حقوق الانسان في الحضارة الغربية
بقلم محمد عفيفي
تُعجبني خطابات الفرنجة الداعية للتسامح وقبول الآخر والتعايش السلمي ونبذ العنف واحترام الإنسان وحماية حقوقه، وأشـهدُ أن للقوم كلماتٍ منمقة وأفكارًا مرتبة تُثير إعجابي، وزاد إعجابي حين علمتُ أن هذه المواضيع فرضوها علينا في تطوير المناهج الدراسية في بلادنا المسلمة، هذا الإعجاب دفعني للبحث عن صور التسامح والتعايش وقبول الآخر في الحضارة الغربية، فرأيتُ ما يلي:
1 – منذ بداية القرن المنصرم نادى الأديب الشهير” كبلنج Kipling “ (1865-1963م ) ، الحاصل على جائزة نوبل عام 1907م ، بأن « الشرقُ شرقٌ، والغربُ غربٌ ولن يلتقيا».. إذن الأديب الحاصل على جائزة نوبل يقول: ولن يلتقيا!!
2 – يقولُ المطرانُ لاس كازاس في كتابِه “المسيحيةُ والسيف“:
“كانتِ الحملةُ تصلُ إلى المدن والقرى الهندية بعد منتصف الليل، وتُعلنُ باللغة الإسبانية التي لا يفهمُها أحدٌ: {يا سكانَ القريةِ إننا نُعلمكم بوجودِ إلهٍ، ووجودِ “بابا”، ووجود ملكِ قشتالةَ سيدِ هذه الأراضي، فاخرجوا وأعلنوا الطاعةَ، وإلا فإننا سنحاربُكم ونقتلُكم، وكان يَنبلجُ الفجرُ عن حمامِ دمٍ … كانوا يَنصبون المشانقَ في مجموعاتٍ، كلُّ مجموعةٍ ثلاثة عشر مشنوقًا، من أجلِ تَكريمِ وتَبجيلِ السيدِ المسيح وحواريه الاثني عشر!! … كانوا يَتفننونَ ويُبدعونَ ويَتسلَّونَ بعذابِ البشرِ وقتلِهم، كانوا يَجرونَ الرَّضيعَ من بين يدي أمِّه ويُلوحونَ به في الهواءِ، ثم يَخبطون رأسَه على الصخرِ أو بجذوعِ الشّجرِ، وإذا جاعتْ كلابُهم قطعوا لها أطرافَ أولِ طفلٍ هنديٍ يلقونَه، ورمَوه إلى أشداقِها، ثم اتبعُوها بباقي الجسد{..
3 – حين استولتْ روسيا على شبه جزيرة القرم ارتكبتْ أبشعَ المذابح ضد السكان الآمنين، إلى درجة أن الجثثَ لم تجد من يدفنُها، وانتشرت الأوبئة التي أودت بحياة القتلة الروس أنفسهم.
كانت عاصمة شبه جزيرة القرم «آق مسجد» أي «المسجد الأبيض» بلغة تتار القرم قبل أن يستولي عليها الروس ويغيروها إلى “سيمفروبول“
إلا أن أبشع المذابح وقعت عام 1771م، عندما طبَّقتْ الجيوشُ الروسية المعتدية شعارَ ” يجب محو التتار من هذه الأرض” وقُتل في تلك المذابح أكثر من 350 ألف تتري، واضُّطر نحو مليون وعشرين ألفا منهم للفرار إلى تركيا، وقامت روسيا بتهجير الباقي إلى داخل المناطق الخاضعة لها، وأُحرقت الوثائقُ التي كانت تُعد ذخيرة علمية لا تقدر بثمن، وكانت بمثابة رمز تاريخي للشعب التتري.
وفي ديسمبر 1917 م وإثر الثورة الشيوعية في موسكو أعلن تتار القرم عن قيام جمهوريتهم المستقلة برئاسة “نعمان حجي خان”، إلا أن الشيوعيين سرعان ما أسقطوا الحكومة، وأعدموا رئيس الجمهورية وألقوا بجثته في البحر.
هبط عدد التتار من تسعة ملايين نسمة تقريبا عام 1883م إلى نحو 850 ألف نسمة عام 1941م وذلك بسبب سياسات التهجير والقتل والطرد التي اتبعتها الحكومات الروسية سواءً على عهود القياصرة أو خلفائهم البلاشفة.
4 – “صموئيل هنتنغتون Samuel P. Hantington” في كتابه” صراع الحضارات “الذي نادى فيه بمقولة أن مستقبل الأمم يتحدد من خلال ما يدور بين الحضارات من صراعات دينية وثقافية، نظراً لتواجد حضارات متعددة في العالم، ويقول محرضًا:
“المشكلة المهمة بالنسبة للغرب ليست الأصولية الإسلامية، بل الإسلام، فهو حضارة مختلفة، شعبها مقتنع بتفوق ثقافته وهاجسه ضآلة قوته. والمشكلة المهمة بالنسبة للإسلام ليست المخابرات المركزية الأمريكية ولا وزارة الدفاع، المشكلة هي الغرب، حضارة مختلفة شعبها مقتنع بعالمية ثقافته ويعتقد أن قوته المتفوقة إذا كانت متدهورة، فإنها تفرض عليه التزاماً بنشر هذه الثقافة في العالم. هذه هي المكونات الأساسية التي تغذي الصراع بين الإسلام والغرب“
5 – يقول أيوجين روستو رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية: “يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية”
6 – نشـرَ الكاتبُ الفرنسي الشهير “ايتين لامي” مقالًا تحت عنوان “الخطة المُثلى لهدم الإسـلام” قال فيه: “إن مقاومةَ الإســلام بالقوةِ لا تُزيده إلا انتشارًا، فالطريقةُ الفعالةُ لهدمه وتقويضِ بنيانِه هي تربيةُ بَنيِه في المدارس المسيحية، وإلقاءُ بذورِ الشكِّ في نفوسِهم منذ الطفولةِ، فتفسـدَ عقائدُهم الإسلامية من حيث لا يشعرون، وإن لم يتنصرْ أحدٌ منهم فإنهم يَصيرون لا مسلمين ولا مسيحيين، وأمثال هؤلاء يكونون بلا شكٍّ أضرَّ على الإسلام مما إذا اعتنقوا المسيحيةَ وتظاهروا بها”
هذا غيضٌ من فيض مما تنضحُ به أقلام القوم، في وقتٍ يُفرضُ علينا وحدنا أن نناقشَ التعايش السلمي ونبذ العنف وقبول الآخر وحقوق الإنسان..
(المصدر: موقع البوصلة)