بحث وإصدار فقهي جديد لفضيلة الشيخ أ.د.عبد العزيز بن فوزان بن الفوزان أستاذ الفقه في المعهد العالي للقضاء وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، والمشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام.
والإصدار يقع في (88) صفحة وموضوعه “حقوق المرأة في الأنظمة السعودية.. رؤية شرعية”
وقد بدأ فضيلته في بحثه هذا بمقدمة “تضمنت الأنظمة السعودية المستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء مبيناً أن هذه الحقوق لا تكاد تجدها في أي نظام وضعي وهي حقوق قائمة على العدل والرحمة والحكمة والمصلحة، وضمان التكامل الإيجابي والتعاون البناء بين الرجل والمرأة، ومراعاة قدرات كل منهما وإمكانياته والتجاوب مع حاجاته وتطلعاته، والمؤسف أن كثيراً من المسلمين يظن أن حقوق الإنسان مصطلح غربي دخيل على المسلمين، ولا أساس له في الإسلام، وبخاصة أن قضايا حقوق الإنسان أصبحت مسيسة خاضعة لمصالح بعض القوى الغربية، وبعض الثقافات والنظريات الجاهلية، ووسيلة للضغط على المسلمين وابتزازهم.
و تابع فضيلته قائلاً: يظن كثيراً من الغربيين أنهم هم الرواد في مجال الحقوق الإنسانية والمطالبة بحفظها، وأن المسلمين لا يعرفون هذه الحقوق ولا يحترمونها! و يجهلون أو يتجاهلون أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت بكل أحكامها وتشريعاتها لأجل حفظ مصالح الإنسان وحقوقه وخاصة حقوق المرأة وأن حقوقها لم تحفظ في أي قانون وضعي كما حفظت في الشريعة الإسلامية الغراء!!
وبيَّن فضيلته: أن بعض الممارسات في البلاد الإسلامية سواء كانت على مستوى الفرد أم على مستوى الحكومات لبعض الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المشروعة جعل كثيراً من غير المسلمين في الغرب والشرق يظنون بالإسلام ظن السوء، ويعتقدون أن تعاليمه هي التي تكرس هذه الممارسات الخاطئة والانتهاكات الظالمة.
و قد تضمن بحثه حفظه الله على مقدمة وفصلين وخاتمة، وذلك على النحو التالي:
الفصل الأول: حقوق المرأة بين الأنظمة السعودية والشريعة الإسلامية.
الفصل الثاني: تبين حقوق المرأة في الأنظمة السعودية
الخاتمة: وفد ضمنها ملخصاً للبحث وجملة من التوصيات المهمة في هذا الباب.
وقال فضيلته: أجمع العلماء قاطبة على أن المقصد الكلي للشريعة الإسلامية هو تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد ، فما من حكم شرعه الله أمراً كان أو نهياً إلاَّ وهو جالب لمصلحةٍ، أو دارئ لمفسدة، أو جالب ودارئ في آن واحد.
وتابع: وإذا كان العالم المعاصر يتغنى بحقوق الإنسان ،وحفظ مصالحه، وقد يُخيَّل لكثير من الناس : أن هذا من مبتدعات العصر ومحاسنه، والله تعالى قد أخبرنا بأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل إسعاد الإنسان وحفظ مصالحه وحماية حقوقه المشروعة كما قال تعالى:{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ …}
فبين أن الغاية من إرسال الرسل، وإنزال الكتب هو إقامة القسط والعدل بين الناس والعدل هو إعطاء كلَّ ذي حقًّ حقَّه، ووضع الشيء في موضعه وبهذا يسعد الناسُ وتحفظ حقوقهم ومصالحهم.
وأضاف فضيلته: ولقد قررت الشريعة مبدأ لكرامة الإنسانية، لكل الناس على اختلاف أجناسهم وأعراقهم، وألوانهم، ولغاتهم ،وأديانهم ،وبلدانهم، أننا عندما نتكلم عن تكريم الإسلام للإنسان نكون قد تجاوزنا مسألة حفظ حقوق الإنسان، وتحريم ظلمه وانتهاك حقوقه، فهذه من مسلمات الشريعة وأبجدياتها ،وهذا الحق مضمون حتى للبهائم والحيوانات وليس أدل على ذلك من أن تدخل النار امرأة في هرَّةٍ حبستها حتى ماتت … وفي المقابل يغفر الله لزانية ويدخلها الجنة بكلبٍ سقته كاد يقتله العطش.
وتابع فضيلة الشيخ أن حقوق الإنسان في الإسلام قطعية ثابتة لا تقبل التغير ولا تبديل أو الإلغاء والتعطيل، فهي من ثوابت الشريعة، ومسلمات الدين ومصدرها من الله الذي لا يظلم أحداً.
وشمل البحث في فصله الثاني:
بيان حقوق المرأة في الأنظمة السعودية
وفيه تمهيد و عشرة مباحث:
المبحث الأول: نظام المرافعات الشرعية.
المبحث الثاني: نظام الإجراءات الجوائية.
المبحث الثالث: نظام التقاعد المدني.
المبحث الرابع: نظام التأمينات الاجتماعية.
المبحث الخامس: نظام الخدمة المدينة.
المبحث السادس: نظام العمل والعمَّال.
المبحث السابع: نظام الجنسية العربية السعودية.
المبحث الثامن: نظام الضمان الاجتماعي.
المبحث التاسع: نظام الأحوال المدنية.
المبحث العاشر: حقوق أُخرى كفلتها الأنظمة السعودية للمرأة.
وتناول فضيلته: أن حقوق الإنسان في الأصل شاملة للرجال والنساء إلاَّ ما اختص به أحد الجنسين مما يوافق طبيعته، ويتناسب مع قدراته وحاجاته الخاصة التي لا توجد لدى الجنس الآخر وهذا هو مقتضى الحكمة والمصلحة والعدل والرحمة، فكما أنه لايجوز التفريق بين المتماثلين، فإنه لا يجوز التسوية بين المختلفين، فإن التسوية بينهما في هذه الحالة يعد تعسُّفاً وظلماً.
مستشهداً في العديد من الآيات في هذا المعنى مبيناً ومفصلاً المراد الشرعي منها.
حيث ركز فضيلته في بحثه هذا حول حقول المرأة في الأنظمة السعودية وأوردها على تسعة أنظمة تبين فيها الحقوق الخاصة بالمرأة السعودية وهي كالتالي:
نظام المرافعات الشرعية
نظام الإجراءات الجزائية
نظام التقاعد المدني
نظام التأمينات الاجتماعية
نظام الخدمة المدينة
نظام العمل والعمَّال
نظام الجنسية العربية السعودية
نظام الضمان الاجتماعي
نظام الأحوال المدنية
ونقل فضيلته جميع المواد الخاصة بحقوق المرأة في هذه الأنظمة مع التعليق عليها لتوضيح ما يحتاج منها إلى توضيح وبيان أثرها في حفظ حقوق المرأة مع إضافة ما يدعمها من القرارات واللوائح التنفيذية بحسب ما يقتضيه المقام.
واختتم فضيلته هذا البحث بعدة توصيات:
أولاً: ضرورة تكثيف حملات التوعية والتثقيف بحقوق المرأة من خلال المساجد والجوامع والمدارس والجامعات، ووسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، وإقامة المؤتمرات والملتقيات والندوات والمحاضرات.
ثانياً: إلزام المؤسسات والشركات والمدارس والجامعات الحكومية والأهلية التي تتعامل معها النساء، أو تعمل فيها بإعلان المواد المتضمنة لحقوق المرأة في الأنظمة السعودية، وإبرازها مكتوبة في الأماكن المناسبة.
ثالثاً: وضع الخطط التنفيذية المناسبة، لهذه الأنظمة الرائعة وترجمتها إلى واقع عملي ملموس، وضع الآليات والوسائل المناسبة لتمكين المرأة من حقوقها، وتسهيل الإجراءات والاشتراطات الخاصة بذلك، وتيسير تواصلها مع الجهات التي تمكنها من حقوقها، وتحفظ مصالحها، ونشر المحاضن والمراكز والجمعيات المتخصصة التي تُعنى بحقوق المرأة وحفظ مصالحها، وحمايتها من أيِّ واعتداءٍ واقع أو متوقع.
رابعاً: ضرورة إصدار وثيقة وطنية شاملة لجميع حقوق المرأة وواجباتها، أي: مالها وما عليها، في ضوء الشريعة الإسلامية والأنظمة السعودية المستمدة منها، حيث ستكون الوثيقة وسيلة فعَّالة في توعية المرأة والمجتمع بحقوق المرأة وواجباتها، وتعزيز الثقافة الحقوقية المتعلقة بالمرأة كما ستكون مرجعاً مهماً يحتج به، ويعرف بموقف المملكة تجاه القضايا الخاصة بالمرأة وحقوقها، ويقوي موقف الدولة في تحفظاتها على الصكوك والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة.
خامساً: وضع مذكرات تفسيرية للتحفظات السعودية على المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة وواجبتها، يبين فيها سبب التحفظ ومستنده الشرعي، وشرح حكمته ومقصده بطريقة عقلية مقنعة، مع التأكيد على أنَّ القضايا المحسومة شرعاً لا مجالَ لمناقشتها والمساومة عليها، مهما واجهنا من ضغوط وانتقادات، فالأحكام القطعية المجمع عليها تعدُّ من الثوابت الشرعية التي لا تقبل تغيراً ولا تبديلاً، ولا تحريفاً، ولا تعطيلاً، وليس لنا الخيار إلا تطبيقها والالتزام بها، لأننا مسلمون والله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب 36
ويقول سبحانه { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} الجاثية 18 ويقول سبحانه { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة 49- 50
والحمد لله التي بنعمته تتم الصالحات
المصدر: الملتقى الفقهي.