إعداد د. زياد الشامي
رغم الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود للكيان الصهيوني سياسيا وماديا ومعنويا , ورغم الإغراءات التي تقدمها حكومات الاحتلال المتعاقبة لتشجيع يهود العالم وحثهم على الهجرة إلى الكيان المصطنع في قلب الدول العربية….إلا أن الحقائق الموثقة بالأرقام تؤكد وجود هجرة عكسية من داخل الكيان الصهيوني إلى خارجه مقابل هجرة لداخل الكيان ضيئلة ومحدودة .
آخر تلك الإحصائيات والأرقام ذكرته منظمة صهيونية معنيّة بتشجيع الهجرة إلى داخل الكيان تقول : إنه في مقابل 233 مهاجراً جديداً وصلوا إلى دولة الاحتلال “الإسرائيلي” أمس الثلاثاء هناك هجرة عكسية بلغت عام 2015 نحو 16700، غادروا الكيان للإقامة خارجه فترات طويلة لم يعد منهم سوى 8500 حسب الصحافة العبرية .
منظمة “نفيش بنفيش” التي تشجّع هجرة يهود العالم إلى “إسرائيل” والتي تأسست عام 2002 بالتعاون مع وزارة الهجرة “الإسرائيلية” والوكالة اليهودية ومنظمات يهودية في “إسرائيل” والعالم قالت في تصريح مكتوب : إن “233” مهاجراً من الولايات المتحدة الأمريكية وصلوا إلى “إسرائيل” على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية “الإسرائيلية”…. مضيفة أن من بين المهاجرين “تاليا فريدمان” (23 عاماً) وهي ابنة السفير الأمريكي في “إسرائيل” دافيد فريدمان .
هذا العدد من المهاجرين إلى الكيان الصهيوني رغم صغره تم استقباله في تل أبيب استقبالا حافلا وشبه رسمي من قبل النائب في حزب “هناك مستقبل” المعارض “يائير لابيد” ورئيس البلدية “الإسرائيلية” في القدس “نير بركات” و رئيس الوكالة اليهودية “ناتان شرانسكي” ومسؤولين آخرين ……في محاولة لتضخيم الحدث من قبل المنظمة اليهودية والتغطية على الأعداد الكبيرة للهجرة العكسية من داخل الكيان الصهيوني إلى خارجه .
لن نذهب بعيدا لمعرفة أعداد المهاجرين من داخل الكيان إلى خارجه دون عودة , فصحيفة “هآرتس” “الإسرائيلية” تكفلت بذلك إذ ذكرت في عددها الصادر أمس الثلاثاء أن عدد اليهود الذين غادروا “إسرائيل” عام 2015 فاق عدد الذين عادوا اليها مؤكدة أن قرابة 16700 “إسرائيلي” غادروا عام 2015م للعيش خارجها لفترة طويلة ، عاد منهم 8500 فقط بعد العيش في الخارج لمدة عام على الأقل .
وأضافت الصحيفة العبرية أن 720 ألف “إسرائيلي” غادروا إلى خارج البلاد ولم يعودوا إليها منذ الإعلان عن إقامة الكيان عام 1948 وحتى عام 2015م , مشيرة إلى أنه وفقا لتقديرات مراكز الإحصاء “الإسرائيلية” فإن ما بين 557-593 ألف “إسرائيلي” يعيشون خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وبما لا يشمل عدد الأطفال الذين ولدوا لهم أثناء وجودهم في الخارج .
التعليق الأبرز على تلك الأرقام والحقائق هو أن الكيان الصهيوني لا يملك في الحقيقة أسباب الاستمرار والبقاء , والسبب في ذلك واضح لكل مطلع على عوامل قيام الدول وأسباب بقائها واستمرارها , فما يسمى “إسرائيل” هو في الحقيقة كيان مصطنع ليس له جذور حقيقية على أرض فلسطين , ناهيك عن أن قيام ذلك الكيان كان على حساب اقتلاع شعب من أرضه بالقتل تارة وبالتهجير أخرى .
وعلى الرغم من الفترة الطويلة التي مرت على احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين و الضعف الذي تعاني منه الأمة العربية والإسلامية عموما منذ زمن , وقلة إمكانيات من يواجهون المحتل الغاصب في الأرض التي بارك الله حولها ……..إلا أن القاصي والداني بات يعلم أن مقاومة المحتل لم تتوقف , وأن الفلسطينيين و عموم المسلمين لن يتنازلوا عن أرضهم ومقدساتهم ……وهو ما يمكن اعتباره عاملا من عوامل هجرة اليهود العكسية عن أرض المسلمين .
ليست الهجرة العكسية وحدها التي تؤرق حكومة الاحتلال والمنظمات الصهيونية , بل هناك ما هو أخطر على بقائها واستمرارها الذي يعتمد بشكل واضح على القوة العسكرية , ألا وهو التهرب من أداء الخدمة العسكرية فضلا عن الأعمال القتالية .
فقد أظهرت دراسة أعدها جيش الاحتلال انخفاضا ملموسا في الحافز لدى الجنود للعمل في الخطوط القتالية , ونشر موقع “واي نت” العبري مضمون الدراسة التي تقول : غن العام الحالي شهد عزوفا نسبته 67% من المجندين الراغبين في الانخراط بالأدوار القتالية , وهو ما أثار قلقا لدى إدارة الجيش التي تعتبر هذه النسبة هي أدنى معدل بالنسبة لإحصائيات الجيش خلال عقد من الزمان حسب زعمها .
ووفقا للدراسة فإن سبب الانخفاض في الدرجة الأولى هو تآكل روح المحارب لدى الجنود ، إضافة إلى خوف عائلاتهم عليهم ؛ ما يدفعهم إلى تفضيل عمل أبنائهم في الوحدات التكنولوجية والإدارية ، مثل وحدة المخابرات العسكرية ووحدات إدارة خدمة الكمبيوتر وغيرها، وقد أخذ هذا الاتجاه يتزايد تدريجيا خلال السنوات الخمس الماضية .
لا شك أن روح ما يسمى “المحارب” ستبقى تتآكل لدى جنود الاحتلال الذين يقاتلون عن باطل وخرافة و وهم , بينما ستبقى تلك الروح تنمو وتزداد قوة لدى رجال المقاومة من الفلسطينيين والمسلمين الذين يقاومون عن حق وعقيدة ويقين .
(المصدر: موقع المسلم)