حضارتنا وجاهليتهم (١)
بقلم عبد المنعم اسماعيل
من أخطر ألاعيب الشيطان وصناع الجاهلية الغربية المعاصرة صناعة اليأس في قلوب وعقول الجماهير وذلك بعدة أمور:
– تجفيف أو سحب رصيد اليقين الموجود في قلوب المسلمين لتصوير جاهلية وبطش غربان النظام الدولي على أنهم يستطيعوا فعل أي شيء في هذا العالم الذي يخضع ظاهريا” لموازين القوة والبطش المادية . والتي هي جزء من قدر الله الكوني العام في الخلق.
ولكن دائما، يتدخل القرآن الكريم ليوصف موعد وحالة المؤمنين حين تنزل النصر عليهم حين قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110)} سورة يوسف .
وقع النصر للرسل حين تمكن الظن من قلوبهم بان خصومهم استكملوا اليقين في التكذيب لهم .
هنا وقع النصر للأنبياء والرسل، ومن كمال التوصيف للمشهد:
ملازمة الرسل وأتباعهم كل آليات القوة المنوطين بامتلاكها والتي في الغالب لم ولن تكون على التوازي من قوى الخصوم.
ويجب أن يكون هذا حالنا مع الغربيين الجاهليين لأن النصر حين يأتي أو يقع على المسلمين له طرفان: أصل وفرع.
▪︎ أصل النصر انه من عند الله
▪︎وفرع النصر قائما على بذل السببية لتحقيق هذا النصر لتكون بمثابة بذل الوسع في مدافعة الباطل العالمي.
وهذا ليس معناه عشوائية العمل الدعوي الوارث لمنهج الأنبياء وليس المنطلق من أهوائنا هنا وهناك.
بل يقتضي هذا الفرع العمل على وحدة الأصل، وهو الركون لله عز وجل وقبول التنوع في تحديد العمل بالوسائل التي يحددها كل فريق في تقييمه للواقع المعاصر.
وهنا شرط أساسي أن لا يحمله خلله في الوسيلة هدما” لأصل القصد عنده.
وهو أن هذا النصر لا يقع إلا بقدر الله.
وهذا ليس خروجا من معادلة النصر الحقيقية والتي تقوم على:
الجاهلية الغربية + وسائلها
وفي المقابل الأمة الإسلامية + وسائلها، وهنا تنتظر الأمة الإسلامية المخرجات وغالبا يكون النصر بإذن الله.
وحين يقع غير النصر باستمرار الاستضعاف أو البطش بالمسلمين أو السعي لتجريفهم من مقومات البقاء الكوني نذهب إلى محاولة فهم أطراف المعادلة أعلاه فربما نجد خللا” في احد أطرافها فتكتشف الأمة السبب ومن ثم لا عجب إذا” وتبقى فاعلية القرآن حاضرة في قلوب المسلمين لا تهتز حين تعرف سببية الانتكاسة وتذهب لعلاجها واليقين كل اليقين في عقد القلوب على الله سبحانه وتعالى.
تقييم أطراف المعادلة الظاهرة في الواقع المعاصر.
(الجاهلية الغربية الجبرية + وسائلها ) طرف أول
وفي المقابل كطرف ثان (الأمة الإسلامية+ وسائلها)
سؤالات حول أطراف المعادلة.
– ما مدى تحرير الصفاء في كلمة الأمة الإسلامية هل هي كذاك أم دخل بنيانها ما ليس منها ؟
وحين ننظر لهذه المسألة نتذكر منهجية علامة الزمان ومحدث العصر وحسنة الأيام فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ومدرسته السلفية القائمة على أمرين التصفية والتربية تصفية ما علق بالأمة الإسلامية من غيرها لأن هذا الأساس هو عائق النصر الأول.
لأنه كيف ينزل نصرا” على أمة ينتسب إليها مثالا” لا حصرا” من يطوف بالقبور أو يطعن بالصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
أو كيف ينزل نصرا” وفينا من يتحاكم إلى شرائع المخالفين له في الدين أو يصفق لمناهج التحريف في فهم الأسماء والصفات لله عز وجل.
فكم في المسلمين من يعتقد التأويل لأسماء الله وصفاته في واقعنا المعاصر؟!
فحين يقع تأخر النصر لابد أن نعود لرؤية الخلل على حقيقته، حتى لا نستهلك عقول وجهود المسلمين في غير زمانها أو مكانها.
والتي يعقبها دائما” الفشل لملازمة أصل المخالفة وربما المخالفة لفرع الوسيلة أيضا”.
– في الجاهلية الغربية كل وسائلها منها ولا عتاب عليهم فهذا هو الأساس الذي يقيمون بنيانهم عليه.
– وفي الإسلام والأمة الإسلامية، المفترض أن كل وسائلها منها حصرية على الإسلام قرآن أو سنة وهذا ليس تعقيدا “أو تشددا” بل حراسة” لكمال الدين وتمام الشريعة .
لأن المسلمين لا يعتقدون منهج الغاية تبرر الوسيلة مثل الجاهلية الغربية بشقيها الشرقي والغربي أو الرأسمالي والشيوعي العلماني أو غيره من الأسماء المحدثة والتي تحمل بين طياتها باطلا” خالصا” أو باطلا” به وسيلة من وسائل الحق.
وهنا تقع إشكالية معقدة جدا” حين تنظر للواقع فتجد: (الأمة الإسلامية + النزاع والفرقة ) طرف أول في مقابل، جاهلية الغرب + الاعتصام. طرف ثاني).
وهنا نلمح ملمحا “عجيبا” في رعاية صناعة النزاع بين المسلمين لتنصرف جهود المسلمين حول هدم جهودها، ومن ثم يقع في الواقع ما يشيب منه الولدان، حال حاكمية الجاهلية الغربية للواقع المعاصر.
ومما سبق من بيان في تقسيم هذه المعادلة يعود الفضل فيه للإمام بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله.
فهل نعي علم إدارة المفردات كما أسسها سادتنا الأصوليون استقامة منهم مع منهجية القرآن الكريم وعلوم السنة المطهرة في ملازمة منهم لقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
كما في قول الله عز وجل: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)} سورة البقرة .
يا الله ، بدل بنو إسرائيل في كلمة بل في حرف ، فوقع بهم ما وقع .
فكيف بحال أمتنا مع التبديل؟!
والحال يغني عن السؤال .
وهذا ليس صرفا” للجهود أو غرسا” للقنوط من رحمة الله بنا ووقوع النصر علينا .
ولكن لإعادة توجيهها في الواقع المعاصر حسب رؤية القواعد الشرعية في تحديد مدلول كل كلمة من كلمات القرآن الكريم والسنة المطهرة.
فحين نقوم بتجفيف مظاهر التبديل في حياتنا لما ورثناه من منهج حينها يكون النصر أو منع نزول الهزيمة من خلال وقوع الأمة في المجال القدري لسنة الاستبدال التي لا تتأخر ولا تتبدل وسبحان من بيده مفاتيح القلوب واليه تركن الجوارح تعبدا” وتعمل القلوب وهي على يقين من النصر الذي لا يتأخر فضلا” من الله ونعمة سبحانه وتعالى.
صلاة ربي على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)