقايض من لجأ إليها حريته بذريته، ولا نرغب في مسايرة نظرية المؤامرة التي تقول إن السويد تريد تعويض نقص النسل والعزوف عن الإنجاب، بأخذ أولاد المهاجرين مبكرا حتى ينشؤوا نشأة سويدية خالصة، بهوية أوربية مبكرة.