تعتبر إيران منطقة الخليج العربي هدفاً إستراتيجياً لها من الناحية الاقتصادية و الدينية و الجغرافية، باعتبارها نقطة مركزية في تحديد مصير السياسات العالمية , ولها تأثير فاعل على العالم الإسلامي، لذلك تحاول جاهدة محاصرة تلك المنطقة , وإضعافها سواء من خلال حروبها في اليمن أو إثارة الفوضى في البحرين أو شرق السعودية أو حتى الاستثمار في نشر التشيع السياسي في أفريقيا , وكل منطقة لها حدود مع منطقة الخليج العربي.
اليوم ولما تمثله مصر من ثقل سياسي و أمني و بشري بالنسبة للعالم السني فإنها أضحت هدفاً لحالة تصدير الثورة التي تحاول إيران إيصالها للعالم الإسلامي.
فقد أعلن في مصر مؤخراً أن مجلساً أعلى للشيعة يجري الإعداد لإنشائه ليكون بمثابة هيكل تنظيمي يتحدث باسم الشيعة في مصر.
صحيفة اليوم السابع نشرت تقريراً مفصلاً حول الأمر نقلت عن بعض المصادر بأنه سيكون منظمة اجتماعية خيرية.
ويقف خلف هذا المشروع مجموعة منهم , سالم الصباغ ومحمد الدريني , القيادي الشيعي مؤسس حركة آل البيت في مصر.
وينص الدستور المصري على عدم السماح بإنشاء أي كيانات لها توجهات دينية ، لكن الرهان الأكبر لإفشال هذا المشروع يبقى على مسيرة الوعي المصري.
يقول القيادي الشيعي محمود جابر إن فشل محاولات تأسيس حزب التحرير جعل البعض يفكر بإنشاء كيانات شيعية جديدة، مضيفاً بأن مثل هذه المشاريع ستفشل لأن الدولة المصرية في مزاج لا يسمح بكيانات مذهبية.
اللواء شكري الجندي عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب قال ” : “لا مكان للشيعة في مصر”، لكن على الأرجح فإن مقاله لا يمثل الانتهازية التي تتبعها السياسة الرسمية المصرية التي انحازت إلى جانب إيران في اليمن وسوريا و العراق على حساب المعركة السنية مع مليشيات الفرس. لكن تلك التصريحات قد تعبر عن قاعدة كبيرة من المصريين الرافضين لمنح إيران قاعدة لنشر فتنتها في المجتمع المصري الذي يتكون من غالبية سنية، بالإضافة إلى تيارات إسلامية ذات تأُثير كبير على عوام الناس.
علاء السعيد مؤسس ائتلاف الصحب وآل البيت يتهم القائمين على هذا المشروع بمحاولة الحصول على تمويل من الخارج، مؤكداً أن تلك التجمعات تقوم وأعينها على إيران والعراق.
صدرت مصر عقب ثورة يناير الكثير من النماذج المثيرة للسخرية في الإعلام، كان لشيعة مصر نصيب منها، ومثلهم في هذا الحقل سيدة تدعى باسم “رانيا العسال”، التي ترتدي ثياباً قريبة من الحجاب الإيراني وتذهب إلى بغداد لتهتف دفاعاً عن الحشد الشعبي , ولها حساباً على تويتر تهاجم أهل السنة فيه باستمرار دون أن تجد لها لجاماً. تقول” رانيا العسال”، «بالنيابة عن شيعة مصر لا مزايدة على ديننا، أو وطننا ولا نرفع علم سوى علمنا».
خلال الشهر الماضية أيضاً أطلق المطرب الشعبي المصري(شعبان عبد الرحيم) أغنية قبل شهور، دعماً لـلحشد الشعبي، وذلك بعد أن سبقه فنانون ومطربون مصريون , من بينهم الفنان محمود الجندي والفنانة حنان شوقي، لزيارة العراق أكثر من مرة، وارتداء ملابس الحشد الشعبي، وإعلان دعمهم له.
وعلى مستوى الرسمي تم تكريم هيئة إعلام الحشد الشعبي في العراق خلال مونديال القاهرة للفن والإعلام، كما سمح لشيعة مصر بافتتاح قنوات فضائية وكانت الباكورة بشركة (قمر بنى هاشم) المملوكة للقيادي الشيعي (محمد الدريني) قبل أن تنضم لها شركات جديدة منها (الطليعة) و(العترة) و(كايروسات)
مصطفى زايد منسق الائتلاف العام للطرق الصوفية يعتقد أن التشيع في مصر تشيع مادي وليس عقائدي أو مذهبي، والمقصود به ال(شو) الإعلامي. لكن الأزهر يرى أن في تصريح لوكيله عبّاس شومان، برفض تكفير الشيعة، واعتبرهم مسلمين مثل السنّة.
وبدأت بذرة التشيع تثمر في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي على يد كلّ من المستشار الدمرداش العقالي وهو سني تشيع , وهو من السبعينيات من القرن الماضي، وصالح الورداني , واعتنق المذهب الشيعي عام 1981، ومحمد الدريني الأمين العام للمجلس الأعلى لرعاية آل البيت، وأحمد راسم النفيس وهو طبيب وأستاذ جامعي وله مؤلفات في الفكر الشيعي، وحسن شحاته (تم قتله)، وكان خطيب مسجد كبري الجامعة. كما أن الدولة المصرية تستخدم التشيع كإحدى أدوات العمل السياسي لديها سواء على الصعيد الداخلي من خلال إحداث توازن في الصراع المذهبي و الديني الداخلي أو من خلال مواصلة ابتزاز أطراف في منطقة الخليج، وهذا ما أكده زيارات رسمية قامت بها شخصيات مصرية لإيران بالإضافة إلى ترحيب الأزهر الشديد بقبول التشيع في المجتمعات الإسلامية باعتباره إلى جانب السلم و السلام بعكس السلفية الذي يعتبرها منبع التطرف , ولعل ذلك ليس غريباً على الأزهر الذي يسيطر عليه قوى صوفية متطرفة. كذلك أظهرت المساحة الواسعة في الإعلام المصري والذي استثمرها أمثال إبراهيم عيسى والإعلامي محمود سعد للتنظير لدور الفاطميين في نهضة مصر والترويج لنظرية الأصول الشيعية للمجتمع المصري.